• تايواني مخضرم يكافح لحماية فن تحريك الدمى التقليدي من الاندثار


    المصور: سام يه

    A G - AFP عندما كان في التاسعة والسبعين من العمر، وضع محرك الدمى التايواني تشين هسي-هوانغ لنفسه تحديا جديدا يقضي بإنقاذ فنه المتوارث عبر الأجيال من الاندثار... وقد شكّل هذا الثمانيني محور وثائقي مؤثر عن كفاح رجل لحماية فن تقليدي ضارب في القدم.
    يروي فيلم "الوالد" كيف تسلم هذا الرجل البالغ حاليا 87 عاما الشعلة عن والده محرك الدمى الشهير لي تيان-لو (1910-1998) الذي كان يستقطب الجماهير بين الخمسينات والسبعينات كما شارك في أفلام طويلة عدة.
    وقد وصل فن الدمى التايواني المعروف أيضا باسم "بودايشي"، إلى هذه الجزيرة في القرن التاسع عشر بعدما كان منتشرا في مقاطعة فوجيان الصينية على المقلب الآخر من المضيق. ولطالما شكّل هذا الفن الممارس خصوصا في الأعياد الدينية، أحد الأنشطة الأكثر شعبية في البلاد.
    هذه الدمى تحرك عادة على مسارح خشبية زاخرة بالزخارف المميزة، وهي تروي قصصا شتى على وقع عزف موسيقى تقليدية.
    ويكيل تشين المديح بفن الدمى التقليدي الذي يتطلب مهارة كبيرة للقيام بحركات دقيقة وقدرة على أداء أكثر الأدوار تنوعا من الفتاة الصغيرة إلى العجوز.
    وقد استلهم تشين هسي-هوانغ من والده وأنشأ في سن الثالثة والعشرين فرقته الخاصة غير أنه اضطر لإنهائها في سن الأربعين بسبب تدهور وضعها.
    لكن بعد حوالى أربعة عقود، أسس فرقة جديدة رافضا التسليم بالتلاشي البطيء لفنه تحت ضغط انتشار الفنون الترفيهية المعاصرة، كما أقام محترفات لتعليم تقنيات هذا النشاط خلال عطلة نهاية الأسبوع.
    - إيجاد "مهنة أفضل" -
    ويقول تشين لوكالة فرانس برس "لم يتبق سوى فرقتين تقليديتين أو ثلاث. لقد أطلقت واحدة مستفيدا من اسمي لأني لا أريد لهذا الفن التقليدي أن يندثر".
    ويشكل الحفاظ على هذا النشاط تحديا كبيرا في ظل التراجع المطرد في اهتمام التايوانيين بمتابعة هذا النوع من العروض الشاعرية.
    غير أن تشين مرتاح للحماسة التي قوبل بها الوثائقي الذي صُوّر على مدى عشر سنوات بتوقيع المخرج يانغ لي-تشو وبدأ عرضه في الصالات التايوانية خلال الشهر الماضي.
    ويقول تشين "كنت أخشى ألا يفهم العالم الفيلم، غير أن الشباب فهموه حتى أولئك الذين لم يشاهدوا يوما عرضا لفن +بودايشي+. لقد قالوا لي إنهم أحبوا الفيلم وإن فن الدمى رائع".
    ويدرّب هذا الرجل حاليا تشين وي-يو الذي ينتمي إلى فرقة عائلية تقدم حوالى 150 عرضا للدمى سنويا.
    ويقول المتدرّب البالغ 32 عاما "والدي دعاني إلى إيجاد +مهنة أفضل+ لكني اخترت هذا الطريق لأنه يثير اهتمامي".
    ويضيف "أرفض كمعلمي أن يندثر فن الدمى التقليدي".
    ويتبع عشرات الطلاب من الأعمار كافة أيام السبت من كل أسبوع تعاليم تشين في مركز "بابتري آرت سنتر" الممول من الحكومة في تايبيه.
    - حتى الرمق الأخير -
    هونغ وي-هينغ فتى في العاشرة من العمر بدأ هذا التدريب لأنه يعتبر أن هذا الفن "مسلّ". وهو يقول "أريد تعلم طريقة تحريك الدمى وإنجاز حركات".
    وكثفت السلطات التايوانية جهودها للحفاظ على هذا الفن من خلال إطلاق مهرجان سنوي لعروض الدمى في مقاطعة يونلين.
    تشانغ تشي-فينغ مولع بهذا الفن التقليدي، وهو شارك في هذا المهرجان الشهر الماضي مع مشاعر حنين قوية.
    ويقول هذا الرجل البالغ 41 عاما "الآن بعدما أصبحت أبا صرت أصطحب أطفالي لمشاهدة عروض الدمى في الخارج كي يعيشوا ما خبرته خلال صغري".
    ويؤكد تشين هسي-هوانغ عزمه الاستمرار في مهمته حتى الرمق الأخير. وهو يقول "لم أنته من نقل هذا الفن لذا لن أتقاعد".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام