• كيف يتدبّر الفنزويليون أمورهم في أحد أعنف البلدان في العالم؟


    المصور: فديريكو بارا

    A G - AFP يواجه الفنزويليون علاوة عن القلق الناجم عن النقص في الأغذية والأدوية، الخوف من انعدام الأمن المستشري في البلاد حيث يموت ثلاثة أشخاص ميتة عنيفة كل ساعة.
    وقد أحصى المرصد الفنزويلي لأعمال العنف، وهو منظمة غير حكومية، 266000 عملية قتل سنة 2017، أي ما يوازي 89 جريمة لكلّ 100 ألف نسمة، وهو معدّل يتخطّى ب15 مرة المتوسط العالمي.
    فكيف يتدبّر الفنزويليون أمورهم في أحد أخطر البلدان في العالم؟
    - الهاتف الذكي أو الموت -
    قبل سنتين، انقلبت حياة المدرّسة ياميليث ماركانو (46 عاما) رأسا على عقب. فقد قتل أخوها ويلي ضربا على يد شاب في التاسعة عشرة من العمر أراد سرقة هاتفه الذكي.
    وهي تقول لوكالة فرانس برس من منزلها في كراكاس "كم كانت تساوي حياته؟ ثمن هاتف ذكي؟ وكلّ مرة يردني فيها أن أسرة أخرى هي في حداد لفعل مماثل، تعود الذكريات إلى بالي".
    وقد تخلّى ابنها عن دراساته الجامعية ليهاجر مع والده إلى إيطاليا بعدما وجّه إليه رجلان مسدسا لسرقة هاتفه عندما كان برفقة والدته.
    وتروي ماركانو "كنت أصرخ كالمجنونة ليعطيهما الهاتف. فقد تذكرت شقيقي. وانعدام الأمن يقتل الكبار والصغار هنا والكلّ عرضة له ... وتنتشر السرقات أينما كان. يا لها من حياة بائسة!".
    وعلى غرار ماركانو، يستخدم غالبية الفنزويليين هواتف بدائية في الشارع وهم لا يخرجون هواتفهم الذكية من الحقائب أو حتى المنازل.
    - تطبيق للأوضاع الخطرة على الطرقات -
    لم ينس الفنزويليون مقتل ملكة جمال فنزويلا السابقة مونيكا سبير وزوجها بالرصاص من قبل مسلحين عندما تعطّلت سيارتهما على الطريق في العام 2014.
    ومنذ تلك الحادثة، أطلق تطبيق يعرف ب"بانا"، أي الصديق بالعامية، لمساعدة كلّ من قد يتعرّض للخطر على الطريق. وأسس فريق من ستة درّاجين يضعون نظارات سوداء ويرتدون سترات لمّاعة ويتواصلون عبر أجهزة لاسلكية. وهو هبّ لنجدة كارمن التي تدرس الطبّ بعدما تعطّلت سيارتها على أحد الطرقات السريعة في العاصمة.
    ولم يستغرقهم الأمر سوى ثماني دقائق لبلوغها، بعدما شغّلت كارمن التطبيق على هاتفها خشية من أن تتعرض لاعتداء في الموقع. وقام "عناصر المرافقة" هؤلاء، كما يسمّون محليا، بمواكبتها حتّى وصولها إلى مكان آمن.
    ويقول مدير هذا المشروع دومينغو كورونيل لوكالة فرانس برس "نطمئن الزبائن عبر الهاتف قبل أن نصل إليهم. والخدمة سريعة وبسيطة ويكمن الاتكال عليها. وليس في وسع الجميع تكبّد تكاليف موكب أمني أو سيارة مصفحة".
    - زجاج مقاوم للكسر -
    في مركز تجاري في كراكاس، يسلّم خوليو سيزار بيريز مدير مجموعة "بلاينداكارز إكسبرس" زبونا شاحنتين جهّزتا بمادة مضادة للكسر على الزجاج.

    المصور: فديريكو بارا

    ويقول هذا الأخير "يزداد عدد الأشخاص الذين يلجأون إلى هذه الخدمة. فالمجرمون لا يميّزون بين الطبقات الاجتماعية. ولدينا سيارات من المستويات جميعها".
    ويكشف صاحب الشاحنتين الصغيرتين أن الأولى لزوجته وابنه والثانية له سيستخدمها في رحلاته المنتظمة إلى كراكاس حيث يقوم اللصوص برجم المركبات بالحجارة لإجبار السائقين على الخروج منها.
    ويقول هذا التاجر البالغ من العمر 44 عاما الذي يفضل عدم الكشف عن هويته "تحدث أمور فظيعة. وقد تفاقم الوضع من حيث انعدام الاستقرار. وكانت الطواقم الدبلوماسية وحدها تتمتع بسيارات مصفحة في السابق، لكننا نحن، عامة الشعب، بتنا نواجه المشاكل عينها".
    - حظر تجوال افتراضي -
    عند مغيب الشمس، تخلو شوارع كراكاس وغيرها من المدن الكبرى في البلد من أي حركة، هي التي كانت تُعرف بحياتها الليلية الصاخبة.
    وتقول أدرياليس باريوس (23 عاما) التي تعمل في مجال الاتصال "لم أعد أخرج ليلا ... فأنا أشعر بالخطر عندما أغادر منزلي. وعندما أقصد النوادي الليلية، أدفع لصديق ليقلني إذ لا أثق بسائقي سيارات الأجرة".
    ويفضل الكثير من الفنزويليين أن يجتمعوا في البيوت مع الأصدقاء بما أن هذا الخيار أكثر أمنا وأقل كلفة. أما محبو السهر، فهم ينتظرون طلوع الشمس للعودة إلى ديارهم.
    - ليلة إضافية في المطار -
    إيغليس توريس مقاول عام في عقده السادس أمضى الليل قبل بضعة أشهر على مقعد في مطار كراكاس قبل أن يستقلّ الطائرة إلى كوستا ريكا في زيارة عمل.
    وهو وصل مع زوجته نايلة عند الخامسة من بعد الظهر إلى المطار ليستقلّ الطائرة في اليوم التالي عند السابعة صباحا. وانتظرت زوجته أن تقلع طائرته قبل أن تعود إلى المنزل بالحافلة.
    وهو يخبر وكالة فرانس برس "سيارتي قديمة ولا أريد أن أجازف بها على هذا الطريق الخطر. والأفضل هو البقاء في المطار برفقة شخص آخر وإلا سرقوا منك حقائبك".
    ومن الشائع رؤية ركاب مستلقين على مقاعد المطار. غير أن الموقع ليس آمنا فعلا، فقد حدثت فيه سرقات واغتيالات. وغالبية الشركات الجوية الأجنبية لا تبقي طواقمها في المطار.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام