• بوتفليقة من منفاه الإماراتي إلى رئيس مريض يحبه الجيش!


    بقلم : يوسف علاونة ولد عبدالعزيز بوتفليقة عام 1937 في مدينة وجدة المغربية وهو من أصول أمازيغية (بربرية) ومن قلة قليلة باقية من مجاهدي الثورة الجزائرية - ثورة المليون ونصف المليون شهيد - والتي أسفرت عن تحرير الجزائر رغم أنف الكولونيالية الفرنسية الدموية، وقد رأس (جبهة التحرير الوطني) عام 1999.

    وكنقطة بدء لمسيرته صار بوتفليقة في عام 1962 عضوا في أول مجلس تأسيسي للجزائر، ثم تولى وزارة الشباب والرياضة والسياحة وهو بعد في سن الخامسة والعشرين، وفي عام 1963 عين وزيراً للخارجية، وانتخبه مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني عام 1964 عضوا في اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي (الحزب الوحيد الحاكم في البلاد).

    وشارك بوتفليقة عام 1965 في الانقلاب الذي قاده هواري بومدين ضد الرئيس أحمد بن بلة، بل هو كان سبب الانقلاب المباشر، وصار عضوا في مجلس قيادة الثورة برئاسة بومدين، وعرف الانقلاب رسميا باسم (التصحيح الثوري) وتولى فيه بوتفليقة مسؤولية السياسة الخارجية للجزائر لفترة طويلة، وعرف في حينه بتوجهات يمينية تفضل علاقات متوازنة مع الشرق والغرب.

    وعند وفاة بومدين تلا شخصيا على الشعب عبر التلفزيون بيان الوفاة الرسمي، لكنه اعتبر رجل مرحلة انقضت وخسر دوره ونفوذه ثم غادر الجزائر عام 1981 واتهم بعدة عمليات اختلاس بين عامي 1965 - 1978، وصدر أمر قضائي بتوقيفه وأثير حينها ارتباطه بفساد بالملايين، ثم أسدل الستار على القضية. وفي عام 1986 أصدر الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد العفو عنه حيث كان يقيم في أبوظبي، لكنه لم يعد إلى الجزائر إلا في يناير 1987 حيث عاد ليكون من موقعي وثيقة الـ 18 التي تلت أحداث 5 أكتوبر 1988 ثم شارك في مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني في عام 1989 وانتخب عضوا في لجنتها المركزية.

    وقد أدت إقامة بوتفليقة (الصامتة) في الإمارات إلى خفوت اسمه، حتى تم في ديسمبر 1998 تقديمه مدعوما من العسكريين كمرشح حر، وقبل يوم من إجراء الانتخابات إنسحب المرشحون المنافسين له من جيله وهم: "حسين آيت أحمد ومولود حمروش ومقداد سيفي وأحمد طالب الإبراهيمي وعبد الله جاب الله ويوسف الخطيب".

    وقد تعرض بوتفليقة للمرض إثر جلطة دماغية حيث نقل إلى مستشفى فال دو غراس العسكري الفرنسي في أبريل 2013 ثم نقل إلى مصحة ليزانفاليد بباريس، ثم عاد إلى الجزائر يوم 17 يوليو 2013 على كرسي متحرك مما زاد الجدل حول قدرته على تولي مهام الحكم في البلد ودفع وضعه الصحي للمطالبة بإعلان شغور منصبه.

    وينتمي بوتفليقة إلى ما سمي ب (مجموعة وجدة) من ثورة الجزائر وهم قادة كانوا يقيمون في المغرب وأبرزهم عبد العزيز بوتفليقة وهواري بومدين وعلي كافي وسي مبروك ومصطفى بن عودة وبن علي ومحمد راوي ومستغانمي أحمد والسفير لعلا ومحمد بوداود وغيرهم ممن اختلطت أسماؤهم الرسمية والمستعارة.

    ووقع تصادم بين هذه المجموعة والرئيس الفعلي الأول للجزائر (أحمد بن بلة) فلما عزم هذه الأخير على عزل بوتفليقة من منصبه قاد بومدين انقلابا عسكريا سيطر فيه على الرئاسة وحدد إقامة بن بلة لتبدأ المرحلة البومدينية من حكم الجزائر.

    وقد تقاطع حكم جبهة التحرير الوطني الجزائرية مع طموحات الإسلاميين بتحويل الجزائر إلى دولة إسلامية بقيادة الداعية الأكبر لهذا وهو عباسي مدني الذي أعلن هذا الهدف منذ 1982 وأسس في أكتوبر 1988 الجبهة الإسلامية للإنقاذ مع علي بلحاج وهاشمي سحنوني وغيرهما ممن جاؤوا من خلفية (جماعة الإخوان).

    وفي يونيو 1990م قاد مدني (جبهة الإنقاذ) إلى نجاح انتخابي مثير حيث فازت بالأغلبية في مجالس البلديات والولايات في أول اقتراع تعددي تشهده الجزائر منذ استقلالها وألقي القبض عليه بأمر من الجنرال توفيق مدين وبموافقة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد عام 1991 الذي أمر بحظر نشاط الجبهة.

    لكن الجبهة فازت بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية عام 1991 وأسفر إلغاء الانتخابات من جانب الجيش عن موجة عنف سقط فيها أكثر من مئة ألف قتيل حسب حصيلة رسمية وعام 1992 حكم على مدني بالسجن 12 سنة ليطلق سراحه عام 1997 ووضع قيد الإقامة الجبرية حتى 2004 وهو يعيش حاليا في قطر.

    مما سبق نخلص إلى التالي: - أن الجزائر في حاجة لتجديد الدماء دون المرور بالفوضى التي أصابت بالنكبة بلادا عربية عديدة. - أن منظومات الحكم العسكري في حاجة إلى عقلنة دور الجيش ومحاربة الفساد. وأن البلاد العربية في حاجة للحرية من أجل البناء والتعمير وليس تزاحم المبادئ وتناطح الأحزاب.

    *يوسف علاونه*
    twitter: @Yusefalwa
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام