• التعديل الوراثي يفتح نقاشا بين أولوية التقدّم العلمي أو المحرّمات الأخلاقية


    المصور: انطوني والاس

    A G يدور في الأوساط العلمية نقاش عميق حول القيود الأخلاقية التي ينبغي أن تُفرض على العلم، ومن ذلك التلاعب الوراثي بالأجنّة لدى تكوّنها.
    واشتد هذا النقاش بعد إعلان باحث صيني في الآونة الأخيرة ولادة طفلتين توأمين سبق أن أجرى عليهما تعديلا جينيا لجعلهما مقاومتين لمرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز.
    وقالت أستاذة الفلسفة الفرنسية سينتيا فلوري العضو في لجنة الأخلاقيات الفرنسية في حديث لوكالة فرانس برس "من المؤكد أن ما هو متاح علميا ليس بالضرورة مقبولا أخلاقيا، لكن الصمود أمام ذلك في سياق المنافسة الحادة غير المنظمة يبدو أنه محكوم بالفشل".
    ومع أن إعلان الباحث الصيني هو جيانكوي قوبل بتشكيك من الأوساط العلمية لكونه لم يراع الإجراءات المعتمدة للتثبّت من صدقية الاختبار، إلا أنه يؤكد أنه تمكّن من تعديل الحمض النووي للفتاتين التوأمين لجعلهما قادرتين على مقاومة مرض الإيدز.
    وهو يقول إنه استخدم تقنية تسمى "كريسبر كاس 9" تقوم على التخلّص من أجزاء غير مرغوب بها من المجين البشري. وقد شكلت هذه الطريقة ثورة في الطب الوراثي منذ العام 2012.
    وعلت أصوات في العالم كلّه للتعبير عن الاستياء من هذه التجربة.
    وقالت الطبيبة ساره تشان الباحثة في جامعة إدنبره "العلم الحقيقي لا يقوم على استخراج المعلومات من العدم..السياق والنتائج أمور حاسمة، وخلاصات هذا العمل غير المسؤول قد تكون مدمّرة".
    وهاجم بعض العلماء التجربة، ليس لأنها أجرت تعديلا جينيا على طفلتين، بل للظروف التي جرت فيها، ومن ذلك أنها لم تجر ضمن مراقبة علمية بل قام بها الباحث مع بعض مساعديه بمعزل عن أي إشراف أو تحقّق.
    وما زالت عواقب استخدام تقنية "كريسبر كاس 9" مجهولة، ولا سيما في كيفية انتقال التعديل الوراثي من جيل لآخر.
    ومن الأمور التي أثارت انتقادات أيضا أن العملية أجريت لتحصين الفتاتين من مرض الإيدز، وليس لعلاجهما من مرض هما مصابتان فيه ويهدد حياتهما.
    - "هروب للأمام" -
    تتخوّف بعض الأوساط العلمية من أن يلقي تدهور المقاييس الأخلاقية ظلال الشكّ على مجال الأبحاث الواعد.
    وتقول عالمة الأحياء كاتي نياكان الباحثة في معهد "فرنسيس كريك" في لندن "الهروب إلى الأمام علميا مع حرق القواعد الأخلاقية الأساسية يمكن أن يجعلنا نتدهور".
    ويخشى أصحاب هذا الرأي من فقدان الثقة بتقنيات قد تكون مفيدة ولكن إن اختُبرت كما يجب، مثل تقنية "كريسبر كاس 9" التي رغم كل المخاوف منها تفتح أمالا كبرى بعلاج أمراض وراثية.
    ولذا، تقول منظمات علمية إنها لا تعارض في المبدأ إجراء تعديل وراثي في المستقبل، لكن شرط أن يكون ذلك ضمن قيود مشدّدة.
    وتقول الباحثة الفرنسية آن كامبون تومسن المسؤولة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي "لا ينبغي أن نقول إن هذا الأمر أو ذاك هو من المحرمات"".
    فنقل الأعضاء مثلا كان يعدّ من المحرّمات الأخلاقية قبل عقود، لكنه أصبح الآن شيئا رائجا لما جلبه للبشرية من فوائد.
    في المقابل، لا يجد العلماء أي فائدة طبية في الاستنساخ البشري، لذا سيبقى هذا الموضوع من المحرمات الأخلاقية، وفقا لآن كامبون تومسن.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام