• ترحلين يا حصة ..لتذبُل الحياة


    للكاتبة نوف بنت محمد الثنيان ثَمة اُناس خُلقوا لنحُبهم بصدق ..وأنتِ كذلك ياحصة ..

    برغم أننا لم نلتقِ كثيراً منذ زمن ..إلاّ أن عليّ أن اعترف بأن قلبي أصبح أكثر ضعفاً وأقل احتمالاً أمام كل من أحببتهم وأحبّوني بدون قيد أو شرط ..

    وعليّ أن اعترف ايضاً أنه في رحيلك تركتِ أثراً عميقاً .. وفراغاً كبيراً لن يشغلهُ غيرك ..

    يكفي أن أستعيد ملامح زمنك الجميل لتعلمي أنك نقية دائماً ولا تشبهين إلاّ أنتِ ..

    في فضاءاتنا المكتظّة بالتناقض.. أدركت ضوءك .. فِبرحيلك ياحصة .. ينسدل زمان الصدق والعفوية التي وجدتها مختزلة في أحاديثك الصافية دائماً , فهي المرآة التي تعكس روحك, البعيدة عن التهكم والسخرية من الآخرين .. البعيدة عن العدوانية وسوء الظن والفوقية والأقنعة والرياء والتصنّع , وودودة حتى في نبرة صوتك ولطفك الشديد دون غيرك من المحيطين.. فمن مِثلكِ .. عُمرٌ نبيل وعشرة طيبّة ..
    في وقتٍ شحّ فيه الإحساس بالآخر وافتراض حسن النية والود الصادق وإبداء الرأي المخلص المغلّف بكل الأدب الجم والاحترام المتبادل والتهذيب الذي نطمح له في العلاقات الإنسانية ..

    ومضات عابرة تستدعيها الذاكرة من صور بعيدة للطفولة .. وقريبة لمواقف قد لايلتفت لها البعض وقد لايكترث بها غيري ولكنها تعنيني كثيراً لأنها معكِ ..

    استحضر صورة حيّة .. لاحتفاءك يوماً بابنك سلطان( حفظه الله )الذي يتفق الجميع على محبته, عندما عاد من إحدى إجازاته الدراسية ، وأمسكتِ بي بيدٍ من حرص .. لأحتفي به دون غيري بأحد الاجتماعات العائلية .. احتضنته بعينك الفرِحة .. وشغف قلب الأم الحنون.. التي تبتسم بفرح حجم الكون لاستشعارها نبضات الصدق فينا ..

    حمّلتِني على أثرها ياغالية ..عظيم الامتنان لله شكراً أن أكون بهذا القرب .. كما كنتِ قريبة لي دائماً ..

    يشهد الله لقد دعوت الله له كثيرا بكل ماتتمنينه وأكثر.. لأجلك ياغالية أولاً .. ثمَ لأجله ..
    وفي ذات الليلة , أبديتِ الإعجاب بمقالة كتبتُها نُشرت في أحدى الصحف المحلية .. رثاء لوالدتنا الغالية (سلمى) رحمها الله ..وحاولتِ بكل النقاء الذي يسكنك والعفوية والشفافية التي تملكين , وبكل وسائل الإطراء أن تصفين لي انطباعاتك عن دقة التعبيرفي الوصف والأختصار التي وصلت لقلبك بسلاسة ومدى ملامستها مشاعرك..

    لم أتخيل يوماً بعدها .. وقريباً ..أن أرثيك ياشقيقة الروح .. ، ولا اعتراض على قضاء الله فكما نعزّي أنفسنا بكِ ، نعزّيها أيضاً بأننا على هذا الدرب سائرون ..على أمل من الله سبحانه وتعالى أن نحصد سيرة عطرة كالتي تركتها لنا , وعبق من الذاكرة الزكية المحملّة بكل الخصال النبيلة ..

    وبرغم كل هذا الزخم من المشاعر وجدت أنني لم استطع أن أخفف عنّي..بل وأُدرك أني لم أكتب جزء مما تستحقين .. ولا عن كمّ الحزن الذي يملأ القلب .. والدموع التي تختزل كل شريط الذكريات الجميلة التي جمعتنا في الطفولة من روابط الأخوّة والبوح النقي والحُب الخالص المخلص لكِ يا ابنة العم الحبيبة..

    إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن و إنا على فراقك يا( حصة) لمحزونون
    ولا نملك إلاّ الدعاء الذي سيكون رفيقنا مع كل صلاة ..
    فلكِ في القلب مكاناً عُلياً ..

    (اللهم إني أسألك يا حنّان يا منّان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل أختي (حصة) من الذين أحسنوا واستبشروا ..

    ولا نقول غير ماقال الله سبحانه وتعالى : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام