• بلبلة لدى تجار الأعمال الفنية بسبب تعهد ماكرون "إعادة" تراث إفريقيا السليب


    المصور: فرنسوا غيو

    A G - AFP تنشغل أوساط تجار الأعمال الفنية البدائية الذين اجتمعوا أخيرا في باريس، بالعهد الذي قطعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العام الماضي إعادة التراث الإفريقي المسلوب إلى أصحابه، مع تحذيرات من إشكاليات محتملة قد يطرحها مبدأ إعادة الأعمال الفنية إلى بلدانها الأصلية.
    ويحذر خبراء وأصحاب قاعات عرض فنية شهيرة شاركوا في الأيام الماضية في ملتقى باريس للمتخصصين في القطاع من أن وعد ماكرون "غير قابل للتطبيق" وقد يفتح الباب على مشكلات جمة، من دون إخفاء مخاوفهم وحتى استيائهم.
    ويقول المحامي المتخصص في تجارة الأعمال الفنية إيف برنار دوبي "الإعادة تعني إرجاع ما أخذناه. هذا الأمر يفترض وجود جهة حائزة لعمل بشكل غير قانوني من جهة ومالك سليب الحق من جهة ثانية، وهو ما لا ينطبق هنا".
    ومن البرامج التلفزيونية إلى الصحف، استحال هذا الخبير القانوني البلجيكي صوت المعارضين لإعادة الأعمال الثقافية "المنهوبة" خلال الحقبات الاستعمارية والتي يطالب بها بعض البلدان الإفريقية.
    ويقول خبير فرنسي شهير "لحسن الحظ أنه موجود"، معتبرا أنه من الصعب "مخالفة أصول اللباقة والتصرف"، رغم أنه يشاطره الرأي في طروحه.
    ويوضح جوليان فولبيه أمين متحف ترفورين البلجيكي أحد أبرز مواقع عرض الأعمال الفنية الإفريقية "إذا ما أعلننا معارضتنا للإعادة نُتهم بالعنصرية أو بالنزعة الاستعمارية الجديدة. كثيرون لا يرغبون في أن يوسموا بمثل هذا الوصف فيما هم بعيدون كل البعد عنه".
    ويضيف هذا الأستاذ الجامعي المتخصص في الفنون الإفريقية "هي مسروقة؟ وإن يكن. في أوروبا أيضا نُهبت قطع فنية".
    - "مجموعات لا تتقادم" -
    ونشأ الجدل بعد مطلب تقدم به رئيس بنين باتريس تالون. ففي 2016، طلب هذا الأخير من فرنسا إعادة جزء من الكنوز العائدة إلى مملكة داهومي والتي أخذتها القوات الفرنسية بين 1892 و1894 وباتت معروضة في متحف كيه برانلي في باريس.
    وبعد رفض فرنسي قاطع في بادئ الأمر، لقي هذا الطلب آذانا صاغية لدى الرئيس إيمانويل ماكرون الذي وعد من بوركينا فاسو ب"إعادة التراث الإفريقي السليب إلى إفريقيا" ثم أوكل أستاذين جامعيين من فرنسا والسنغال مطلع العام الحالي مهمة تحديد الظروف المحتملة لإتمام هذه العملية. ومن المتوقع أن يصدرا تقريرهما في تشرين الثاني/نوفمبر.
    لكن إيف برنار دوبي يرى أن هذا الوعد "غير قابل للتطبيق"، مشيرا إلى أن مجموعات المتاحف الفرنسية محمية بموجب قانون التراث وهي "غير قابلة للتجزئة ولا المصادرة ولا التقادم". ويضيف "لا يمكن بيعها ولا وهبها".
    وتنص معاهدة لمنظمة اليونسكو موقعة في 1970 على إعادة المقتنيات الثقافية إلى بلدانها الأصلية في حال الاستملاك غير القانوني، لكن من دون مفعول رجعي.
    وفي استثناء نادر، أعادت فرنسا في 2010 إلى كوريا الجنوبية مخطوطات ملكية تطالب بها سيول منذ زمن بعيد.
    ويقول إيف برنار دوبي "حصل تحايل على القانون وقُدمت إعارة قابلة للتجديد، لكن إقرأوا ما ورد في الصحافة الكورية، هي نظرت إليها على أنها إعادة ولا يمكن يوما لفرنسا استرجاع هذه الإعارة غير المحددة زمنيا".
    - "تبعات خطيرة" -
    وتعتبر جوديت شوفل دو فابري وهي صاحبة دار للمعارض الفنية أن الرئيس الفرنسي فتح الباب أمام مشكلات جمة وقد يكون لوعده "تبعات خطيرة".
    وتقول "سيصبح لكل بلد الحق في المطالبة بما له من أفريز البارثينون إلى لوحة الموناليزا ومسلة كونكورد"، مضيفة "من التبعات المباشرة لعمليات الإعادة ستكون إفراغ كل المتاحف من أهم أعمالها".
    ويوضح ديديه كلايس صاحب دار للمعارض الفنية في بروكسل المولود لأب بلجيكي وأم من الكونغو "لا الأفارقة ولا غيرهم يريدون رؤية المتاحف تفرغ من أعمالهما. لكن المتاحف الأوروبية ملأى" فيما "إفريقيا مبتورة التراث".
    ويضيف "يجب على الأقل القبول بمبدأ النقاش" لفكرة إعادة الأعمال الفنية.
    ويشدد كلايس على أن "لإفريقيا الحق في ألا يقتصر حضور تراثها على المجموعات الخاصة والمتاحف الأوروبية"، موضحا أن هذا الأمر قد يحصل عبر "عمليات إعارة وهبات وتبادلات".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام