• الثقة محل الخشية من بريكست في لندن سيتي مركز المال والأعمال


    المصور: دانيال سورابجي

    A G - AFP يبدي المسؤولون في مبنى غيلدهال الإداري في قلب لندن سيتي مركز الأعمال في العاصمة البريطانية أسفهم إزاء الخسارة البطيئة للوظائف الناجمة عن بريكست، لكنهم واثقون من أمر واحد وهو أن مدينة الأعمال ستنتصر.
    يقصد كريستوفر هايوارد مثله مثل قرابة 500 ألف من سكان لندن يومياً مدينة الأعمال للعمل في هذا المركز الحيوي الذي تأسس قبل قرابة ألفي سنة.
    ولدى خروجه من مترو الأنفاق، يسير في ظل ناطحات سحاب ذات تصاميم حديثة أحدثت ثورة في هذا الحي التاريخي الذي تنتشر فيه ورش البناء والأعمال. ثم يجتاز شارعاً أو اثنين تنتشر فيها المكاتب التجارية على طول جادة ضيقة تعج بالحانات والمطاعم قبل أن يدخل إلى مبنى غيلدهال المهيب الذي يعود بناؤه إلى عدة مئات من السنين ولا تزال تتردد فيه أصداء صرخات الخوف عشية الاستفتاء المؤيد لبريكست تعبيراً عن الخشية من الانعكاسات الاقتصادية على الشركات البريطانية.
    ويقول هايوارد رئيس لجنة التخطيط المدني في لندن سيتي لفرانس برس "شعرنا بالقلق حينها من خسارة عشرات لا بل مئات الآلاف من الوظائف. ولكن هذا لم يحدث ونحن سنخسر بضعة آلاف على الأكثر" في العاصمة كلها.
    ويمثل الموظفون الذين يغادرون لندن سيتي أو حي الأعمال الآخر كناري وارف إلى أوروبا وغيرها نسبة قليلة مقارنة مع 800 ألف موظف في قطاع المال اللندني من مصارف وشركات تأمين وإدارة محافظ استثمارية وخدمات قانونية واستشارية.
    ولا تزال لندن مع نيويورك أهم عاصمتين ماليتين في العالم. وتفيد مؤسسة "زد ين" الاستشارية أن هاتين المدينتين تتقدمان بكثير على هونغ كونغ وسنغافورة وشنغهاي وطوكيو. ويقول هايوارد مبتسماً، "بالنسبة لنا، لا يأتي التحدي من المراكز الأوروبية الأخرى وأنما من نيويورك وسنغافورة".
    وتقول ماري سيلي غيوم مديرة حي الأعمال الباريسي "باري لا ديفانس" إن العواصم الأوروبية التي تتنافس منذ عامين لجذب المرشحين لمغادرة لندن تقف على مسافة منها وهي تعرف أن "فكرة الانتقال الكثيف لمركز الأعمال من لندن إلى مكان آخر على القارة لن يحدث".
    بين صيف عام 2017 وصيف عام 2018، تصدرت لندن قائمة مدن الأعمال في جذب الاستثمارات الدولية في مجال العقارات مع 25 مليار دولار، أي ضعف ما تم ضخه في هونغ كونغ التي حلت ثانية، وفقا لدراسة أعدتها مؤسسة "كوشمان أند ويكفيلد". إذ ارتفعت نفقات المستثمرين الهنود والصينيين واليابانيين فيها بأكثر من 50 % تقريباً.
    ويقول هايوارد إن "لندن تعد مكاناً آمناً للاستثمار وهذا ينشِّط طلب الشركات التي ترغب في الحصول على موقع في مدينة الأعمال".
    - ملاذ ضريبي؟ -
    عدا عن مجموعة كبيرة من المواهب الدولية والجهود المبذولة لتنظيم فعاليات ثقافية وإثراء الحياة الليلية، تكمن واحدة من نقاط القوة في المدينة في معاييرها التنظيمية والضريبية المؤاتية للشركات في المملكة المتحدة.
    وفي كتابه الأخير "بريكست سينجح"، يقول مارك روش مراسل صحيفة "لوموند" في لندن لخمسة وعشرين عاماً، إن هذه المزايا ستتحسن. ويشرح أنه "عبر المانش، ستفرض ضريبة فقط على مداخيل الأجانب الأغنياء الذين قرروا الاستقرار في المملكة المتحدة وليس كل مجمل ثروتهم. نحن نتوقع أنه خارج الاتحاد الأوروبي، ستتعامل هيئة الضرائب البريطانية مع الضيوف الأثرياء بمزيد من الاحترام".
    ويضيف الصحافي، "غداً، سيكون الضغط أقل على أثرياء الشرق الأدنى أو الروس أو الصينيين الذين استثمروا في العقارات في لندن للتصريح بشأن مصدر أموالهم مما هي عليه الحال اليوم".
    وأيد الكثير من كبار أثرياء بريطانيا بريكست كوسيلة لتجنب وصاية بروكسل.
    ويقول أحد هؤلاء ستيفن لانسداون لفرانس برس "سيكون لذلك أثر جيد. سيجبر الجميع على فعل ما نجيد فعله في لندن سيتي". ولانسداون مؤسس شركة مالية عملاقة مدرجة في بورصة لندن.
    وعدا عن المهارات التي توفرها هذه الرئة المالية في المملكة المتحدة والاستخدام العالمي للغة الإنكليزية، فإن لندن لديها خبرة في مواجهة الأزمات والنهوض بعد الحرائق والثورات والحروب.
    ويقول كريستوفر هايوارد إن المدينة "شهدت في تاريخها الكثير من التقلبات التي خرجت على الدوام منها لأنها تعرف كيف تتكيف مع الظروف وتعالج المشكلات من منظور إيجابي".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام