• التحكيم عاطفة موقوتة ..!


    إبراهيم الوافي
    أخطاء التحكيم جزء من اللعبة .. هذه المقولة العقلانية التي تطلّ برأسها آمنة مطمئنة في حالات الانتصار .. لاتلبث أن تلقى التعنيف والحنق منها في حالة الخسارة ، على الرغم من أنها حقيقة دامغة ومقبولة في كثير من الأحيان .. لكننا نتعامل في كرة القدم مع فعل عاطفي تتحكم فيه الأهواء والميول وتنقلب فيه المواقف رأسا على عقب بين مباراة وأخرى فالمدافعون عن أخطاء الحكم حينما تستفيد أهواءهم وميولهم منها هم أولئك الثائرون عليه حينما تتضرّر فرقهم من أخطاء مشابهة .. وتتبدل المواقف والأماكن بصورة مفزعة مستفزّة أحيانا بين مباراة وأخرى ...

    والحقيقة أننا مهما حاولنا التعامل مع هذه الحقيقة لنا أو علينا لايمكن التسليم بها يقينا أيا كانت الثقافات والتاريخ الرياضي المجتمعي .. فالاحتجاج والتشكيك بالحكم واقع في المجتمعات البدائية كما هو واقع في المجتمعات المتحضّرة ومرد ذلك حساسية الدور الذي يقوم به الحكم في تحديد المتفوق حين تقوم اللعبة أصلا على فوز الفريق الأقل أخطاء فيها ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة مجموعة أخطاء اللاعبين بخطأ حكم واحد في تاريخ اللعبة ...

    إذن نحن أمام قضية لاتنتهي جعلت من التحكيم في لعبة كرة القدم عاطفة موقوتة لايمكن التغافل عنها أو تمرير أخطاء الحكم في كل مرة تحت ذريعة أن أخطاءه جزء من اللعبة .. لأن استسهال هذه الحقيقة وإشاعتها لن توقف هذا الاحتجاج وهذا الصراخ وهذا التباين المفزع في المواقف من قبل الإعلاميين والمسؤولين والمشغولين باللعبة ...

    لدينا هنا وعبر جولات ثلاث مرت من عمر دوري هذا العام أخطاء تحكيمية كوارثية جيّرت نتائج لفرق دون أخرى وأقصت بعض اللاعبين عن مباراة لاحقة بحجة الإيقاف وكثرت الأصوات والاحتجاجات وجاء ت نتائج اجتماع لجنة الحكام خالية من معاقبة حكمٍ ثبُت خطؤه بحجّة أن كل تلك الأخطاء كانت جزءًا من اللعبة ...

    بودّنا أن نستسلم لهذه الحقيقة ونتعامل معها كما تتعامل لجنة الحكام .. لكن مصيبتنا أننا أمام معضلة كبيرة فنحن أمام لجنة تمثل الخصم والحكم معا .. وحتى اللجان الأخرى ذات العلاقة كلها لجان متفرّعة منها وتدين لها إما بالتاريخ وإما بالعلاقات الاجتماعية والعملية ولهذا لن نستسلم لقراراتها حين تدافع عن حكامها بضراوة وتحاول تبرير أخطائها بأنها جزء من اللعبة وهو أمر مشروع لها بلا شك .. لكننا لن نتوقف عن التشكيك وعن ترديد فكرة المؤامرة وعن مشروعية استفادة فريق دون آخر من تلك الأخطاء ...

    إذن ما الحل بعد كل هذا ؟

    الحل هو ضرورة وجود محكمة رياضية مستقلة تفصل في القضايا المعلقة بين اللجنة والأندية وحتى لاتقرر أنديتنا في بعض الأحيان اللجوء الى الفيفا كما حدث من قبل حينما ساهم تقرير حكم المباراة في حسم نقاط من فريق الوحدة عادت به للدرجة الأولى وضجت الساحة الرياضية حينها بين مؤيد على استحياء ومحتج في العلن .. وهي وإن كانت قضية لاتتعلق بالتحكيم بشكل مباشر إلا أنها قامت في الأصل على تقرير حكم المباراة ... وتربّت على يديه ...

    إن وجود محكمة رياضية قادرة على إصدار عقوبات واضحة ومعلنة على حكم المباراة حينما يخطئ من شأنها ليس فقط الرفع من مستوى الحكم لدينا بل القضاء ولو بشكل عقلاني على ظاهرة الاحتجاج المستمر من التحكيم حينما لاتنتهي القضية بحدثها غالبا بل نعود بها بين حين وآخر إلى تواريخ وأخطاء سابقة لتكون في آخر الأمر حجة معلّبة محفوظة لهزيمة آنية أو أخطاء متكررة أو حتى للتشكيك في أحقية بطولات هذا الفريق أو ذاك ..

    وللحديث بقية دائما ...

    شاعر رياضي
    إبراهيم الوافي
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام