• أنصار التنوّع البيئي يواجهون مستثمري "الذهب الأخضر" في غابات السويد


    المصور: -

    A G - AFP أثارت الحرائق التي تضرب غابات السويد اعتراضات على قطاع إنتاج الخشب المتهم بالتضحية بالتنوّع الطبيعي في سبيل المكاسب التجارية.
    والغابات الشمالية هي من المقدّسات في الأساطير الشعبية التقليدية في السويد، وهي تغطي 70 % من أراضي هذا البلد الواقع في أقاصي شمال أوروبا.
    ويؤمن سوق استغلال الغابات العمل لمئة الف شخص ويجعل من هذا البلد الثالث على مستوى العالم في تصدير الخشب والورق.
    تغطّي الغابات 95 % من مساحة بلدة يوسدال الصغيرة، ويؤمن قطاع الخشب معيشة الكثيرين من أبنائها، على غرار القرى والبلدات الأخرى الواقعة في المناطق الشمالية.
    وهكذا يشكّل "الذهب الأخضر" أحد أركان الاقتصاد السويدي، وصار كبار التجّار من النخبة السياسية في البلد، حتى أن الملك كارل غوستاف نفسه هو من كبار المستثمرين في هذا القطاع.
    وترتفع الأصوات مع اندلاع الحرائق الكبرى في الآونة الأخيرة، للتنديد بدور المستثمرين في الغابات، وقد احتلّ هذا الجدل حيّزا كبيرا بشكل سريع بين السويديين.
    وندد الكاتب أوليغ كارلسون في مقال صحافي بما سمّاه "سلسلة الغابات المسطحة التي تفرش السجاد الأحمر أمام عواصف النار، وتطلق في السماء ألسنة اللهب".
    وقال منتقدا "ربما لم يكن من المكر أن يُعتمد على الصنوبر والسرو، وإزالة الأشجار الصلبة وإبدال الغابات المتنّوعة بغابات ذات نوع واحد يمكن أن تنتشر فيها النيران بسرعة 80 مترا في الدقيقة".
    - تراجع في وتيرة الحرائق -
    معظم الغابات السويدية حديثة العهد، عمرها أقلّ من مئة عام، وهي توصف بأنها غابات إنتاجية لأن الصنوبر الكثيف يشكّل 83 % منها ويؤدي طول هذه الأشجار وكثافتها إلى حجب ضوء الشمس عن الأنواع الأخرى الأقصر منها، والقضاء عليها مع الوقت.
    وبحسب رولف إيدشتروم المتحدث باسم جمعية "نورسكوغ" التي تقول إن عدد أعضائها من المستثمرين يصل إلى 12 ألفا "لا فرق في أن تكون هذه الغابات قديمة أو حديثة في هذه الظروف".
    فبعد أسابيع من الجفاف ودرجات الحرارة التي وصلت إلى 35 درجة مئوية، من الطبيعي أن تكون النيران أكثر سرعة في الانتشار.
    لكن رغم الحرائق الكبيرة التي عصفت بغابات السويد في الآونة الأخيرة، يشير يوهان سيوستروم الخبير في معهد الأبحاث السويدي إلى أن الحرائق هي في أدنى معدّل لها منذ البدء باستغلال الغابات.
    ويقول "حرائق الغابات اليوم نادرة جدا، لسبب واضح هو أننا نخمدها، وهذا ما لم نكن نفعله من قبل، ولم تكن لنا موارد لنفعله".
    ويدافع ماغنوس كيندبوم مدير الحدائق في اتحاد المزارعين السويديين عن "الجهود التي بذلها المستثمرون لزرع أشجار مورقة".
    لكن جمعيات الدفاع عن البيئة تشكّك في ذلك وتطالب بحماية كبيرة لأجزاء من الغابات.
    وتتواجه الشركات المستثمرة والمنظمات البيئية في حرب أرقام، فبينما تقول الأولى إن الأراضي المحمية تشكّل 25 % من الغابات، تؤكّد المنظمات أنها لا تتعدى نسبة 4 %.
    - وعي متزايد -
    وترى المنظمات غير الحكومية أنها أمام تحدّ في ما يتعلّق بالتنوّع البيئي والنباتي والحيواني، وفي مكافحة الاحترار المناخي أيضا.
    ويقول مركز المعلومات السويدي حول الأنواع الحية إن عُشر الأنواع التي تعيش في الغابات الشمالية مهدد.
    لكن الوعي بهذه المسائل يبدو أنه يتّسع في صفوف المستثمرين، وهو ما يراه رولف إيدشتروم ثمرة ثورة ثقافية.
    ويقول "الغابات المحمية، والغابات القديمة، وأنواع العصافير، كلها مؤشرات على أن الأمور تسير في اتجاه جيد".
    لكن هذا التفاؤل لا يروق كثيرا لمنظمة "غرينبيس" التي ترى ممثلتها في السويد لينا بورليوس أن التنوّع لا يمكن أن يقوم على نوع واحد من الأشجار.
    وفيما يشدد المدافعون عن البيئة على ضرورة التنوّع البيئي لمكافحة الحرائق والاحترار والتدهور الحيوي، يتمسّك المستثمرون بحريّتهم في اختيار ما يريدون من زراعات، بصرف النظر عن أثرها على الأنواع الأخرى.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام