• طلاب المعاهد التجارية في الصين بين أفكار ماركس وتطبيقات الاقتصاد الغربي


    المصور: وانغ جاو

    A G بعد ظهر يوم شتاء مشمس يتباحث طلاب جامعيون في سؤال معروض على شاشة أمامهم: كيف تزيدون الإنتاجية لتحقيق الأهداف المحددة إذا كان العمال ينفذون إضراباً من أجل زيادة أجورهم؟ نحن في كلية الأعمال حيث يتعلم الطلاب كيف يكونون جزءاً من الإدارة لكن مع لمسات صينية.
    في الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر من العام 1978، خطا الحزب الشيوعي الحاكم أولى خطوات التحوّل الذي جعل البلد في مدة وجيزة ثاني قوّة اقتصادية في العالم.
    ومع أن الصين محكومة رسميا بالفكر الشيوعي الماركسي، لكن ذلك لم يحل دون ظهور آلاف الشركات الكبرى فيها وتدفّق الاستثمارات من الخارج، بالتزامن مع إنشاء مدارس تجارية تخرّج منها جيل من المدراء القادرين على مواكبة التحوّل.
    ويقول ماو جي عميد كلية التجارة في جامعة بكين "قبل أربعين عاما لم يكن مُتصوّراً وجود مدرسة للتجارة".
    أما اليوم، فينتشر في عموم أرجاء الصين حوالى 300 مدرسة من هذا النوع.
    وتقدّم كلية التجارة في جامعة بكين نفسها على أنها أول معهد منح شهادات الماجستير في إدارة الأعمال في الصين، ويدرس الطلاب في هذه المرحلة تقنيات الإدارة الحديثة بما يحاكي نمط التدريس الأميركي لهذه المعارف والمهارات.
    لكن هذه الدروس تتكيّف مع ما ينبغي على الطلاب فهمه من تعقيدات بيئة الأعمال في الصين.
    ويقول لي تانغي وهو تلميذ في السنة الثانية "نحن نلقى تشجيعا حقيقيا لنوسّع ابتكارنا (في مجال تطبيق النظريات الاقتصادية)، لأن السوق اليوم متنوّع على نحو واسع وآخذ في التغيّر المستمر".
    - بروليتاريا وأثرياء -
    يدخل إلى قسم الدراسات العليا في الكلية ألف تلميذ سنويا، من بينهم مئة أجنبي يسعون لفهم الظروف الخاصة للسوق في الصين، وكيف يمكن تطبيق النظرية الاقتصادية الغربية في هذا البلد الشيوعي، بحسب ماو جي.
    ومن بين عوامل الخصوصية المحلية للسوق الصيني أن المؤسسات العامة ما زالت تسيطر على قطاعات كبرى من الاقتصاد، وهي موروثة من عهد ماو تسي تونغ (1949-1976).
    ولذا فإن تعامل رجال الأعمال مع القطاع العام هو أمر لا بدّ منه، لذا يحافظون على علاقاتهم العائلية وعلاقاتهم مع السلطة للحفاظ على مصالحهم، وخصوصا في ظل الفساد المستشري.
    في هذا البلد الذي يحكم بالشيوعية، يعيش أكثر من 600 ملياردير، أي أكثر مما هو العدد في الولايات المتحدة، وظلّ هذا الرقم آخذ في الازدياد العام الماضي، بحسب تقرر نشر في تشرين الأول/أكتوبر.
    وبذلك، تتسع الهوة أكثر فأكثر بين أثرى الأثرياء وبين جمهور الفقراء (البروليتاريا) الذين يُفترض نظرياً أنهم هم من يقودون البلد، أو تسيّر الأمور لتحقيق مصالحهم.
    لكن عميد كلية التجارة لا يرى تعارضا مع المفاهيم الاشتراكية، "بل نحن نفكر في وسائل لمساعدة الشركات على تحسين إنتاجها وازدهارها"، كما يقول.
    منذ وصول الرئيس شي جينبينغ إلى الحكم في آخر العام 2012 حاول أن يعطي دفعا جديدا للماركسية. وصار للحزب الشيوعي مكاتب في الشركات الخاصة، بما فيها تلك ذات التمويل الأجنبي.
    لكنّ تلاميذ شيوعيين في جامعة بكين أثاروا غضب السلطات بتضامنهم مع عمال مُضربين في جنوب البلد، وعمدت السلطات إلى حذف عبارة "إضراب" عن مواقع التواصل الاجتماعي.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام