• مكتبة عصرية كبرى في هلسنكي احتفالا بمئوية استقلال فنلندا


    المصور: فيسا مويلانن

    A G أي هدية للبلد ذي نسبة الأمية الأدنى في العالم لمناسبة المئوية الأولى لاستقلاله أفضل من المكتبة؟ فقد بات لفنلندا أخيرا صرح ثقافي مركزي عصري للغاية لعشاق المطالعة في العاصمة هلسنكي بهدف الترويج لقيم المعرفة والمساواة.
    هذه المكتبة التي وُضع تصميمها قبل عقدين وافتتحت قبل أيام قليلة تشكل تتويجا لعام من الاحتفالات لمناسبة ذكرى مرور مئة عام على إعلان استقلال هذا البلد الاسكندينافي عن روسيا.
    ويتباين هذا الصرح الضخم من الخشب والزجاج في وسط العاصمة هلسنكي مع المبنى المتواضع لمقر البرلمان. وهو من تصميم مكتب "إيه أل إيه" المحلي للهندسة ومغطى بمئة وستين كيلومترا من نبتة التنوب الشوحي الفنلندي.
    وسمي هذا المقر "أودي" ("نشيد" باللغة الفنلندية) وهو يرمي للترويج لقيم التعلم والمعرفة والمساواة في البلد الذي صنفته دراسة لجامعة أميركية قبل عامين بأنه أفضل بلدان العالم على صعيد نسب محو الأمية، استنادا إلى إحصائيات رسمية.
    وقد كان إنجاز بناء هذا الموقع الضخم مهمة أصعب وأطول من المتوقع في ظل الظروف المناخية القاسية في البلاد.
    وتضم المكتبة مئة ألف نسخة لكتب متاحة للعموم.
    غير أن الموقع لا يستهدف فقط هواة القراءة إذ يضم أيضا استديوهات للتسجيل الموسيقي وقاعات لتوليف الأفلام وصالة سينما وطابعات بالأبعاد الثلاثة، وكلها متاحة مجانا للزوار.
    ويقول مسؤول الثقافة والترفيه في بلدية هلسنكي تومي لايتيو لوكالة فرانس برس إن "+أودي+ تعطي فكرة معاصرة عن المعنى الحقيقي لكلمة مكتبة".
    ويضيف "هذه دار أدبية لكنها أيضا دار للنكنولوجيا والموسيقى والسينما وللاتحاد الأوروبي. وأظن أن هذا كله مجتمعا يسير بالتلازم مع فكرة الأمل والتقدم".
    - روبوتات لنقل الكتب -
    ومن أبرز مؤشرات هذا التقدم هناك أفواج الروبوتات المكلفة نقل الكتب في المبنى. وهي تتنقل بخفة كبيرة في داخل المصاعد وخارجها متجنبة الاصطدام بالأشخاص والأثاث لحمل الكتب إلى الرفوف المناسبة حيث يتولى طاقم العمل البشري مهمة ترتيبها.
    وبحسب مصممي الموقع، فإن هذه الروبوتات المكتبية تستخدم للمرة الأولى في العالم في داخل مكتبة عامة.
    وستصبح الروبوتات مشهدا مألوفا للزوار المتوقع توافدهم إلى المكتبة والمقدرة أعدادهم بعشرة آلاف شخص يوميا.
    وتقول المسؤولة عن مكتبات هلسنكي كاتري فانتينن مازحة "لا أعلم إذا كان تسمية (الروبوتات) +هذا الشيء+ لأني لا أعلم ما إذا كان الناس سيجدون اسما لهذا الأمر الذي يتجول في المبنى".
    وتضم مكتبة "أودي" مناطق مخصصة للراغبين في المذاكرة بهدوء، لكن لن يسود الصمت على باقي أنحاء هذا الصرح، حتى أن الضجيج والفوضى سيكونان مستحبين بشدة في قاعة ما يسمى الـ"نيردز" وهو مكان مخصص لهواة الابتكار والإبداع.
    وسيتمكن زوار القاعة من صنع قطع واستعارة آلات موسيقية وتمضية الوقت في ألعاب الفيديو.
    وتوضح فانتينن "نحن مستعدون للنقاش باستمرار مع المستخدمين وطاقم العمل لمعرفة السلوك المرغوب به في المكتبة، لكن هذا المكان سيكون حتما للضجيج والأنشطة الارتجالية من شتى الأنواع".
    - أسعد بلدان العالم -
    وقد سارت فنلندا عكس التيار السائد في غير مكان حول العالم لإغلاق المكتبات، ودعمت هذا المشروع البالغة تكلفته 98 مليون يورو، وهو مبلغ كبير في بلد تعتمد سلطاته منذ سنوات سياسة تقشفية قاسية.
    وفي هذا البلد الذي يعد 5,5 ملايين نسمة وصاحب مركز الصدارة على قائمة الأمم المتحدة لأفضل بلدان العالم على مؤشر السعادة في 2018، تتم سنويا استعارة 68 مليون كتاب.
    ويقول لايتيو "مكتبات هلسنكي باتت ثاني الخدمات العامة الأفضل تصنيفا بعد مياه الشفة".
    ويضيف "المكتبات تحظى بتقدير كبير في فنلندا. وإذا ما نظرت إلى هذا المشروع وهو استثمار بقيمة مئة مليون يورو، فإن نسبة الاعتراضات كانت معدومة أو ضئيلة. الناس في الحقيقة يشعرون بالسعادة والفخر".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام