بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعلم ما الذي دعاني لأمسك حاسبي وأدخل على كتابة هذا المقال , لعلّ حاجة في نفس يعقوب فيقضيها !
اليوم 28 من فبراير ويوافقه نفسه من ربيع الثاني , متمددة على سرير العافية بإذن الله المسجد يصدح صوته بصلاة العشاء وأذني تستمع لما تيسر من الذكر الحكيم , وبابنا يطرق من أحدهم لم ألقي له بالاً أختي ستقوم بمهمة ذلك.
قطعًا لم أفتح هذا المقال لكتابة هذا الحديث ولكن لعلها مقدمة مثل أي مقدمة رتيبة ! مع أني أحب التميز في أموري كلها واسألوا اختي عن ذلك : ) ولكن لا شيء يدوم.
استعذت بالله مرارًا وتكرارًا من مرض الفجأة , فما أقسى أن تكون في نعم عظيمة لم تلقي لها بالاً وفجأة تحرم منها ...
فقدي لمرارتي واستئصالها مني عنوةً بسبب تضخمها آلمني , ووضعت اللوم الأول عليّ بعد حمد الله عز وجل بما أصابني قال تعالى : ( فمَا أصابكُم مِن مصيبةٍ فبمَا كسَبت أيديكُم ويعفُو عَن كثِير ) فلم أعطي جسدي حقه أنهكته جدًا في الأعمال , وبالمنسابة حتى وإن قمتم بـأعمال تحبونها جدًا فالألم الجسدي والارهاق والانهاك واحد , انتم تكونوا سعداء نفسيًا ولكن جسدكم يئن تعبًا ويستجيدكم راحةً يستعيد فيها نشاطه.
صادف كتابتي لهذا المقال قراءة بريد وصلني عن الصحة النفسية والتي تنعكس حتمًا جسديًا وفي ذات الوقت عادت بي الذاكرة لسنوات الطفولة والعبارة الشهيرة " العقل السليم في الجسم السليم " اتذكر والدتي رحمها الله تقولها دائمًا عندما ترغمنا على طعام مفِيد ولكن نحن لا نراه كذلك !
ما أضعفه ابن آدم جرثومة مجهرية لا ترى بالعين المجردة وإذا بها تودي به قتيلاً !
قال الحسن البصري : ( مسكين ابن آدم محدود الأجل مكتوم الأمل مستور العلل يتكلم بلحم ويسمع بعظم وينظر بشحم أسير جوعة وصريع شبعة تؤذيه بقّة وتنتنه عرقة وتقتله شرقة لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا.ً )
غرتنَا النعم الخلقية والخُلقية , فلم نؤدي شكرها كما يحب الله ويرضاه , ننظر لنعم الآخرين التي في أيديهم ونقول لمَ لم يهبني ذاك ولمَ لم يرزقني هذا , وغفل عن أنه بالشكر تدوم وتزيد النعم !
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِه)النساء. إنه موقف نبع من عقدة ذاتية في نفوسهم من كل الطيبيّن الخيّرين الذين أتاهم الله من فضل الرسالة والرفعة والدرجة العالية في الحياة , إنهم لا يملكون الوصول إلى ذلك من خلال جهدهم لأنهم لا يريدون أن يتعبُوا أنفسهم أو يجاهدوا للوصول إلى ما وصل إليه الآخرون , بل كل ما عندهم أن يحصلوا على المجد من دون جهد وتعب أو معاناة !
( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ )الشورى.
فكل نعمة سوى الإيمان وحسن الخلق قد تكون بلاء في حقّ بعض الناس.
وكان أكثر دعائه صلّ الله عليه وسلم ( اللهم اسلل سخيمة قلبي ) نسأل الله سلامة الصدور.
وما أرحم الله بنا وبما ابتلانا به فقد جاء في الأثر : إن المبتلى إذا دُعيَ له " اللهم ارحمه " يقول الله سبحانه : كيف أرحمه من شيء به أرحمه !
قالت الدكتورة بنت الشاطئ: إن من تمام رحمة أرحم الراحمين تسليط أنواع البلاء على العبد ، فإنه أعلم بمصلحته ، فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته من رحمته به ، ولكن العبد لجهله وظلمه يتهم ربه بابتلائه ، ولا يعلم إحسانه إليه بابتلائه وامتحانه.
وقال ابن القيم : إن الله إذا أحب عبدًا حماه الدنيا وطيباتها وشهواتها كما يحمي أحدكم مريضه فهذا من تمام رحمته .
ومن فوائد المرض التي تمسح على قلبي ووجعي قرب الله من المريض , وهذا قرب خاص يقول الله " ابن آدم , عبدي فلان مرض فلم تعده ؟ أما لوعدته لوجدتني جنبه " رواه مسلم عن أبي هريرة.
أسأل الله الكريم الحليم وبقربه مني هذه الأيام أن يلبسني ثوب الصحة والعافية وكل مسلم مريض , وأن يعفوا عني وعنكم وأن يرزقكم ما تتمنون من خيريّ الدنيا والآخرة.
ختام هذا المقال الذي خرج من وسط الألم والوجع , لم أكتبه هباءً ولم استعرض فيه يوم من أيام حياتي , ولكن لي في ذلك مغزىً لن يفهمه إلا فطين.
وقدّ يكون سلوى لي ولكل مبتلى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منال بهاء ,,
مستشارة نفسية وأسرية
مدربة معتمدة في تطوير الذات ومهارات التفكير ومحفزة إيجابية
معدة البرنامج التأهيلي للمقبلات على الزواج ( درّة العرُوس )
بالتعاون مع مركز إيلاف للاستشارات
email: manal.bahaa87@gmail.com
twitter:@manal_bahaa[/RIGHT][/B]
تنبيه إداري
هذه الأخطاء تعيق اتمام العملية