• ماذا تحتاج من الميزانيه ؟


    بقلم جلال الشنبري
    ربما تكون الحاجه الأكثر إتصالاً بالإنسان، وبما أن الإنسان يدوم بدون ملل, يبتغي لنفسه محبوباتها المباحه، ويكدَح لِيُبلِّغ أهله حاجاتهم الضروريه، ويَستغيث قُدراته أن توسِّع حجمها لتستوعب كل أمر أساسي، فإن الحاجه تُجدِّد إثارتها في قلب الإنسان الذي تتحرك نبضاته في مراد الحاجه، لا تعيا في طلبها النفس إلا إذا فارقت الإنسان روحه، لِيُبصِر حياته وقد أصبح جمالها مَعْقود على الظفر بأي حاجه، كلما نَفِذت، إِستزاد بحاجه جديده، لكي يعيش أفضل حياه ويَضُم أسعد نفس ويكتسب أجمل سلوك،ولأن الحاجه لا تَفْتَأ تَستحِث الإنسان بأن ينالها بما يمتلك من عقل مُدبِّر ونَفْس طَمُوحه، فَإِنه يغضب سريعاً ويعاف الدنيا طويلاً ويهمل واجباته كثيراً ويلوذ بالجريمه حلاً سريعاً، مَنْ يعجز يَلبِّي لنفسه مِمَّا تطفح به الدنيا بحاجات أساسيه، وهو بالعين يشاهد وبالقلب يَتعلَّق وبالعُنق يتطاول، لكنه صاحب يد صغيره لاتقطف كل حاجه، و
    وسيله غير كفء, لاتُثمِر أي مرغوب، وعقبه تَحُول عن أي منشود.

    الميزانيه نعمه من الله، عَظَمتُها تَلْحظُه، كونها تَفُوق كمية ميزانية عدة دول مجتمعه، جَودتُها تَلمَسُه، حينما المرافق الحكوميه كبعض الوزارات والجامعات وغيرها، تُطَوِّر عملها، وفق نصيبها المالي التي تستحقه، المُقدَّم إليها من الميزانيه، أهميتُها تُدرِكُه،على صعيد الرواتب الشهريه، الصادره من الميزانيه،والمُودَعَه في حسابات الموظفين والموظفات البنكيه،تُجَازِيهم به الدوله،على مُهِمَّتهم المهنيه، ثَروَتُهَا تَلمَحُه، من الرقم التي تَهَبه الميزانيه، يَصعَد إلى الأعلى، كل سنه تتََفوَّق على السنه التي قبلها بظخامة المبلغ الذي يُدِرْهُ علينا البترول وبقية المصادر المختلفه، تَتَغيَّر فئة الأعداد سنوياً، من المليون إلى المليار إلى الترليون، تأتي كل سنه جديده، تُغازِلنا بميزانيه تتقاطع مع حاجتنا الماسه، حينما تَتَفخَّم قيمتها، أَجْزَل مِن أختها السابقه، مَزِيَّتُها يُؤكِّدُه التبرُّع المالي الذي تَحْسِمه الدوله من الميزانيه، مُؤازَرَه منها إلى دول تَسعَى إلى إِنارة موقعها من ظلمة الفقر والحرب والفيضانات، مَدَدْ مالي لايبخس من قيمة الميزانيه بمقدار يسير يَخِل بوظيفتها الأصليه لأنها ميزانيه طيبه، تُحْكِم إتمام أي مشروع محلي ودولي، كلما بذلت للغير، كلما نمى فيها الخير.

    الميزانيه سوف تَطُل علينا بعد أيام قليله، في شتَّى المجالات، السعوديون محتاجون، في المجال الوظيفي، لَمْ تشمل خطة القضاء على البطاله جميع السعوديين العاطلين إلى الآن، والميزانيه هي الركيزه الأساسيه القادره بإذن الله أن توفِّر لكل عاطل وظيفه على قدر الشهاده، متى ما أَعْجَب المسؤولون بأن يأخذ العاطل حقه المفروض من الميزانيه، عن الكفاح الذي تّصدَّى له في جميع المراحل الدراسيه، في المجال الصحي، لايزال تّذّمُّر المواطنين، من تقصير المستشفيات، مُسْتَعِر، بأن تحاصر المرضى بالسلامه، في فصول مأساويه، يُمَثِّل الطبيب خصماً للمريض،كأن يُخَيَّل إليه من حالة المريض المرضيه، أن المريض ما جاء إلى المستشفى سوى لِيُعرقِل الطبيب صحة المريض عن التَّجمُّل، يُفاقِم من نسبة الداء حتى الممات، خِلاف أن يُخرِجُه من المستشفى بأفضل من حالته التي دَخلَ بها بدواء شافي بإذن الله،وحال المستشفيات الرديء ،يُبرهِن ،مِن واجبات المسؤولين، أن يُنصِّبوا الميزانيه، تضع المستشفيات في مستوى ممتاز في الأداء، يَثِق فيها المرضى، لَمَّا يَفطِن المسؤولون بأهمية قَدْر المستشفيات، و جودة الأجهزه الطبيه، و إِتاحة الأَسِرَّه، و منزلة حياة المريض في الإسلام، ما يُجبِرهُم أن شيئاً من هذا لن يتحقًّق إلا بِضَخ مبلغ كبير جداً من أجله، وحماية المبلغ من الإختلاس، في المجال العقاري، مساحة الأراضي أكبر من نسبة عدد الشعب السعودي، الذي يفتقر إلى حيازة سكن أكثر من نصف الشعب، بالميزانيه نستطيع أن نبني وحدات سكنيه فاخره ونجعل كل مواطن ينام في بيته الخاص، ولا مفر من البناء، لِحَل مُعضِلَة السكن،إلى حل آخر غير قَيِّم.

    الميزانيه ترفع وتخفض، ترفع من ولاء الشعب لوطن ، عندما يجمع المسؤولون كافة الشعب السعودي، يتناولون الميزانيه من مائده واحده، فيها من كل صنف أَجودُه، وتخفض من حب الشعب لوطنه عندما يَقسِم المسؤولون للشعب من فضلات المائده التي يحتكر لذيذها بطون المسؤولين،الميزانيه تُصلِح وتُفسِد، تُصلِح من هيئة الشعب النفسيه، لِيَفْدِي بجهده و عَطائِه للوطن، يختار لوطنه أفضل ما يختار لنفسه، يُقِيم نفسه حصن منيع لوطنه ضد الأعداء إذا ينهل الشعب من نهر الميزانيه حتى يرتوي،متى ماشاء، وتُفسد من تربية الشعب الإيمانيه، يهرب من الحاجه والفقر إلى أي سبيل يُغنيه عن حقه من الميزانيه المسلوب ولو أن يبيع مخدرات، إذا أغلق المسؤولون مجرى النهر دون الوصول إلى فوه الشعب، الذي يصل إليه قطره واحده فقط من ثُقب صغير,حتى قدوم ميزانيه جديده,في عام جديد.

    الشعب السعودي، يسمع للميزانيه أرقاماً عاليه بإنتاج خجول،و يَبقَى على جحود قسطه من الميزانيه، تَوَّاق إلى ضمير مسؤول، يميل بالكفه المملوءه بالمال إلى منفعة الشعب قبل دول خارجيه، وإذا لن يحظى الشعب السعودي من الميزانيه بِثَمن يُوثِّق إنتماؤه و يُكرِم خاطره ويَسُد حاجته، فَمَثَل الإعلان عن قيمة الميزانيه كَمَثَل سمكه تقفز إلى اليابسه، كلاهما يَتَعذَّب، عذاب السمكه من الجفاف وعذاب الشعب من الحسره.


    جلال الشنبري
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام