• جامعو الكرتون في هونغ كونغ مهددون بفقدان مورد بقائهم


    المصور: ايزاك لورنس

    A G - AFP تقوست أصابع أو فونغ لان ابنة السابعة والستين بعدما جمعت على مدى عقدين علب الكرتون في هونغ كونغ... غير أن مشقات العمل ليست السبب الذي قد يدفعها للتخلي عن مهنتها الجاحدة هذه بل السياسة البيئية الجديدة للسلطات الصينية.
    فهذه المرأة هي من بين 2900 شخص بغالبيتهم من النساء المسنات، من أصحاب البنية الهزيلة الذين يجرون عربات كل يوم في شوارع المدينة الضخمة في جنوب الصين.
    ويقوم عمل هؤلاء على جمع الكرتون الذي يرميه أصحاب المتاجر والمطاعم والأفراد بغية إعادة بيعه في مقابل بضعة دولارات لمستودعات متخصصة في إعادة التدوير حيث لهذه المواد قيمة أعلى من البلاستيك.
    وفي ظل غياب مصانع إعادة التدوير في هونغ كونغ، ترسل هذه المراكز الكرتون إلى الخارج خصوصا إلى بر الصين الرئيسي حيث حطت رحالها 95 % من كميات الكرتون المستخدمة في المستعمرة البريطانية السابقة.
    غير أن المشكلة تكمن في أن الصين التي لا تريد أن تبقى مكب نفايات العالم، تعتزم بحلول 2020 إغلاق أبوابها أمام النفايات الصلبة الواردة من الخارج حتى من هونغ كونغ المنطقة الخاضعة للسيادة الصينية رغم تمتعها بنظام إداري خاص. وهنا الخطر على بقاء مورد عيش أو فونغ لان.
    وتبدي هذه المرأة واقعية إذ تؤكد أنها لا تحاول التفكير كثيرا في هذه الفرضية وتواظب على جر عربتها بواقع أربع عشرة ساعة يوميا.
    ويقضي هدفها بجمع ما يكفي من المال لدفع أتعاب الممرض الذي سيعتني بها وبزوجها البالغ 77 عاما والذي يعمل مثلها في جمع الكرتون، عندما سيقرران التقاعد.
    - "حرية" -

    المصور: ايزاك لورنس

    وهي تروي لوكالة فرانس برس "البعض يقول إن عملنا شاق وينظرون إلينا بفوقية. هم يقولون لنا +أنتم طاعنون في السن، عودوا إلى منازلكم واستفيدوا من الحياة+".
    وتضيف "لكن إذا ما كنت لا أزال قادرة على العمل فلا أريد الاعتماد على الآخرين".
    وانطلقت أو فونغ لان في جمع الكرتون بعدما فقدت وظيفتها كعاملة.
    وهي أم لثلاثة أبناء عاملين لكنها لا تريد مساعدة منهم.
    ومع العمل منذ ساعات الفجر الأولى، وقبلها في بعض الأحيان، حتى هبوط الظلام، تجني هذه المرأة 300 دولار محلي (38 دولارا أميركيا) يوميا مع جمع 300 كيلوغرام من الكرتون الذي تبيعه في مقابل دولار محلي واحد للكيلو. هذا الرقم هائل قياسا مع متوسط الأرباح التي يجنيها جامعو القمامة والبالغة 47,3 دولار محلي يوميا بحسب منظمة "وايست بيكرز بلاتفورم" غير الحكومية، أي أقل بست مرات من ايرادات أو فونغ لان.
    وتوضح المرأة الستينية أن أصابعها تقوست بسبب مواظبتها على تمزيق الكرتون وتبسيطه يدويا.
    وهي تعرضت مرتين للدهس خلال جرها عربتها إلى مستودع حي كواي فونغ الذي تقيم فيه، ما تسبب لها بإصابات في الكتفين والقدمين.
    غير أنها تقول إنها سعيدة بهامش "الحرية" الذي تتمتع به بفضل عملها لحسابها الشخصي.
    وهي تقول "لا أخاف. أفعل ذلك يوميا"، رغم أن مهنتها غير المعترف بها رسميا لا تخولها التمتع بأي حماية اجتماعية.
    - استنفاد القدرة الاستيعابية -
    وقد يوجّه قرار الصين بمنع استيراد المواد المستخرجة من القمامة من الخارج، بما في ذلك هونغ كونغ، ضربة قاضية لهذه المهنة، ويحرم أعدادا كبيرة من هؤلاء المسنين من موارد البقاء.
    وتشير أرقام منظمة "وايست بيكرز بلاتفورم" إلى أن 80 % من الجامعين تفوق أعمارهم 60 عاما كما أن بعض هؤلاء في التسعينات من العمر. وأربعة من كل خمسة جامعين هن نساء كما أن ثلث هؤلاء يعملون لثماني ساعات يوميا على الأقل.
    ويمثل هذا العمل لكثيرين مورد رزق آخر يضاف إلى مخصصاتهم التقاعدية الهزيلة أو مدخراتهم.
    وتحتل هونغ كونغ المرتبة الرابعة على قائمة أغلى مدن العالم لناحية كلفة المعيشة وفق "إيكونوميست انتلجنس يونيت".
    وتلفت المنظمة غير الحكومية إلى أن ما لا يقل عن 193 طنا من النفايات تنقل يوميا إلى المستودعات على يد هؤلاء الجامعين.
    ويقول جاكي لاو المسؤول عن منظمة محلية تضم شركات عاملة في قطاع إعادة التدوير إن القرار الصيني قد تكون له تبعات كارثية أيضا على هذه المستودعات.
    ويشير إلى أنه في حال إغلاق هذه الشركات أبوابها فقد تحصل "أزمة نفايات ورقية" في هونغ كونغ بسبب انسداد مجالات تصريفها.
    وتعتمد المدينة على مكباتها لكن طاقتها الاستيعابية استنفدت تماما.
    ويأمل جاكي لاو في أن تعيد الصين النظر في سياستها إزاء هونغ كونغ مشددا أيضا على ضرورة أن تعجل هذه الأخيرة في بناء مصنع لإعادة التدوير.
    وقد حاول أبناء أو فونغ لان عبثا إقناع والدتهم بالتخلي عن هذا العمل، إذ إنها تعتبره بمثابة استثمار لمستقبلها.
    وهي توضح "لقد قلت لهم إنهم في حال كانوا يخجلون بي، فليكفوا عن اعتباري والدتهم. بعدها، لم أسمع منهم أي جواب".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام