• قنوات (الإخوان) من تركيا اردوغان!


    بقلم : يوسف علاونة استمع في كل ليلة لفقرات وأنتاف مما تبثه قنوات تابعة لمعارضين ومحرضين مصريين يقفون ضد بلادهم في صورة سافرة، مع علم وبيان مطلق بأن هذه القنوات مقرها تركيا وتحظى برعايتها وتمويلها، باعتبار أن البث الفضائي ليس عملا خيريا وإنما باهظ الكلفة ماديا!.

    وينال المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وغيرهما نصيب من إساءات هذه القنوات، وبما يتضمن المساس برموزها وقياداتها، والتشكيك في خياراتها وسياساتها مما يندرج دون التباس تحت عناوين العداوة والتدخل في الشؤون الداخلية والتحريض على عدم الاستقرار وقصد الأذى!.

    ومع استغراب سكوت السعودية والإمارات وغيرهما من الدول العربية ومثلها مصر على هذا الموقف التركي السافر، والدهشة من عدم المعاملة بالمثل .. من الغريب أيضا استمرار وجود علاقات دبلوماسية كاملة مع تركيا فضلا عن المبادلات التجارية وغير ذلك من عناوين وسبل العلاقات الجارية معها!.

    وبفرض من الواجب إثارته والتلويح به.. ماذا لو أن الدول العربية المعنية وأولها مصر احتضنت ورعت قنوات فضائية تبث من أراضيها باللغة التركية أو الكردية لتعارض النظام القائم في تركيا وتدعو إلى إسقاطه وتغييره بشتى الوسائل السلمية، كونه نظاما لا يمثل مصالح الشعوب التركية!؟. هل سيمثل هذا حينذاك واقعا سليما يمكن البناء عليه لقيام علاقات متينة طيبة تجمع هذه البلدان المؤمنة بعقيدة واحدة!؟ وجوار جغرافي ثابت!؟ ومصالح وعلائق مشتركة لا يمكن فصل عراها!؟ وتطلعات وآمال طالما جمعها التاريخ ولو مزقتها أهواء السياسة!؟.

    ما الذي تريده تركيا من هذه السياسة التخريبية!؟ وهل من المألوف ارتكاز سياسة أي بلد على قاعدة تغيير النظام القائم والدعوة إلى نظام آخر غيره!؟.

    إن مصر التي تتعرض لهذا التدخل (السياإعلامي) التركي، دولة يحظى نظامها باعتراف وتقدير مجمل المجتمع الدولي، وتركيا نفسها تعترف رسميا به!.. وما هو قائم في مصر نظام يحظى بتأييد شعبي جارف، وإن كان يتضمن شكلا من تدخل جيشها الوطني فهو أمر جرى مثله في تركيا!.. وإذا كان في مصر معتقلون سياسيون فعدد أمثالهم في تركيا أضعاف مضاعفة!.. وإذا كان المعارضون المصريون يؤمنون بوطن مصري كما هو فمعارضو تركيا يريدون الانفصال!.

    وحتى من باب الافتراض بأن النظام (السابق) في مصر كان أقرب إلى تركيا، فهل من حق تركيا أن تفرض على مصر نظاما على مقاسها هي حتى تتعامل معه، فإذا اختارت مصر كدولة كاملة السيادة سواه كان من حق تركيا أن لا ترضى وتدعم محاولات تغييره!؟ إن هذا مدهش حقا!.

    إن ما تقف عليه السياسة التركية من أرضية لهذا السلوك العدواني خطير، ولا يمكن اعتباره منهجا صحيحا للسلوك في العلاقات الدولية، وإذا ما أصبح قاعدة سلوك مقابل بمنطق المعاملة بالمثل فهذا معناه فتح أبواب وإطلاق عنان فوضى شاملة تعم المنطقة، ولا يمكن تصور آثارها المدمرة!.

    هنا لا بد من ملاحظة أنه إذا كانت تركيا بضع وسبعمئة ألف كيلو متر مربع فمصر مليون كيلو متر مربع والسعودية ضعف ذلك!.. وإذا كانت تركيا 70 مليون نسمة فمصر 100 مليون نسمة!.. وإذا كانت تركيا في الأصل إقطاعا منحه العرب للسلاجقة القادمين من آسيا الوسطى فعمر المصريين بأرضهم 7000 سنة!.. وإذا كانت الدولة العثمانية حكمت مصر كولاية تابعة فقبل ذلك كان الترك في مصر مماليك لأسيادهم العرب، وهم لم ينالوا شرعيتهم إلا عندما قال الفقهاء بأن من الواجب بيعهم في السوق!.. وإذا كان ما تفعله تركيا شرعية أسلامية فالذي أوصل الإسلام للترك هم العرب ومنهم أهل مصر خير أجناد الأرض!.

    نحن في الخلاصة لا نرى في سلوك الترك غير إصرار على تخريب بلاد العرب باعتبار أن ذلك السبيل الوحيد لعودة التفوق التركي ليكون ذلك رديفا للسياسة الإيرانية المجوسية التي لا تستند على شيء غير الحقد والانتقام من العرب والرغبة المجنونة بزوالهم، ليلتحق بذلك عملاء وجواسيس موغلون بالوضاعة!.. والحكم الأخير (الإيغال بالوضاعة) هو التوصيف الوحيد الذي ينطبق على القنوات التي تبث من تركيا وكل من يدعمها ويظهر لها التأييد، فأي دعوة لتخريب بلد انطلاقا من بلد آخر له غرضية السيطرة بعد الأذى لا يمكن أن تكون سياسة أو رأيا وإعلاما، وإنما هي محض وضاعة وسفالة وخيانة مطلقة.

    *يوسف علاونه*
    twitter: @Yusefalwa
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام