الديمقراطية مفهوم راهي وراقي حسب ما أرى , فهي تقتضي احترام وإحتمال رأي الأغلبية .
وبما أن الأغلبية السكانية في الدول النامية هي من البزران والمراهقين , لذا وجب إحتمال بثارتهم وإحترام شطحاتهم حسب المفهوم الديمقراطي الراقي والراهي .. فهم الأغلبيه .
للأسف , لم يكن اباؤنا يحترمون تلك الديمقراطية ولا يلقون لها بالاً بسبب معرفتهم من خلال خبرتهم أن تلك الديمقراطية لا يستفيد منها الا البزران والمراهقين . وآباؤنا غير ملزمين ( على الأقل دولياً ) بتطبيقها في اي منحى من مناحى الحياة الإجتماعية . لذلك كانت الدكتاتورية المطلقة هي المعتمدة مع الأغلبية البثره .
اتذكر وأنا صغير وعندما يجتمع الكبار ليتحدثوا في أمور وأحداث مهمة وعلوم رجال وقصائد من عيون الشعر العربي والشعبي ويقرر أحدنا ( من البزران ) أن يشارك فجأه بقصيدة على غرار ( طاق طاق طاقيه ) أو ( أرنب نط ) كان يقال له (إقطع وإخس ) .
كنا نشعر حينها بالقهر وبالكرامة المهدرة رغم وضوح كلمة إقطع عندنا وغموض كلمة إخس في وقتها . وكنا ( ننطم ) ونستمع بحنق لعلوم الرجال وخبراتهم التي أكتسبوها في عشرات السنين والمئات من التجارب لتعلق في أذهاننا مرتبطة بقهر ( إقطع و إخس ) .
اليوم .. وبعد أربعين عاما من تجربتي الشخصية المطعمة بمنهج ( أقطع وأخس ) , أرى ويرى جيلي الذين تخرجوا مثلي من معاهد ومدارس ( أقطع وأخس ) المتعددة في وقتنا , وبحكم القهر والكرامة المنسكبة إرتأينا أن الديمقراطية مع الابناء هي الحل بما أننا ما زلنا من الدول النامية والاغلبيه مازالت للبزران والمراهقين وعلينا إحتمال وإحترام بثارتهم .
فأصبحنا نحن من يستمع من منطلق تلك الديمقراطية لما يقولونه من علوم بزران واغاني هابطه ومرقعه لا يعلم بها الا الله , ونحن من يستفيد من خبراتهم العظيمة في البلاي ستيشن والايبود والايباد وما شابه , وعلينا ان نحتمل كل تلك التفاهات بحكم اننا اصبحنا ديمقراطيين معتبرين .
جيلي .. جيل أقطع واخس .. اليوم هم مثقفي البلاد واطباؤها ومهندسيها العظماء ورجال اعمالها الناجحون والمشهود لهم دوليا .. قد يكونوا كذلك لأنهم استفادوا من خبرات اباؤهم وتجاربهم من خلال سياسة اقطع واخس الدكتاتورية .
أما جيل ابنائي .. فلم يأخذ منا أي شيء ولم نستفد نحن كذلك من خبراتهم لأننا كبرنا على مثل تلك الامور .
ما أود حقيقة معرفته هو :
بعد عشرين عاما من اليوم وعندما يتحمل أبناؤنا المسؤلية وقد نشأوا على ديمقراطية يحسدون عليها حتى من الغرب , هل سيكون منهم الطبيب البارع والمهندس النابغه والمثقف الواعي والعالم الكيميائي ومن سينفع دينه وبلاده ؟
نحن افضل وقد نشأنا على ( أقطع وأخس )؟ ام هم أفضل وقد نشأوا على وش تقول يابابا ما سمعتك زين ؟
لم يخرج من جيلي مخترع لأي شيء يفيد البشرية بشكل مباشر .. يمكن الدكتاتورية السبب .. فهل سيخرج من جيلهم مخترع يفيد البشرية كان يخترعوا مثلا جهاز يخلي الريموت حق التلفزيون يطير ويجيك اذا ناديته , او اكتشاف مصل مستخرج من القرع العارضي يشفي من العنقز وابو الوجيه أو حتى المشق بما اننا على ابواب الشتاء !!
لمعرفة الاجابة :
علينا الصبر والانتظار عشرين عاماً لنحكم بشكل عادل على اي النظامين هو الانجع والأنجح لإعتماده مع الأجيال القادمة ما دامت الاغلبية هم البزران والمراهقين ..
والله يعطينا ويعطيكم طولة العمر ونعيش ونشوف ( والذي في القدرُ تظهره الملاس !! )
ملاحظة مهمة : هذه المقالة كتبتها قبل عدة سنوات وسبق نشرها في مجلة فواصل وأعيد نشرها قصداً للتأكيد بأن خلال تلك الفترة لم يتغير أي شيء .
وسامحوني !!
تنبيه إداري
هذه الأخطاء تعيق اتمام العملية