• مشروع القطار السريع "اتش اس 2" نعمة لعلماء الآثار ونقمة لسكان لندن


    المصور: أدريان دينيس

    A G - AFP ينكبّ جيش من علماءالآثار على نبش آلاف القبور الأثرية في لندن التي تغطّيها طبقة كثيفة من الطين بهدف نقلها من موقعها لإفساح المجال لخطّ قطار سريع فائق السرعة يثير جدلا.
    وقد استخرج أكثر من 1200 هيكل عظمي من أصل الجثامين البالغ عددها 40 ألفا التي ترقد في حديقة سانت جيمس بالقرب من محطة يوستن، وهي فسحة خضار باتت مغلقة للعامة شكّلت مقبرة بين 1788 و1853. وهذا الموقع هو من بين حوالى ستين موقعا أثريا تم تحديدها في إطار مشروع خطّ القطار السريع الثاني (اتش اس 2) قيد الإنشاء في إنكلترا.
    ومنذ عدّة أسابيع، تحوّل موقع سانت جيمس غاردنز في شمال العاصمة البريطانية إلى حقل موحل تنتشر فيه الحفريات التي يصل البعض منها إلى عمق ثمانية أمتار. ويعمل فيه عشرات علماء الآثار الذين يرتدون بزّات حمراء ويعتمرون قبعات بيضاء ينكشون الأرض أو يمددون بقايا بشرية تحت سقف رُفع مؤقتا على 11 ألف متر مربع يحميها من الأمطار والفضوليين.
    وسمح الطين بالحفاظ على القبور بحال جيدة جدا. وقد عثر في أحدها على تابوت خشبي لم يمسّه أي سوء. والعمود الفقري للهيكل العظمي فيه مقوّس بعض الشيء لكن الجمجمة ما زالت تتمتع بكل أسنانها. ومن شأن هذا الكشف أن يسمح بسبر أغوار حقبة مهمة من مرحلة التصنيع في بريطانيا للتعرّف بشكل أفضل على عادات السكان وقتها وطقوسهم الجنائزية.
    وقال مايك هندرسن العالم المتخصص في دراسة العظام في تصريحات لوكالة فرانس برس "هو على الأرحجح أكبر تجمّع للهياكل العظمية العائدة إلى الفترة الممتدة بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر يكشف عنه النقاب بحال كهذه في البلد".
    وأردف "مع معطيات كهذه، في وسعنا فعلا التطرّق إلى مسائل مهمة ... كنوع الأمراض المنتشرة وقتها ومعدّل الوفيات".
    - نعمة -
    وقد عثر الطاقم على آثار لمرض السلّ ورضّات مع عظام مكسورة وأكسسوارات للأسنان وأسنان مركّبة وندوب لجراحات على جماجم مشقوقة.

    المصور: أدريان دينيس

    ويثير مشروع الخطّ السريع "اتش اس 2" جدلا محموما في بريطانيا بسبب كلفته وعمليات نزع ملكية الأراضي المترتبة عنه ومسلكه الذي يعبر الريف الإنكليزي. وقدّرت كلفة الشقّ الأول منه الذي يربط لندن ببرمنغهام (وسط إنكلترا) بـ 24 مليار جنيه استرليني (حوالى 27 مليار يورو) ومن المزمع إنجازه في العام 2026. ومن المرتقب أن يكمل المشروع طريقه لاحقا باتجاه الشمال.
    غير أن هذه الورشة هي بمثابة نعمة لعلماء الآثار الذين بات يتسنى لهم بفضلها نبش أنقاض أثرية تعود للحقبة الرومانية والقرون الوسطى والمرحلة الصناعية في إنكلترا. وقالت هيلن واس المسؤولة المكلّفة بمسألة التراث في مشروع "اتش اس 2"، "ما كنا لنقوم بهذه الاكتشافات لولا هذا المشروع".
    في يوستن، بدأ علماء الآثار بنبش الجزء المخصص للأغنياء من المقبرة حيث كتبت الأسماء على التوابيت ووضعت لوحات ورسمات من الرصاص عليها في قبور من الحجر. ويضمّ هذا الشقّ قبر جيمس كريستيز مؤسس دار المزادات الشهيرة التي تحمل اسمه.
    ومن المرتقب أن ينتقل الفريق الذي يضمّ مئتي فرد يعمل البعض منهم في مختبرات نصبت في الموقع، إلى الأجزاء الأكثر فقرا من المقبرة على مرّ الأيام. وستوارى الهياكل العظمية الثرى مجددا بعد فحصها وتنظيفها في موقع لم يحدّد بعد.
    وبعد مغادرة علماء الآثار الموقع، يعطى الضوء الأخطر للمباشرة بمدّ خطّ القطار السريع الذي يشمل 11 مسلكا.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام