• المغرب يعتزم إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من الجزائر


    أكد رئيس الوزراء المغربي، سعد الدين العثماني، عزم بلاده المضي قدما في إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود الجزائرية.

    وأضدر العثماني، مرسوما يقضي بتخصيص قطعة أرض في إقليم جرادة الذي يبعد عن الحدود الجزائرية 53 كيلومترا، بهدف إنشاء قاعدة عسكرية خاصة بالقوات المسلحة الملكية.

    وملكية الأرض التي ستبنى عليها القاعدة، حولت بالفعل من سلطات حراسة الغابات إلى الدولة قصد تخصيصها لبناء القاعدة، وفقا لما جاء في المرسوم رقم 2.20.337 الصادر في العدد 6884 من الجريدة الرسمية، بحسب تقرير نشره موقع ”هيسبرس“.

    ومن المتوقع أن تزيد هذه الخطوة من حدة التوتر القائم بين البلدين، الذي تعود جذوره لعدة ملفات تاريخية، أهمها ملف الصحراء الغربية.
    ويأتي مرسوم العثماني، بعد أيام من تلاسن بين مسؤولي البلدين على خلفية تصريحات وصف فيها القنصل المغربي المغربي في وهران الجزائر بـ“العدو“.

    مناورات وتسلّح

    ويعتقد محللون جزائريون أن الخطوة المغربية قد تكون ردا على آخر تمرين عسكري بالذخيرة الحية لقوات الجيش الجزائري في منطقة تندوف القريبة من المغرب، بشعار ”الوفاء بالعهد“.

    وقال قائد أركان الجيش الجزائري، اللواء سعيد شنقريحة، إن هذه المناورات العسكرية ”تأتي في إطار تقييم المرحلة الثانية من برنامج التحضير القتالي لسنة 2019 /2020“. وبث التلفزيون الجزائري صورا، تبين مشاركة دبابات مدرعة وطائرات حربية في التمرين المسمى ”الوفاء بالعهد“، الذي يندرج في إطار تقييم المرحلة الثانية من برنامج التحضير القتالي لسنة 2019-2020 حسب السلطات الجزائرية.

    كما لوحظ في السنوات الأخيرة إقبالا متزايدا على التسلح من الجانبين.
    وأبرز خلاف بين البلدين الجارين يتمثل في دعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تنازع المغرب على الصحراء الغربية ،وتعتبره محتلا لها ، في الوقت الذي ترى المملكة أن الصحراء جزءا لا يتجزأ من أراضها ، وقضيتها الوطنية الأولى.

    وما زاد من تعقيد هذا الملف، تأكيد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في أول تصريح له بعد انتخابه رئيسا للبلاد، أن موقفه من قضية الصحراء الغربية ثابت، كما وجه رسائل واضحة للمغرب بأنه لا ينوي إجراء أي تغيير في العلاقات القائمة بينهما.

    تراشق إعلامي

    ويأتي ذلك بالتزامن مع معركة إعلامية اشتعلت بين الجزائر والمغرب، عبر وكالتي الأنباء الرسميتين، وسط توقعات بتصعيد جديد في علاقات البلدين.

    واتهمت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، الثلاثاء الماضي، النظام المغربي ”بالتحالف مع اللوبي الصهيوني في البرلمان الأوروبي لإطلاق حملات دنيئة ضد الجزائر“.

    وأشار المنبر الإعلامي الجزائري إلى ما وصفه بـ“مزاعم 7 نواب أوروبيين هم: رفائيل غلوكسمان، وبرنار غيتا، وسليمة ينبو من فرنسا؛ وحنه نيومان من ألمانيا، وماريا أرينا من بلجيكا، وتيناك ستريك من هولندا، وهايدي أوتالا من فنلندا“.

    وأتى هذا ”الهجوم“ ردًّا على وكالة الأنباء المغربية الرسمية التي كتبت، أن“البرلمان الأوروبي يطالب بتدخل عاجل من الاتحاد الأوروبي لوضع حد للقمع في الجزائر“.

    وأوردت أن ”المغرب اختار أن يتوجه صوب إسرائيل، لإطلاق حملاته الدنيئة ضد جارته الشرقية“، بينما أشارت وسائل إعلام أخرى إلى تعيين 10 وزراء من أصول مغربية في الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

    ولاحقًا، ردت وكالة الأنباء المغربية، أن هذه الاتهامات ”تفسر التحامل على المغرب ومؤسساته، ومحاولة لتصريف الأزمة الداخلية التي باتت تعيشها الجزائر جراء تأزم اقتصادها، كما تعبر عن اليأس المقلق لمسيري البلاد“.

    وقبل ذلك عاش البلدان على وقع تراشق سياسي وإعلامي بسبب اتهامات وجهها وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة، في اجتماع مجموعة الاتصال لدول عدم الانحياز، بقوله: ”إن دولة مجاورة تواصل تغذية الانفصال بالرغم من الظروف الاستثنائية الحالية، وتحويل موارد ساكنتها لفائدة مبادرات تروم زعزعة الاستقرار الإقليمي“.

    الرد الجزائري

    لم تعلق السلطات الجزائرية على خطوة إنشاء القاعدة العسكرية، التي وصفها الإعلام المحلي بـ“المستفزة“ من طرف النظام المغربي.
    وقالت الأكاديمية الجزائرية مريم حمرارس، إن المسعى المغربي الجديد يظل شأنًا داخليًّا يخص البلد المجاور، وهو ما لن تعلق عليه الحكومة الجزائرية، لكن طرحه في هذا الظرف بالذات يعكس توجهًا ملكيًّا نحو التصعيد.
    وأضافت حمرارس في تصريح لـ“إرم نيوز“ أن ”الخطوة المغربية مرتبطة بمستجدات الساحة السياسية في الجزائر، ولاسيما م ايتعلق بتعديلات دستورية تجيز-لأول مرة- للجيش بالمشاركة في عمليات عسكرية خارج البلاد“.

    وطرحت الرئاسة الجزائرية مشروعا جديدا لتعديل دستور الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ويقترح في صيغته الأولية، إشتراك الجزائر في عمليات حفظ سلام بالخارج ”في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية؛ وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها أن تشترك في عمليات حفظ سلام في الخارج“.

    واعتبرت الباحثة في الشؤون المغاربية مريم حمرارس، أن الجزائر تتجه بثباتٍ في عهد تبون إلى ”استعادة مكانتها لريادة القارة الأفريقية ومنطقة المغرب العربي، عبر لعب أدوارها التاريخية في حلحلة النزاعات الإقليمية، ومن ذلك الأزمة الليبية والقضية الصحراوية (أطول نزاع في أفريقيا)“.

    وتبرز أن منابر مغربية ظلت تعبر عن مخاوف رسمية من التغييرات التي تشهدها الجزائر، موضحةً أن ”بنية النظام السياسي وفق الدستور الجزائري لا تحمل طابعا توسّعيًا، خلافا لدول أخرى لا تعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار والتي جرى ترسيمها من طرف الأمم المتحدة“؛ في إشارة إلى المغرب.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام