• لوثة الانتماء لقريش من غير أهلها.. ومحمد الهاشمي كمثال!


    بقلم : يوسف علاونه لم تقتصر لوثة الانتماء لقريش وما يسمى أهل البيت على جماعة اللطم، وإن كانوا الأشد وقاحة من غيرهم عندما ينادون غربانهم السود بلقب يا ابن رسول الله!.. فيما الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" الأحزاب 40.. لكن اللوثة امتدت لتشمل كل أحد يريد إيجاد نسب شريف لنفسه مع أنه لو احتفظ بنسبه لكان هذا أفضل له وأصدق فضلا لأن جل أنساب العرب مكرمة وشريفة.

    مع أن النسب في كثير من الحالات غير نافع لصاحبه ولا منج له من الإثم والحساب في الدنيا والآخرة. والعرب هم الأمة الوحيدة على مر التاريخ التي احتفظت بأنسابها أباء عن أجداد ما يصعب معه أي تلاعب، باستثناء هذه الحالة التي ارتبطت بعملية دجل ديني لا أساس له، قامت على أس وجود ذرية لآخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، مع أن الله نفسه جل في علاه، يقضي بأن هذا النبي الخاتم ليس أبا لأي أحد من الرجال في نص جلي قاطع شديد الإيضاح!

    وبالطبع فإن هذا لا ينفي النسب العظيم لقبيلة قريش التي قدمها العرب وسيدوها في الجاهلية قبل الإسلام، ومن دون سيف أو مال أو أي تأثير، وإن كان هذا لم يحل دون كون أن أشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته كانوا من أقاربه القرشيين يتقدمهم عم للنبي (عبد العزى بن عبدالمطلب أبو لهب) خلد القرآن ذمه إلى يوم الدين "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ" سورة المسد.

    لكن المحاولات باسم الدين لاستغلال هذا النسب استمرت في سياق الصراع على السلطة، ولهذا تم ربط ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذرية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فصار نسب علي يعني زورا وبهتانا نسب النبي محمد عن طريق البنت (فاطمة) لتختفي من الذكر ذراري أعمام علي (العباس مثلا) مع أن العباسيين حكموا المسلمين 600 سنة!.

    وتواصل هذا في الدين الشيعي بغطاء (ولاية علي) المفبركة وصولا إلى ذرية ولده الثاني (الحسين) بعد القفز على ذرية ولده الأول (الحسن)، مع أنه حسب الدين الشيعي (إمام وخليفة) وأسبق من أخيه!.. وذلك لأن ذرية الحسين من أم فارسية مزعومة هي ابنة كسرى الذي أطاح العرب المسلمون بامبراطوريته وسحقوها!.

    وهكذا تضاءل عدد المنتسبين لذرية الحسن، مع أنه كان مزواجا وأكثر ذرية من أخيه الحسين!.. كما ضاع ذكر ذرية 10 أخوة للحسن والحسين وضاع ذكر ذرية أخوة علي بن أبي طالب كعقيل بن أبي طالب الذي يبغضه الدين الشيعي مع أنه يمجد ابنه (مسلم بن عقيل)!.. وضاعت ذرية عدد كبير من أبناء أبي طالب!.

    ثم بسبب التعمية والاحتيال والمجاملة وبالضد من نص القرآن استقر دجل لقب (ابن رسول الله) على كل من ينتمي لذرية علي بن أبي طالب، مع أن الله سبحانه أخذ النبي صلى الله عليه وسلم إلى منحى آخر مختلف كليا عن مطامع الدنيا فأعطاه شيئا فوق الذرية بأن جعله أولى من المؤمنين بأنفسهم وجعل زوجاته أمهات المؤمنين أمهاتهم!.. حيث يقول في كتابه الكريم "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا" الأحزاب 6.

    وفي التاريخ كان الدجل والزعم بأن فلانا ابن رسول الله سببا للقتل والدمار على المسلمين أكثر من أي سبب آخر!.. فالذين قتلوا بسبب الدين الشيعي بغطاء (ولاية ابن رسول الله) وجرائم أكذوبة (قلت يا ابن رسول الله) كانوا بالملايين، وتحديدا حيث مصدر الأكذوبة الضالة المضللة في بلاد الفرس وجنوب العراق!.

    في نظام العرب فإن لكل قبيلة شيوخا حيث تنتقل (المشيخة) من الأب للابن فإن لم يكن فمن الأخ لأخيه، وهكذا فيكون نسب من داخل القبيلة يمثل شيوخها فينتج عن ذلك أسماء لامعة لأبطال أو رجال لهم أثر ساحق فيجري تخليد أسمائهم في كل القبيلة فتتكرر أسماؤهم في كل فروع القبيلة وخارج ذرية المشيخة!.

    وينتج عن هذا وعبر الاسم احتيال كثيرين بأنهم من فرع (مشيخة) القبيلة بينما هم غير ذلك وليسوا غير ذراري من فخوذ أخرى سماهم آباؤهم على أسماء أبطال ونجوم شيوخهم!.. لكن الناس بطبيعة الحال عندما تدقق تعرف وتنتبه، فهذا شأن لا يبز فيه أحد قبائل العرب!.

    مثل هذا حدث للنسب القرشي وتحديدا الهاشمي، وفي دين التشيع حدث التزييف للنسب العلوي وتحديدا الحسيني بعرقه وامتداده الكسروي، كون الفرس لا يميزون بين انتسابية الذكر والأنثى!.. وكان لهم الهوى جراء عقدة النقص مقابل العرب لأن يمجدوا نسب الحسين من الأم الفارسية الكسروية (الشريفة)!.

    وامتد الأمر هذا للمسلمين السنة أنفسهم خصوصا في البلاد البعيدة، فكان الآباء يطلقون اسم (هاشمي) على الأبناء مع أن أصولهم تعود لقبائل أخرى غير قريش!.. وكان الأمر جذابا لأسباب سياسية واجتماعية!.. مما ينطبق على الزميل الإعلامي التونسي الأستاذ محمد الهاشمي الحامدي.. فهو غير هاشمي!. فمحمد الهاشمي من أبناء قرية من قرى ولاية سيدي بو زيد في الجنوب التونسي، وهي قريبة من قفصة التي بدأت منها ثورة تونس بعد أن أحرق (البوعزيزي) نفسه!.

    وقد درس الأستاذ محمد في الجامعة وكان له نشاط سياسي طلابي وكان يكتب بالصحف، وفي عهد الحبيب بورقيبة وحكم عليه بالسجن لانتمائه للإخوان!.

    ولما خرج محمد من السجن بعد سنة غادر إلى السودان حيث كان نفوذ الإخوان عبر شراكة الدكتور حسن الترابي للجيش السوداني، ومن هناك غادر إلى لندن حيث ألف كتابه الذي انقلب فيه على جماعة الإخوان وشن فيه هجوما عنيفا على راشد الغنوشي ومن معه، وعرف نفسه بأنه (محمد الحامدي) فقط!. لكن خلال الحوارات بين مشايخ من الدين الشيعي ومشايخ من دين الإسلام التي عرفت فيها قناة المستقلة - قناة صغيرة من غرفة واحدة بطاولة مستديرة وكاميرا واحدة أسسها محمد مع شريك من العراق - خلال هذه الحوارات تنبه الرجل لأهمية الانتساب الهاشمي فركز عليه وصار اسمه محمد الهاشمي الحامدي!.

    أي أن اسم الهاشمي في سلم أو ترتيب نسبه ليس اسم قبيلة الهاشميين من قريش!.. بل هو اسم أبيه أو جده أو جد أبيه.. وهذا اسم يطلقه الآباء على أبنائهم وليس نسبا ينتسب إليه!. ومساحة الرد والتوضيح متروكة للزميل لو كان هاشميا.. فعلا.

    *يوسف علاونه*
    twitter: @alawnay
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام