عريبيا و الفوضى الخلاّقة

مصطلح الفوضى الخلاقة هو مصطلح أتحفتنا به الخالة ( كونداليزا رايس ) وزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة الأمريكية وهو مصطلح لأمر ما يوازي في نتائجه النهائية مصطلح ( كاشو ) عند شيبان لعبة البلوت المشهورة في دول الخليج العربي .
ولتبدأ الفوضى الخلاقة يجب ان يمر الناس في المنطقة المستهدفة ( الشرق الأوسط ) بعدة مراحل .. تبدأ بمرحلة الشحن النفسي تليها مرحلة التحريض ويعقبها مرحلة قلب الحقائق وتشويهها وصولاً لمرحلة قلب ( سحَلة الرأس ) وهي مرحلة متقدمة يعيشها المتأثرين بهذه الحملة الخلاقة كما يسمونها .

في مرحلة قلب أو ( فر ) سحلة الرأس هذه تختلط الأمور بشكل لا يصدق على المتابع العادي , فهو يجد الداعي لهذه الفوضى الخلاقة يعادي ويخاصم الأنظمة التي توالي الإمبريالية الأمريكية والغربيه بإسم الإسلام ومتذرعاً به , بينما يراه المتابع في نفس الوقت هذا الداعي للفوضى الخلاقة ( يستفزع ) بأمريكا والغرب لدعم الحرية المسلوبة وحقوق الانسان على حد زعمه .

كما يرى المتابع ايضاً منظمات ارهابية كالقاعدة مثلاً تمارس التجييش الطائفي بين السنة والشيعة وتحرض على قتل الشيعة وتقاتل في افغانستان بينما تستضيف إيران ( الشيعية ) أغلب قياداتهم منذ حادثة برجي التجارة العالمية وتؤمن لهم الملاذ الآمن في ايران او عند أذنابها الحوثيين في اليمن .

وعلى الجانب الآخر يرى نفس المتابع في أحداث سوريا الجيش الحر السوري وهو يقاتل جيش بشار الأسد بينما يتعرض هذا الجيش الحر للقتل والملاحقة من جماعات تدعي انها ضد جيش بشار وحزب الله ولكنها لا تقاتل سوى الجيش الحر أمثال داعش والنصرة .

وما يزيد الطين بلة على المتابع سماعه بعض الأخبار الاستخباراتية المؤكدة عن كون داعش مثلاً هي من تزود جيش بشار الأسد المدعوم من ايران وروسيا بالنفط المسروق من العراق ومن المناطق النفطية التي يسيطرون عليها مثل (دير الزور ) كما صرح بهذا وزير خارجية فرنسا ( فابيوس ) , وفي نفس الوقت يدعون " داعش" أنهم ضد ايران والمالكي في العراق وحزب الله في لبنان . بينما في واقع الأمر لم يسمع هذا المتابع المسكين عن اي عملية قامت بها داعش أو ماعش ضد ايران او حزب الله او حتى الأسد .. بل امعنت في تقديم صورة وحشية وسيئة للإسلام السمح من خلال نحر الابرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في مثل هذه الفوضى الخلاقة او الربيع الإسرائيلي الذي انكشفت اوراقة بحكم انها هي المستفيد الاوحد من مثل هذه الفوضى حولها مما يجد لها العذر لاحقاً في احتلال تلك المناطق لتأمين اسرائيل ويتحقق لها بشكل اسرع الحلم اليهودي (من النهر الى النهر).

أما ما يراه المتابع في شاشات الفضائيات فحدث ولا حرج , فهي لعبة التنظيمات الأقدم في عالمنا العربي والتي استمرأت ركوب أي موجة واستثمارها للوصول الى الحكم كجماعة الاخوان المسلمين كما حدث في مصر او تونس .

فمن خلال تلك الفضائيات كانوا يؤكدون للسذّج انهم وحدهم من سيقيم شرع الله اذا ما وصلوا للحكم !! وشاهدهم المتابع المندهش لاحقاً وهم يمددون تصاريح البارات والمراقص لثلاث سنوات في مصر و يوافقون على سن تشريعات تمنح اليهود الحق في ممارسة طقوسهم على الاراضي التونسية وغيرها كثير من المتناقضات !!

شخصياً لا اعتقد ان الخلل في هذه الجماعات التي صنعتها ومولتها وحركتها دول واستخبارات معادية بحكم انها تقدم لهم مصلحة تتعارض مع مصالح دولنا وشعوبنا , ولكني ارى الخلل في هذا المتابع الساذج الذي يرى كل هذه الأمور التي لم يفهمها ويظل مدافعاً عن فوضى كونداليزا كونها تقدم للمسلمين خدمة جليلة مفادها ( نحكمكم أو نقتلكم )

واقع الأمر يقول اننا ان لم نقف صفاً واحداً امام ما يحدث لأوطاننا و شعوبنا من اعتداء ممنهج بأيدي خونة كنا نحسبهم ابناؤنا وهم ألد الخصام , وان لم نأخذ على ايديهم لأنتهى أمرنا ولأصبحنا على ما سكتنا عنه نادمين.

أخيراً أدعوكم وأدعو نفسي لترديد دعاء سيدنا ابراهيم عليه السلام : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) صدق الله العظيم

فهد بن محمد السديري