• معرض في معهد العالم العربي في باريس يعيد الحياة لمواقع أثرية أتت عليها النزاعات


    المصور: جوزف عيد

    A G - AFP يستضيف معهد العالم العربي في باريس معرضا لمنشآت بالأبعاد الثلاثة تعيد الحياة إلى مواقع تراثية عريقة أتت عليها النزاعات، للإضاءة على الدمار اللاحق بمدن تاريخية بارزة من الموصل إلى حلب مرورا بتدمر.
    ويفتح هذا المعرض الرقمي أبوابه الأربعاء ويستمر حتى 10 شباط/فبراير وهو يحمل عنوان "مدن عتيقة … رحلة افتراضية من تدمر إلى الموصل".
    وتوضح مفوضة المعرض أوريلي كليمانت رويز لوكالة فرانس برس أن هذا الحدث يمثل "شهادة" لنقل المعلومات التاريخية للعامة.
    فبعدما استضاف العام الماضي معرض "مسيحيو الشرق، ألفا عام من التاريخ"، يقدم معهد العالم العربي هذه السنة هذا الحدث الجديد الرامي إلى تعريف الجمهور بما كان عليه وضع صروح أثرية كبرى قبل الحروب الأهلية وظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي قضى على كنوز تراثية وحضارية في المناطق التي كان يسيطر عليها.
    واختار المعهد موقعين حضريين هما مدينتا حلب السورية والموصل العراقية، إضافة إلى موقعين أثريين هما تدمر السورية ولبدة الكبرى الليبية. ويتيح المعرض للزوار الغوص في رحلة انغماسية في هذه الأماكن مع وضع خوذة على الرأس.
    ويَفيد هذا الحدث من مهارات شركة "إيكونيم" الناشئة التي انطلقت قبل خمس سنوات وتساهم في حفظ المواقع الأثرية في خمسة وعشرين بلدا من خلال أعمال التحويل الرقمي. وتفاخر الشركة بامتلاكها المجموعة الرقمية الأوسع عن المواقع الأثرية في الشرق الأوسط.
    ويقول رئيس الشركة إيف أوبيلمان لوكالة فرانس برس "هذا أحد أشكال علم الآثار المعاصر، هذا حفظ للتاريخ"، مشيرا إلى أن "إيكونيم" تتعاون أيضا عن بعد مع جهات ميدانية وصولا إلى اليمن الغارق في الحرب بهدف "تشكيل ذاكرة رقمية دقيقة للأجيال المقبلة".
    ويوضح "في حلب، قصدنا المكان بعيد انتهاء المعركة وقبل البدء بتطهير المدينة. كان يتعين حفظ آثار الخراب". وقد أُنجزت هذه الأعمال بالأبعاد الثلاثة بتمويل من "إيكونيم" وبالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا.
    - أبعد من "الصدمة البصرية" -
    ويشير أوبيلمان إلى أن استكشاف الوضع في تدمر حصل "بعد بضعة أيام" من خروج مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". وهو يقول "في المتحف، كانت القطع لا تزال على الأرض قبل أن يتم إفراغه".
    وفي الموصل، حصل التدخل بطلب من اليونسكو بعد بضعة أسابيع من تحرير المدينة.
    وفي لبدة الكبرى المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث منذ 2013، "أتاح التصوير بتقنية الأبعاد الثلاثة الحصول على رؤية شديدة الوضوح في خلال بضعة أيام"، وفق إيف أوبيلمان الذي تعمل شركته على مواقع منسية أخرى تواجه تهديدا بفعل الاحترار المناخي أو الإهمال.
    وتستوقف زوار المعرض من كل الجهات في المساحات الضيقة في داخل معهد العالم العربي عروض بصرية ضخمة تظهر تبدل الوضع في سوق حلب ومسجد الأمويين في المدينة، وفي جامع النوري وكنيسة اللاتين (كنيسة الساعة) في الموصل وأيضا في معبد بعل شمين الذي ألحق به تنظيم "الدولة الإسلامية" دمارا هائلا.
    أما في موقع لبدة على الساحل الليبي الذي بقي في منأى عن النزاع الأهلي في البلاد، فيعيد المعرض إظهار المسرح الروماني المشيد في عهد الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس في ما يسمى "روما الإفريقية".
    وتلفت كليمانت رويز إلى أن المعرض "يلجأ بالتأكيد إلى توجيه صدمة بالصور"، لكن "الهدف في الوقت عينه يقضي بوضعه في إطار معين "يتخطى الصدمة البصرية حصرا".
    وتشير إلى الدور الذي تؤديه جداول التوثيق المصاحبة لهذه العروض من خلال تقديم تواريخ ومراجع لمساعدة الزوار على فهم هذه المواقع على نحو أفضل.
    وتوضح مفوضة المعرض أنه من خلال تقنية الأبعاد الثلاثة والصور القديمة، يمكن للزائر أن يفهم "كل جوانب النسيج الحضري على صعيد التراث المقام في الموقع ولكن أيضا التراث غير المادي". فعلى سبيل المثال، أتى تنظيم "الدولة الإسلامية" على "المعالم ولكن أيضا على التلاحم الاجتماعي والتعدد الثقافي".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام