• مانديلا في حياته اليومية


    المصور: رودجر بوش

    A G - AFP ما كان أحد ليتصور أن اللقاء بين شابة بيضاء وبطل الكفاح ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا سيثمر تعاونا وطيدا، لتصبح زيلدا لا غرانج على مرّ السنوات من أقرب معاوني نلسون مانديلا.
    وقد التقت وكالة فرانس برس بهذه المرأة الاربعينية بمناسبة الذكرى المئوية لولادة اول رئيس اسود لجنوب افريقيا. ووافقت على أن تتحدث عن الحياة اليومية الى جانب "ماديبا" وهو لقب مانديلا، وعن الكاريسما الخاصة به واهتمامه بالاخرين وعيوبه.
    وكانت زيلدا لا غرانج في سن الثالثة والعشرين عندما عينت مساعدة في الرئاسة الجنوب افريقية العام 1994 والتقت الرئيس مانديلا بعد اسبوعين في مكتب سكرتيرته الخاصة.
    - اللقاء -
    وتقول لا غرانج "وجدت نفسي امام هذا الرجل الذي كنت اعتبره عدوا الى حد ما (..) واول شيء لاحظته فيه هو اللطافة التي تشع من وجهه وصدق ابتسامته".
    واضافت "كان يتوجه الي بالحديث واضطررت الى أن اقول له هل يمكنك ان تعيد ما تفضلت به. فكرر كلامه وتبين لي انه يتحدث الي بلغة أفريكانز اي لغتي، لغة مضطهديه الذين زجوا به بالسجن".
    وتابعت قائلة "لقد نجح فورا في اسقاط كل الحواجز (..) تأثرت كثيرا وشعرت بالذنب لان هذا الشخص اللطيف الواقف امامي يعاملني باحترام كنت اظن يومها اني لا استحقه".
    - فضائل وعيوب -
    وقالت "كانت لديه القدرة على احترام اي كائن بشري. عندما كان ينظر الى عيني شخص آخر كان يصغي اليه جيدا (..) كانت هذه قوته الاعظم كان يرجح كفة الانسان على الايديولوجيا" مضيفة "كان رجلا عنيدا جدا ومسؤولا عنيدا جدا. عموما كان يتخذ قراره بعد تفكير معمق لذا كان من الصعب حمله على تغيير رأيه".
    - احترام -
    وروت "خلال تناول الغداء او السفر كنا غالبا ما نجري مناقشات سياسية وكنا نختلف فيها احيانا ولا سيما عندما نتناول الماضي ونظام الفصل العنصري. الا اننا لم نتواجه يوما كان الامر يتم باحترام كبير لان ماديبا كان يدرك خلفيتي. كان يعرف ان بامكانه الوثوق بي تماما وانا كنت اقدر له ذلك. بالنسبة لي وعلى الصعيد المهني شكلت الثقة التي منحني اياها أجمل ما عرفته في مسيرتي الى جانبه من دون اي منازع".
    - ثورات غضب -
    وأوضحت أن "مانديلا كان منضبطا وصارما جدا كان يكره الذين يحاولون التلاعب به او اصدار الاوامر اليه. نادرا ما كان يغضب.. وحدها عدم النزاهة كانت تجعله يستشيط غيظا على الدوام".
    - حزن -
    واضافت "لاحظت ان انفصاله عن عائلته (خلال سجنه) خلف اضرارا عليه.. فبعد مضي سنوات طويلة كان لا يزال يصعب عليه اقامة علاقات. عرفت جانبا حزينا لدى نلسون مانديلا وصعوبته في الاستمتاع بالاشياء البسيطة".
    واوضحت "بعد زواجه من غراسا ماشيل (زوجته الثالثة والاخيرة) بدأ يستمتع فعلا بهذه الامور التي نعتبرها تحصيلا حاصلا مثل الذهاب الى المطعم".
    - بساطة -
    وروت ايضا "عندما كان يصل الى مكان ما في زيارة غالبا ما كان يتوجه اولا وبشكل عفوي الى موظف الاستقبال او الحارس قبل ان يصافح رئيس مجلس الادارة الذي كان ينتظره. وكان البعض يعتبر انه يقلل من اعتبارهم لانه لم يلق التحية عليهم اولا. لكن لم يكن الامر كذلك كانت هذه طريقته بالتصرف وكان يلقي التحية دائما على الاشخاص البسطاء وفي كل اسفارنا كنا نحرص على ان يلقي التحية على الاشخاص الذين عينوا لخدمته".
    - لحظاته الاخيرة -
    وقالت "رأيته للمرة الاخيرة وهو على قيد الحياة في 11 تموز/يوليو 2013. عدته في المستشفى (قبل ان اذهب في عطلة) لاني كنت اخشى ان يحصل له مكروه خلال غيابي. سمحت لي السيدة ماشيل ان اراه للحظات قليلة. عندما اقتربت من سريره سمع صوتي ولمست يده. وفتح عينيه فجأة وابتسم لي. نجاحي في رسم بسمة على شفتيه هو اجمل شيء يمكن ان يتمناه المرء وهي الذكرى الاقوى التي احتفظ بها. هذه البسمة المشرقة هي نفسها التي ارتسمت على شفتيه في المرة الاولى التي التقيته فيها".
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام