• علماء يسعون لسبر أغوار الأعشاب البحرية المفيدة في تخزين الكربون


    A G على مبعدة مئات الكيلومترات من أقرب شاطئ تتراقص أوراق خضراء أشبه بالشرائط في تيارات المحيط التي تتحرك عبر هضبة جبلية تحت سطح الماء تعادل مساحتها مساحة سويسرا.

    تتهادى كاميرا يتم التحكم فيها عن بعد على صفحة المياه الفيروزية تحت أشعة الشمس في ذلك الركن النائي بغرب المحيط الهندي لتسجل لقطات نادرة لما يعتقد العلماء أنها أكبر غابة من أعشاب البحر في العالم.

    ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن النشاط البشري يسهم في تدمير ما يعادل مساحة ملعب لكرة القدم من هذه الأعشاب كل 30 دقيقة في مختلف أنحاء العالم.

    ويتحرك العلماء الآن بسرعة لرصد وتسجيل ما تبقى منها.

    قال جويليم رولاندز الخبير بجامعة أكسفورد في مراقبة الأرض "الجوانب المجهولة كثيرة، حتى أمور مثل حجم أعشاب البحر الموجودة".

    وأضاف رولاندز، الذي يساعد حكومة سيشل في رسم خريطة لأعشاب البحر بالبلاد وتقدير مخزونها الكربوني، "إذا نظرت إلى بيانات خرائط أعشاب البحر ستجد ثغرات هائلة" فيما يعرفه البشر.

    وتقول دراسة نشرت عام 2012 في مجلة نيتشر جيوساينس إن الأعشاب البحرية تلعب دورا كبيرا في تنظيم البيئة بالمحيطات وتخزن من ثاني أكسيد الكربون المسبب لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض مثلي ما يمكن أن تخزنه الغابات على الأرض.

    ويمكن للدول التي تأمل أن تحقق نتائج إيجابية بخفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون أن تحسب أعشابها البحرية وما تخزنه من كربون في خطوة أولى لاعتماد مقدار ما تخفضه من انبعاثات من أجل تداوله في نهاية الأمر في السوق المفتوحة.

    وتعمل الأعشاب أيضا على تقليل حموضة المياه المحيطة بها وهي وظيفة لها أهمية خاصة لأن المحيط يمتص قدرا أكبر من ثاني أكسيد الكربون من الجو ويصبح أكثر حموضة.

    غير أن الأعشاب البحرية توفر حماية من الحموضة التي يمكن أن تدمر قواقع تعيش فيها كائنات بحرية وتحدث اضطرابا في سلوك الأسماك.

    وفي دراسة نشرت في 31 مارس آذار بمجلة جلوبل تشينج بيولوجي توصل علماء بجامعة كاليفورنيا ديفيز إلى أن أعشاب البحر المنتشرة على امتداد ساحل كاليفورنيا يمكن أن تقلل الحموضة المحلية بنسبة تصل إلى 30 في المئة لفترات طويلة.

    وقالت أورورا ريكارت التي قادت فريق العمل في هذه الدراسة إن النباتات تسهم أيضا في تطهير المياه الملوثة وتدعيم مصايد الأسماك وحماية الشواطيء من التآكل كما أنها تحتجز القطع البلاستيكية الدقيقة.

    وأضافت "والألطف من ذلك أن هذه البيئات موجودة في كل مكان".

    والبيانات المتعلقة بغابات الأعشاب البحرية مليئة بالثغرات غير أن ما أجري من أبحاث حتى الآن يقدر أن الأعشاب تغطي أكثر من 300 ألف كيلومتر مربع موزعة على جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية وذلك وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وتعادل هذه المساحة مساحة إيطاليا.

    ويشير أحدث حصر لأعشاب البحر في دراسة نشرت عام 2009 ضمن تقارير الأكاديمية الوطنية للعلوم إلى أن من المعتقد أن غابات أعشاب البحر تنكمش بنحو سبعة في المئة سنويا على مستوى العالم. وتقول الدراسة إن هذا التقدير مبني على البيانات غير الكاملة التي كانت متاحة آنذاك.

    أما المناطق التي حظيت بدراسات أوفى فتبرهن على الضرر الذي يمكن أن يحدثه النشاط البشري.

    فقد جاء في دراسة نشرت في الرابع من مارس آذار في نشرة (فرونتيرز إن بلانت ساينس) أن التلوث الناجم عن التعدين والضرر الذي تتسبب فيه المصايد ربما يكون قد ساعد في القضاء على 92 في المئة من الأعشاب البحرية حول بريطانيا خلال أكثر من قرن.

    وتقول الدراسة إنه لو كانت هذه المناطق لا تزال على حالها لأمكنها استيعاب حوالي 400 مليون سمكة وتخزين ما يصل إلى 11.5 مليون طن من الكربون أي ما يعادل ثلاثة في المئة من انبعاثات بريطانيا الكربونية في 2017.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام