• المسرح مدخل لاجئين إلى سوق العمل في فرنسا


    المصور: كريستوف ارشامبو

    A G - AFP حصص مسرح كمدخل للتوظيف... هذا التحدي الغريب أُطلق في مدينة أورليان في وسط فرنسا حيث بدأ اثنا عشر شخصا غالبيتهم من اللاجئين تجربة مسرحية رغم عدم اتقانهم للغة الفرنسية لامتلاك مفاتيح مقابلات التوظيف الناجحة.
    ويعرّف المشاركون بالطريقة الفضلى عن أنفسهم مصطفين تحت أضواء مسرح جيرار فيليب وواضعين قلما في الفم لتحسين النطق.
    ويتحدر هؤلاء من مناطق عدة تشهد اضطرابات خصوصا سوريا وأفغانستان والشيشان، وتجمعهم الرغبة في الاندماج بعد مسيرة هجرة شاقة. ويملك كثير منهم أوراق لجوء. لكن يصعب تقييم قدراتهم في الرسم أو الطبخ في هذا البلد الذي يتعلمون لغته.
    ويقول محمد وهو صومالي ذو بنية ضخمة يرغب في العمل كقصّاب "أصعب ما في الأمر هو التحدث مع أحدهم من دون أن يفهم عليك جيدا. هو يقول +أنا آسف+ وينتهي الحديث عند هذا الحد".
    ويضيف "أتكلم العربية كثيرا مع أصدقائي السودانيين. لكن ليس لدي أصدقاء كثر يتحدثون الفرنسية".
    ولهؤلاء، أطلقت جمعية "آ سي أم فورماسيون" ومجموعة "تياتر شاربون" المسرحية تدريبا مدته 90 ساعة لتحضيرهم لخوض سوق العمل. ويتوزع البرنامج على ثلاثة أقسام متساوية "أولها محترفات مسرحية وثانيها حصص تعليم لغوية وثالثها اكتشاف لسبل الدمج المهني" في منطقة أورليان وفق أوفيلي باربييري التي تدرّس الفرنسية لغير الناطقين بهذه اللغة.
    أما عن سبب تعليم مادة المسرح، فيوضح المخرج المسرحي تييري فالفيزانيه أن "الإلقاء والوضوح في الخطابة والقدرة على التعبير عن المشاعر والنوايا... هذا كله يحل الإشكاليات التي تعترض الشخص الراغب في الحصول على وظيفة".
    ويعمل فالفيزانيه منذ ثلاث سنوات مع هذه الفئة من الأجانب التي "قد تكون علاقتها مع اللغة معقدة للغاية".
    ويمثل تعزيز الثقة بالنفس عنصرا أساسيا في هذا المسار التعلّمي. وتبدأ كل حصة بتمارين تقليدية كالركض بعينين مغمضتين ووقوع الشخص إلى الخلف مع الاعتماد على الآخرين لكي يمسكوه... قبل الصعود على خشبة المسرح.
    - تعزيز الثقة -
    ويجري الممثلون محاكاة على خشبة المسرح لمقابلة توظيف مع الأسئلة التقليدية التي تُطرح في مثل هذه اللقاءات.
    ويتسم اللقاء أحيانا بالتوتر مع بعض الأسئلة المتكررة، غير أن الممثلين ينجحون في السيطرة على الوضع. ويتعين عليهم حسن اختيار العبارات التي تعلموها خلال حصص التعليم لكن أيضا الالتزام بقواعد هذا التمرين المثقل بالشروط من بينها قرع الباب قبل الدخول وعدم الجلوس قبل تلقي دعوة لذلك والرد على كل الأسئلة.
    ويقول تييري فالفيزانيه للشاب السوري عبد السلام "أداؤك أفضل بكثير من الأسبوع الماضي، لكن بدا عليك الانزعاج في لحظة ما. هذا صاحب العمل وفي استطاعته طرح السؤال عينه مرات عدة". ويكرر إرشاداته بضرورة "النظر في العين عند المغادرة وليس أرضا أو في الهواء. يجب إبقاء الصلة قائمة".
    كذلك يراد من خلال هذا التمرين "أن يدركوا القيمة المضافة التي يمكنهم تقديمها" لأن "هؤلاء الناس يتحلون بالشجاعة وهم اضطروا لترك جزء من ماضيهم أو عائلتهم واتخذوا قرارات قوية وهذا ما يمكن أن يعطيهم قيمة مهمة".
    وبعد بضع حصص، ثمة تقدم "مهم" بحسب أوفيلي باربييري التي تشير إلى أن المشاركين "باتوا قادرين على الرد على حوالى عشرة أسئلة بطريقة صحيحة".
    ويتحدث أحد هؤلاء المشاركين واسمه محمد عن التقدم الذي أحرزه منذ بدء هذه الحصص قائلا "قبلا كنت أشعر بالخوف لكن الآن الوضع تحسن، بت أستطيع التحدث بصوت أعلى".
    لكن هل يكفي ذلك للحصول على وظيفة أو تدريب بعد انتهاء هذه الحصص في تشرين الثاني/نوفمبر؟
    تجيب باربييري "في العام الماضي نظمنا عمليات محاكاة لمقابلات العمل مع مستشارات في شركات للدمج المهني. تم توظيف أربعة متدربين لاحقا في هذه الشركات"، مضيفة "السير الذاتية موجودة لدى شركات التوظيف، هم باتوا مؤهلين لغويا".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام