• جمهورية مصر اللبنانية



    زرت لبنان قبل عامين لحضور معرض الكتاب ، وسألت لبنانيا عن ما تغير بعد حرب تموز ٢٠٠٦، وهجوم حزب الله على مناطق الدروز في الجبل والسنه في غرب بيروت آيار 2008 على المستوى الإنساني ، فأجابني بعفوية : لم نكن نعرف علي من جورج !، واليوم أصبح أي شخص قبل أن نتحدث معه نسأله عن هويته، كما لم نعهد من قبل كلبنانيين، حتى في الحرب الأهلية.

    في مصر اليوم وفي مخاض الإستفتاء على الدستور، تسمع قصص من شاكلة أن أخوين يمتلكان محلا في وسط البلد، أحدهما مؤيد للإخوان والآخر معارض، وصلا حدا من التضاد أنهما اتفقا على أن يدير المحل أحدهما صباحا ، والآخر مساء حتى لا يلتقيان معا.
    وتسمع من تجمعات ليبراليه بأنها خاطبت ليبرالي متعاطف مع الإخوان المسلمين، بأنه غير مرحب به معهم، وبالطبع ينطبق ذلك على تجمعات للإسلام السياسي، وصولا إلى عادل إمام الذي يخاطبه إبن بنته المتزوجة من إبن المرشد السابق للإخوان المسلمين، قائلا له : جدي هل أنت مسلم ؟؟

    الموضوع في مصر أبعد من التصويت ب"موافق" أو "غير موافق" على مسودة الدستور، الموضوع تعدى مسألة الخوف من أخونة الدولة أو تعطيل الفلول للإنتقال الديموقراطي وتفعيل مؤسسات الدولة، الواقع يشهد إستقطابا، بل سمه إنقساما ينخر وحدة الأسرة المصرية، كمكون أساس للمجتمع المصري.
    الدستور رغم كل الجدل حوله يظل حوار نخبة، أما التوافق المجتمعي فيظل هو المحك للسلام الأهلي ، الناس يهمها الإقتصاد و العيش المستقر، وقد لا يعنيها كثيرا النظام برلمانيا كانت أو رئاسيا، الناس يعنيها رزق أوفر وعلاج أفضل و تعليم أمثل ،بعيدا عن كل المماحكات السياسية، ولكن بعض المديرين لشئون البلاد يغفلون نواقيس الخطر، لحروب أهلية وإنقسامات شعبية قد تعد على مرأى العين.

    بعيدا عن المواربه أجد أن السبب الرئيسي لهذا الإنقسام في المجتمع المصري، هو الخطاب السياسي بلغة دينية، على شاكلة الفسطاطين الشهيرة لبن لادن، فالمصوت بنعم في الجنه والمصوت بلا في النار، وهي لغة استخدمات في الإستفتائين السابقين وفي إنتخابات الرئاسة، والخطير في هذة الممارسات أنها تشبه ما كان يحصل في السودان من حزب البشير.

    وقد يعتقد الكثيرون أن الربيع العربي هو أهم التغييرات التي حصلت في المنطقة العربية خلال الفترة الماضية، مغفلين أن التقسيم الذي حصل في السودان هو أخطر من ذلك بكثير، ففي جنوب السودان اليوم دوله ستتحول إلى دينيه كدولة مسيحيين، حليفها وداعمها الأول في المنطقة هو إسرائيل، وشمالها دولة مسلمين يحكمها الإخوان.

    اليوم الشعارات التي يخاطب فيها الإخوان المسلمين "الحاكمون" في مصر، هي لغة شبيهه، وخذ تصريحات صفوت حجازي أو البلتاجي أو العريان، وستجدهم جميعا يرددون "فلول أو مسيحين"، حين يتكلمون عن من توجهوا بمسيرات لللإتحادية، أو من يرفضون الدستور، وكل من يعارضهم.

    ومما تقدم نستشعر خطر قادم لمصر لا قدر الله، مع وجود عدو متربص شمالا، وسلاح منتشر أتى أغلبه من ليبيا، ووجود هذا الإحتقان والإستقطاب، الذي قد يؤدي لتقسيم مصر كما في حالة السودان، أو لبننه مصر على طريقة 8 آذار و 14 آذار، ولن يمنع ذلك الخطر إلا صعود صوت الحكمه، وخفوت صوت التخوين، وتنقية خطاب السياسة من الدين.
    هذه المقالة نشرت أصلا في المدونة : جمهورية مصر اللبنانية كتبت بواسطة aAltrairi
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام