• آل سعود وبني أمية.. الدولة السعودية والدولة الأموية


    بقلم : يوسف علاونه مؤسف أن يكون أول هذا المقال أو استهلاله ردا على إعلامي مسكين أو يعاني في تنطحاته السياسية من التخلف العقلي، وأقصد الإعلامي القطري عبدالله العذبة!.

    فقد دلس هذا المسكين الجاهل ولوى عنق حديث لي قلته اليوم الوطني السعودي 88.. أولا في أذن سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن سمو الأمير خالد آل سعود، وثانيا في حديث لي في (يوتيوب) ومفاده أنه بقي على السعودية عامين فقط وتبلغ بإذن الله عمر الدولة الأموية الخالدة، أقوى وأعظم دولة المسلمين العرب منذ انقضاء الخلافة الراشدة وحتى
    يومنا هذا، وهي دولة يجتمع على مناصبتها العداء كل من الروافض والخوارج والحمقى، وفي زمننا هذا (حلف اللطم)، وعبر التاريخ المجوس وشعوبية الأعاجم، الذين ما صلح إسلامهم جراء تجاوزهم وتعديهم وبغضهم لأهل الرسالة العرب.. المؤسسون الذين زكاهم ورباهم وأدبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والدولة الأموية تكاد أن تكون بل هي جزما الامبراطورية الوحيدة في التاريخ، التي سقطت وهي في أوج قوتها فلم تمر بالمراحل التي حددها ابن خلدون في مقدمته من صعود وهبوط الدول، فبعد تسعين عاما فقط جرى سحقها دون أي مبرر لصالح دولة أخرى أسست لكل الخراب الذي ورثه بني عثمان ثم الاستعمار!.

    وقع انهيار دولة بني أمية - وهذا اسمها وجوهرها الحقيقي هو دولة العرب المسلمين العظمى - عبر مؤامرة فارسية مجوسية احتضنت (دعوة) للخلافة ليس وراءها شيء غير (الخروج) و (الطمع) بالولاية، وذلك ضمن مؤامرة ممتدة بدأت باغتيال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد المجوسي (أبو لؤلؤة) الفارسي عند صلاة الفجر!..

    ثم تواصلت بمحاولة اغتيال ثانية لأمير المؤمنين الثاني عثمان بن عفان رضي الله عنه.. فشلت ولم تفلح وعلى يد مجوسي آخر أيضا، فصير إلى تدبير مؤامرة الخروج عليه وقتله في داره بعد احتلال المدينة من خوارج وقف وراءهم بالأساس (حمراء الكوفة) وهم فرس مجوس دخلوا الإسلام لتدميره من الداخل، وسرعان ما التحقوا ظاهرا ببيعة الأمير المؤمنين الثالث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وباطنا باستكمال مؤامرة الانتقام من العرب فأسفر ذلك عن قتل طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام في (معركة الجمل)، فضلا عن محاولة قتل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعا مع جمع من كبار الصحابة وهو ما جرى استكماله في فتنة (معركة صفين) والتي استنزفت فيها الدولة برصيدها مما بقي من الصحابة، حتى إذا يئس الفرس بمحركات وأدوات المؤامرة من استمرار الحرب الأهلية بين العرب، عمدوا إلى اغتيال علي نفسه ومعه الآخرين الكبيرين معاوين بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعا، فنجحوا (وأيضا عند صلاة الفجر) بقتل علي، وفشلوا بقتل الإثنين، فأصيب معاوية ونجا، ولم يصل شر الاغتيال إلى عمرو فأدرك سبط الرسول صلى الله عليه وسلم (السيد) الحسن بن علي رضي الله عنه ما لم يدركه أبوه قبله من عدم صلاحية حافة فارس (الكوفة) لأن تظل عاصمة ومركزا للدولة، فعمد في (عام الجماعة) مصلحا بين فئتين عظيمتين من المسلمين كما تنبأ جده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التنازل لمعاوية أميرا داهية وصلبا ومحنكا للمسلمين فكان أفضل من (ملك) العرب والمسلمين وساسهم، فانتقلت العاصمة إلى القلب العربي (دمشق) نأيا عن شر المجوس ومؤامراتهم، فخمدت فارس وانكفأت حتى استيقظت مجددا عبر ما يسمى (الدعوة العباسية) براياتها الغرابينية السوداء، وانطلاقا من (خراسان) حيث الأنفاس والأرجاس الكسروية اللئيمة الحاقدة والمارقة والمنحرفة، فاستؤنفت الحرب الأهلية ووقودها أبناء العم العرب بنو عبد مناف، فسقطت الدولة العظيمة التي ما بلغت دولة الإسلام بعدها ما بلغته من الجهاد والفتح والمهابة والتنظيم والشعبية والمنعة والجغرافيا وصفاء الرسالة، ليصعد مع بني العباس دور الفرس ثم الترك وعلى حساب العرب، فكان وزير الخليفة (رئيس الوزراء) لخمسة قرون تقريبا فارسيا، وكان الجيش معظم الوقت خاليا من جنس العرب!.

    في الدولة العباسية جرى تشويه حقبة بني أمية كاملة، مع أن الله أنصفهم بدولة أخرى عظيمة (الأندلس) كانت السبب الأساسي والمباشر للنهضة الأوروبية العظيمة الممتدة إلى اليوم، وخلال هذه الدولة (العباسية) تسللت كل روايات المؤرخين الشيعة الذين دسوا على الفقه وعلى السيرة عموما كل الضلال والخرافات والأكاذيب والإلتواءات التي قللت من شأن العرب وشوهتهم، ورفعت من شأن الفرس ومجدتهم، وشيطنت الصحابة والتابعين، ورسخت في الأذهان تاريخا مختلفا عما ورد ذكره في القرآن الكريم ثلاث مرات ابتداء من دعاء أبو الأنبياء (أبو أبو العرب) والذي سمى الأمة المسلمين إبراهيم عليه السلام فيقول سبحانه وتعالى: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (وَيُزَكِّيهِمْ) إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" البقرة 129، و "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ (وَيُزَكِّيهِمْ) وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ" آل عمران 129، و "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ (وَيُزَكِّيهِمْ) وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ" الجمعة 2.

    ففي ظل هذه الدولة (العباسية) ومباشرة بعد انقضاء سنواتها الأولى كانت الأثر الفارسي المجوسي، سواء عبر العصبية القومية المريضة المتبجحة، أو عبر دين التشيع الذي كان صناعة فارسية خالصة، نشبت المؤامرات والانحرافات المتوالية مبكرا عبر البرامكة ثم عبر فتنة الأمين والمؤمنين وصولا إلى اسجلاب الغزو المغولي عبر الوزير الشيعي المجوسي ابن العلقمي ومرورا بكل ما نشب من فارس وحوافها من كالقرامطة والبويهيين والمذاهب المنحرفة والانحلالية كالوهابية الرستمية وغيرها وغيرها إلى أن تم تمزيق دولة الإسلام وانقضاء مسارها الأول الذي بلوره وسار عليه العرب بقيادة بني أمية!.

    في العصر الحاضر تتجمع ملتئمة متوائمة كل الانحرافات والعقائد الضالة ضد المملكة العربية السعودية!.

    بل إن الأمر حادث إلى درجة أن من يفسقون ويكفرون علي بن أبي طالب الذي تعبده المجوسية من دون الله، ترى قلوبهم الآن مجتمعة على بغض السعودية!.

    ويلتحق بالموكب مختلف (النتاتيف) من الذين افترقوا على الإمام فذهب كل منهم في طريق!.. مع الذين خرجوا من الإسلام عيانا بيانا دون ندم!.. مع الذين يجسدون فتنة الخروج على ولي الأمر عملا وتنظيما (جماعة الإخوان)، ومن خلفهم العصبية الأعاجمية المبغضة لعلو العرب (العصبية التركية)، مع المنافقين الباحثين عن دور أكبر منهم (قطر)!.

    في الخلفية لكل هذا كانت الدولتان السعوديتان الأولى والثانية تعبيرا عن هذه الروح العربية الإسلامية الصافية والتي يمكن تسميتها (الروح الأموية)، فكانتا أكثر من غيرهما شوكة في خاصرة بل في حلق الدولة العثمانية (الشعوبية المتعجمة) والمنحرفة عبر (التصوف) وإلى حد غزوها في عقر دارها، ليرث هذا في العصر الحاضر وجراء ملابسات نشوء (الدولة الوطنية)، كل الذين حاولوا القيام بدور عربي أو إسلامي سواء في حدود (العنصرية القومية) العربية، أو حدود التطلعات الشرعية الإسلامية، وغير ذلك من النظم الحداثية والمتعسكرة، أو العلمانية، التي ناهضت السعودية إلى جانب العدو الدائم وهو العقيدة الرافضية بجذورها المجوسية التي استندت في معاداتها للسعودية أكثر من غيرها إلى أن (المذهب الحنبلي) واظب على التحذير من عقيدة الرفض، فيما انطفأ حذر الآخرين من هذه العقيدة جراء طمس دور الدين والفقه في نماذج الدولة الوطنية الأخرى مع أن أئمة المالكية والأحناف والشوافع وسواهم لهم نفس موقف الإمام أحمد بن حنبل من هذه العقيدة بل إن ابن حنبل ربما كان أرحم منهم في إخراج دهاقنة الرفض وكهانه من الملة بسبب سبهم للصحابة وطعنهم بشرف أمهات المؤمنين فضلا عن باقي الانحرافات الصارخة التي تقوم عليها العقيدة المجوسية الجذور والأصول والمضمون والأهداف.

    وبعد (الربيع العربي) انتهت مرحلة الهدوء والمهادنة والليونة السعودية جراء انقراض جميع الذين تصدوا للصدارة، ففرض الواقع بتطوراته المختلفة على القيادة السعودية وتحديدا في العهد الحالي (عهد الملك سلمان) التصدي لقيادة دور هو في حقيقته يمثل ضرورة الدفاع عن السعودية بعد أن تحولت لهدف مباشر للعقيدة المجوسية تعمل على إضعافها وتقسيمها ومحاصرتها بالأزمات والطوائف المتمردة الحاملة بلادها إلى دائرة النفوذ والهيمنة الإيرانية.

    أمام هذا الواقع يرى كل عربي مخلص لأمته ودينه السعودية السد المنيع بوجه هذه الحرب الفارسية المجوسية التي بدأت باغتيال عمر واستمرت بعد ذلك حتى تمكنت من القضاء على دولة بني أمية بعد 90 عاما من قيامها، بينما تدخل الدولة السعودية الثالثة وعلى نفس طريق دولة بني أمية (عروبة وعقيدة صافية) عامها التاسع والثمانين وهي في أوج قوتها، بينما المشروع المجوسي منكشف ويتهاوى وعلى وشك السقوط بعون الله.

    هذا هو ما قصدته عندما قلت بأنه بقي على السعودية عامين حتى تبلغ عمر دولة بني أمية، وهذا هو الأفق التاريخي لذلك مما أنا على يقين منه وعلى ثقة بأن شخصا كعبدالله العذبة لا يمكن أن يستوعبه!..

    إن رأي شخص جاهل بالتاريخ وبالجغرافية ليس مشكلة فالأخ كما تبين للكثيرين متخصص بالمكالمات والمطارحات الغرامية الليليةالساخنة!.. لكن المؤسف أن تكون دويلة صغيرة ليست أكثر من نتوء زائدة جغرافية تروج عبر مثل هذا الجاهل لانهيار السعودية وانتصارالمجوسية!..
    وهذا عجيب حقا!..

    *يوسف علاونه*
    twitter: @ysf_alawneh
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام