• شعر مستعار لإعادة البسمة للأطفال المصابين بالسرطان في البوسنة


    المصور: الفيس باروكشيتش

    A G - AFP لم تكن أيلا نيزيتش تعرف ما هو السرطان حتى تشخيص إصابتها في سن الرابعة... هذه الشابة البالغة حاليا 19 عاما تقود حملة في البوسنة تقدم بالمجان للأطفال المصابين بالمرض ما عجز والداها عن مدها به حينها وهو الشعر المستعار.
    ففي هذا البلد الواقع في منطقة البلقان والمصنف أحد أفقر بلدان أوروبا، يمثل التضامن الاجتماعي في أحيان كثيرة ركيزة أساسية لإنقاذ الأرواح. وتنشر الصحف في هذا البلد بشكل شبه يومي نداءات للتبرع لتمويل علاجات طبية لأشخاص في الخارج بسبب تعذر معالجتها في البلاد، كعمليات زراعة الكلية أو النخاع العظمي.
    ويمكن شراء شعر مستعار اصطناعي للبالغين في الأسواق البوسنية، لكن يتعين على الراغبين بشراء ذلك على قياس طفل التوجه إلى كرواتيا المجاورة. مع ذلك، يشكل السعر الباهظ لهذه المنتجات والذي يفوق ألفي دولار للقطعة الواحدة عائقا كبيرا أمام شراء هذه السلع في البوسنة التي يقرب معدل الرواتب الشهري فيها من 400 دولار.
    وتقول أيلا التي شفيت قبل عقد ونصف العقد من إصابتها باللوكيميا "قد يبدو تافها التفكير بهذا الأمر عندما يكون الهم الأساس محاربة مرض بهذه الشراسة، غير أن فقدان الشعر له تبعات نفسية ثقيلة جدا خصوصا على الفتيات اللواتي لا يجرؤن على الخروج في العلن".
    - "شعري شعرك"
    هذه الحملة التي تحمل عنوان "شعري شعرك" تشجع البوسنيين خصوصا النساء على التبرع بجزء من شعرهم لمحترف لتصنيع الشعر المستعار للأطفال افتتح في ساراييفو في تشرين الأول/أكتوبر الماضي ويديره حوالى عشرة متطوعين.
    وقد أتت المئات لتقديم خصل شعر خلال أحداث شهدتها مدارس أو مراكز تجارية، فيما أرسلت أخريات ضفائر من شعرهن عبر البريد.
    ويتيح صنع شعر مستعار بالاعتماد على خصل شعر طبيعية توفير الأموال التي تدفع عادة لمعدات تصنيع الباروكات، فضلا عن إعطاء مظهر طبيعي أكثر.
    وخلال فترة بعد الظهر في مدرسة هادزيتشي قرب ساراييفو، تجلس تلميذات كثيرات بهدوء فيما تسرح خلفهن بالغات شعرهن البني قبل قطع خصلهن الثمينة.
    وتقول سوانا سيهيتش (13 عاما) وهي إحدى الواهبات "أريد إعادة البسمة إلى وجوه كل الأطفال، لا أريد أن أكون الوحيدة التي تضحك".
    وحتى اليوم، صنعت حوالى عشرين باروكة وقدمت للأطفال، على ما توضح نرمينا كوزوفينش (39 عاما) التي أعدت هذا المشروع بدعم من برنامج مساعدة تابع للحكومة السويسرية.
    وبالإضافة إلى تصنيع الباروكات، يدرب المشغل أيضا بالموازاة حرفيين مستقبليين في بلد باتت مهنة مصنعي الشعر المستعار فيع على وشك الاندثار بحسب كوزوفينش.
    - "بيتنا الثاني" -
    ويتعلم حوالى عشرة أشخاص في المشغل فن صنع الشعر المستعار. ويوضح فؤاد خليلوفيتش البالغ 22 عاما وهو مدير المشغل أن إنجاز باروكة يتطلب الاستعانة بشعر ما لا يقل عن ستة أشخاص كما يجب أن تكون الخصل المقطوعة بطول لا يقل عن 30 سنتيمترا ولونها يجب أن يكون "متطابقا لأقصى حد". وتستغرق المهمة "ما بين عشرة أيام إلى خمسة عشر".
    وهو يقول "نحاول أن يشبه الشعر المستعار إلى أقصى حد تسريحة الطفل قبل فقدانه شعره. نأخذ قياسات للرأس ونعاين الصور القديمة".
    هذه الحملة هي من بين حملات كثيرة أطلقتها جمعية "قلب للأطفال" التي أسسها أهال لأطفال مرضى قبل عقد ونصف العقد.
    وفي 2016، فتحت الجمعية بدعم من جهات واهبة كثيرة "دار الأهل" قرب مستشفى الأطفال في ساراييفو استضاف حوالى مئة عائلة. وتمنح هذه الدار مساعدة نفسية واجتماعية لذوي المرضى في الوقت الذي يتلقى خلاله أطفالهم العلاج في المستشفى، فضلا عن تقديم المأوى لمن يقطنون خارج ساراييفو.
    ويوضح رئيس الجمعية فكرت كوبات "قبلا كان الأهالي ينامون في السيارة قرب المستشفى بسبب غلاء منشآت الإيواء في ساراييفو خصوصا في ظل طول مدة العلاج".
    وتضم هذه الدار عشر شقق ويسعى القائمون عليها إلى إيجاد "عراب" لصيانتها.
    وتقول عاطفة بولديتش بيسيتش (30 عاما) التي نزلت في الدار على مدى سبعة أشهر في 2016 عندما كانت ابنتها تتلقى العلاج من مرض اللوكيميا "هنا بيتنا الثاني، هذا المكان الوحيد الذي كانت ابنتي تبتسم فيه وبدأت فيه بالركض وكانت تلعب مع أطفال آخرين".
    وتعهد المهاجم البوسني الدولي في نادي "ايه اس روما" ادين دجيكو أخيرا تمويل صيانة إحدى هذه الشقق على مدى ثلاث سنوات.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام