• حقوق المرأة .. وادعاءات الرجل


    A G مقالات
    بين فترة وأخرى تتعالى أصوات ذكورية متباعدة ومتقاربة متنافرة ومتحدة متّزنة ومتطرّفة مطالبة كلها بما يدعونه ( حقوق المرأة في مجتمعنا السعودي ) وتنطلق هذه الأصوات في جلّها وفق استيراد تجاربٍ مرتبكة على الرغم من كونها لمجتمعات أكثر انفتاحًا وأسبق تشكّلا لمجتمعنا الذي تميز دائما بخصوصيته وإيمان الشريحة الأعظم منه بهذه الخصوصية .

    فلو أخذنا على سبيل المثال المطالبين بقيادة المرأة للسيارة وسألناهم من منكم قام باستبيان خاص برأي المرأة في قيادتها للسيارة ؟ ربما قليلون جدا وكانت النتائج فيها دائما مخيّبةً لما يدعون له ، فجل نسائنا يحببن التمتّع بـ ( البرستيج ) أو أحد الأقارب كالأب أو الأخ أو الزوج مثلا لأشباع الشعور بالآمان والحماية , عوضا عن مشاق الطريق وتهور الشباب فيه وغير ذلك .

    على الرغم من أنني أطالب وبشدة أن تكون هناك مدارس قيادة خاصة بالمرأة لأكتسابها كمهارة , للحاجة الماسّة و الظروف الطارئة , فمن حقها أن تتعلمها أسوة بأخيها الذكر الذي باتت تشاطره تعلم كل العلوم و المهارات ، لكنني ككثر غيري أسعد باهتمام الرجل بي وتخصيصه لسائق خاص بي أو قيامه هو بمهام تنقلي لقضاء حاجياتي أو الذهاب لعملي وغير ذلك .

    كان هذا نموذجا لإحدى المزاعم الذكورية الفضفاضة والمتسلقة للشهرة عن طريق حقوق المرأة ، وكم تمنيت كغيري لو أن تلك الجهود المشكوك في نواياها تكرّست لإخراج المرأة من دائرة ( الشُبهة ) الدائمة التي التصقت بها جراء تراكمات جاهلية أدت بها إلى أن تكون مُدانة دائما في نظر المجتمع ، فخطؤها العملي في وظيفة ما مثلا .. يوصمها بأنها ( غير شريفة ) الاتهام الذي يجعلها ترتمي على قارعة أعين تتغذى عليها الشائعات , متجاوزاً الخطأ أوالآمانة المهنية ليمس سمعتها وشرفها الأخلاقي ، بينما لو حدث ذات الخطأ مع الرجل لما تعدّى هذا الاتهام سوء سلوك في مهنته ولا يتأثر بنفس قدرها , ولا يصبح أسيرا للهموم نفسها , ولن تشغل من حوله هذه القضية بمنتهى الجدية التي عوملت بها , لذا اضطرارها للتعامل مع الرجل وفق ظروف عملية أوطبية , جرأة ستدان بها ، ومطالبتها باحترام المجتمع لها تمرد سيشنقها عليه ألف لسانٍ , ويقذفها بالتهم ألف قائل وهكذا .

    إن حقيقة الأنثى المتهمة في مجتمعتنا والتي الحّت عليّ بالظهور الأول لكم غير ما توقعتموه مني كشاعرة أو قاصة كانت أكبر من الشعر ، وأهم من القصة حينما أعدكم بهما في قادم الأعداد ، فهي قضية لا أدعيها لكنني في المقابل لايمكن أن تتاح لي فرصة طرحها فأتقاعس عنها .

    هي قضية وعي عام بكرامة المرأة المسلمة والتعايش معها وفق رؤيا عصرية لاتجرّدها من حيائها ، ولا تقذف بها لهامش الحياة ، بل تحفظ لها كرامتها وتأخذ بها إلى عالم اليوم وفق خصوصيتها الاجتماعية من جهة وقدراتها العصرية من جهة أخرى ، وهذه المسافة الواقعة بينهما هي ما تحتاجه المرأة من المطالبين بحقوقها لا أن تجعلها وسيلة رخيصة للشهرة وادعاء المدنيّة وتسلّق الحضور على كتف قضاياها التي تظل هي الأولى بها دائما

    نوف بنت محمد الثنيان
    Twitter Account: @Noouf_M
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام