• المتوترون



    إبراهيم الوافي

    أحيانا أسأل مرآتي ساخرا.. من قال إن الرصاصة التي تخترق الصدر ظالمة دائمًا بينما كانت تبحث فقط عن أفقٍ حر تنطلق فيه، لماذا لا نتهم الصدر باعتراضه لها ولو مرّة واحدة كي تقيد الجريمة ضد مقتول..!

    بالفعل في هذا العصر المتسارع مادةً والمتثاقل تأمّلا لاشيء نحبه كي نكره سواه ولا شيء ننتظرة كي نضجر حينما يتأخَّر، والحروف التي تنقلب على أعقابها بملاءات فاضحة، وخطواتٍ مسبوقة لن تشكل يومًا إلا قاموسا للعصافير المرتبكة بحريّة الفضاء..

    الكتابة ذاتها فعل إنساني متكامل.. تحتاج منا إلى تربية وجدانية شاملة على مستوى الروح والعقل معا.. وأعتقد أننا وبعد هذا الركام من التواريخ والسنن الأدبية بحاجة ماسة إلى (عمل تربوي جمعي) لخلق نص مؤثر..

    فاللغة هي ذاكرتنا العربية، والإنسان في مراحله المختلفة وعبر كل اللغات جعل من الفن المكتوب رافدًا هاما في عملية البحث عن الحقيقة في ظل المعطيات الإنسانية التي يقدمها الدين والعلم والفلسفة.. فالدين يقدم لنا دائما حلا غيبيا من خلاله نستشعر الحياة الأخرى أي مابعد الموت..

    والعلم يقدم لنا حلولا تجريبية والفلسفة تقدم لنا حلولا عقلية.. وبالتالي يقدم لنا الفن المكتوب حلولا وجدانية.. كغيره من الفنون، هذه الرسالة أو المسؤولية الملقاة على عاتق الكتابة تحتاج إلى جهد ثقافي وعلمي كبير.. بالطبع مع وجود الموهبة..

    وأعني بالموهبة الاستشعار الوجداني العام للحياة، وتغذيته بأدوات ثقافية وعلمية متنوعة، وبالتالي يتناسب العطاء الإبداعي طرديا مع هذه المعطيات..

    ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدًا (تويتر) التفاعلي، حيث اللغة المكبسلة في مائة وأربعين حرفا تحمل رؤية لا تتحمّل الشرح والتفسير كما تتحمّل التأويل، وبالتالي تنطلق الكلمة المحشوّة رؤيا بضغطة زرٍ واحدة وبحروف محدودة وفي إطار لحظة لايمكن توقعها أو التهيئة لها أو حتى مجادلتها حينها، وهي ما يفسّر تحديدًا الارتفاع الملحوظ في قضايا الرأي العام على كل المستويات الثقافية أو الفكرية أو ألأخلاقية أو العقائدية، أقول مع انتشار (التويتر) في وسطنا الاجتماعي ظهرت هذه اللحظة المنفلتة على شكل فعل صغير أولا يكبر ككرة الثلج بردة الفعل تجاهه فضلا عن انتشار الحسابات المزوّرة أو الاختراقات، وفي يقيني أنها أكبر المخاطر التي تواجه هذه الوسيلة المدهشة، أعود إلى المتوترين الذين تأخذهم لحظاتهم إليها غالبا في تفكيرهم، ابتهالاتهم، تمردهم، نقدهم، تفاهاتهم، لأشير إلى أن عفويتهم مسؤولة هي الأخرى، وغناؤهم صدى غالبا وعليهم اختيار لحظتهم بما يتواءم مع اهتمام متابعيهم، فالكلمة المسؤولة لا تنتظر تفسيرا أو تبريرا تؤخذ كدهشةٍ أحيانا وكذنب في أحايين أخرى
    تعليقات 2 تعليقات
    1. الصورة الرمزية الخاصة بـ خالد الشرعبي
      أحرف رائعه
    1. الصورة الرمزية الخاصة بـ زائر
      زائر -
      متألق ورائع .
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام