• أحاديث فضل أهل البيت وتحويرها لصالح التشيع


    بقلم : يوسف علاونه يفترض أن تكون أحاديث فضل أهل البيت في كتب الحديث داخلة في فضائل الصحابة، ولكن التشيع كان في بدايته وقبل أن يظهر انحرافه العقدي الكامل اتهم المسلمين بالنصب وكره أهل البيت!

    لأجل ذلك لم يفطن كثير من علماء السنة لهذا الاستدراج لأنهم لا يعلمون الغيب، فجعلوا أبواباً لأحاديث فضل أهل البيت وعنونوها ليثبتوا للعوام بأن علماء السنة ليسوا نواصب، وليسوا كما يشيع عنهم أهل التشيع من مناهضة أهل البيت وبغضهم بل وحتى لعنهم كما تخبر بذلك الكتب الشيعية الكاذبة.

    ولما فشا بين الشيعة شعار أو قول (الصلاة على محمد وآل محمد) وسب الصحابة، لم يكن المسلمون يستخدمون إلا الصلاة السنية المتواترة بين الصحابة منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أمر الله تعالى وهي عبارة (صلى الله عليه وسلم) استجابة لقوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" الأحزاب 56، ولم يقل سبحانه وتعالى صلوا عليه وعلى أهل بيته أو آل محمد أيضاً، مع أن الآل تعني الأتباع وتشمل الأهل التابعين لا الأهل المارقين، وهي (آل) وردت في القرآن 25 مرة كان منها 13 مرة آل فرعون!.

    وعند انتشار تكفير الصحابة وتخصيص آل محمد بالصلاة والسلام اعتقاداً أن الآل تعني الأهل - وهذا فهم أعجمي دخيل - أصبح أهل السنة من العجم ينكرون ذلك، ولكي لا يعتقد فيهم عوام الشيعة أنهم كما يقول عنهم قادة مشروع التشيع نواصب، فقد ألزموا أنفسهم عند الصلاة على النبي بما التزم به صناع التشيع وهم في الأصل أعاجم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذه العبارة لا خلل شرعي فيها سوى ابتداع إضافة (الآل) على ما تواتر عليه الصحابة وأقرهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها لا تستقيم لغةً، وليست على لسان العرب، فكلمة (آل) المضافة إلى ضمير لتصبح (آله) لا يوجد لها مستند لغوي يثبت صحتها في عصور الاستشهاد، كما أنها تضاف إلى ضمير غائب وهو الهاء، ولا يوجد أي شاهد لا من القرآن ولا الحديث ولا قول العرب منذ الجاهلية إلى سنة 150 هـ شعراً ونثراً ما يصحح ذلك، بل هذه الصيغة مخترعة بعد العام 150 هـ، ومعلوم أن أي كلام بعد هذا التاريخ لا يعتد به علماء اللغة في صحة أي عبارة لغوية.

    لا يوجد في القرآن الكريم أي تخصيص لامتداح أهل البيت (المضافين على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالنص الوارد حصرا في سورة الأحزاب) بنصوص الحديث الشريف أيا كانت درجة صحتها، وإنما جرى امتداح فضل هؤلاء في نطاق الصحابة الكرام أيا كانت درجة قرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم.

    وفي هذا الإجمال التجميعي يقول سبحانه وتعالى في أربع آيات كريمة على الأقل:

    "قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" المائدة 119.

    "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" التوبة 100.

    "لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" المجادلة 22.

    "جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ" البينة 8.

    لقد جامل كثير من العلماء المسلمين عوام الشيعة لأجل استمالتهم باستخدام هذه العبارة، وبعضهم يبدأ مصنفاته بالصلاة المتكلفة على النبي فيقول مثلاً: "والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين".

    وحتى كبار علماء السنة وممن يردون على الرافضة انتشر بينهم هذا التعبير غير الفصيح بل الأعجمي في أصل صياغته حتى بات مألوفاً لدى المسلمين السنة للأسف. ومع فشو هذا التعبير فإن الالتزام بما ورد في القرآن أولى "صلوا عليه وسلموا تسليما" إذ يكفي أن نقول "صلى الله عليه وسلم"، وما هو أكثر أو غير ذلك تزيد لا ضرورة له ويناقض النص الذي أراده الله لعباده المسلمين، بل في حال الشيعة بات الأمر ينطوي على مفارقة عجيبة وهي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يحظى بالصلاة عليه لوحده إطلاقا فيما يصلى ويسلم على من هم دونه لوحدهم!.

    وإن من علامات ضلالة المفكر التزامه عبارة (صلى الله عليه وآله) فنجدها لدى الضالين السنة المميعين لها والممهدين لنشر التشيع، ومن أمثلة ذلك: حسن المالكي، عدنان إبراهيم، وحسين الحوثي في بداياته قبل تحريفه، وأحمد الكبيسي، والمفكر الليبرالي إبراهيم البليهي، والمتأثرين بهم التزموا هذه الصيغة.

    ومن كان في بداية شهرته من المشايخ والمفكرين يستخدم عبارة (صلى الله عليه وآله وسلم) فاعرفوا أنه داعية للتشيع أو ممهد للوصول للتشيع حتى لو كان من السنة ما دام في بداية دعوته، ومُتَعَمَّداً من وسائل إعلامية إشهاره، وأقسم على ذلك، ولا أستثني إلا كبار السن ممن ثبتت عقيدته عقودا لأنه لا يكون إلا مقلداً ولا يلتزمها إلا أحياناً في مناسبة ما.

    خطأ (وآله) لغويا عند الاستدلال بكلمة ما أو البحث حول صحة مصطلح ما فعلينا الذهاب إلى الأصل والنشأة للكلمة أو العبارة لغويا، وعادة ما يكون البحث بالرجوع إلى زمن الاستشهاد اللغوي، وقد حدد علماء اللغة سنة خمسين ومئة من الهجرة النبوية (150)هـ لتكون حداً زمنياً ينتهي عنده الاستشهاد بصحة العبارة أو الكلمة أو المصطلح القديم، فما كان متوافقا مع ما قبل ذلك التاريخ فهو صواب، وما خالف ما كان عليه لسان العرب في فترة الاستشهاد تلك فهو مردود، مهما شاع استخدامه فيما بعد، والكلمة أو التركيب اللغوي إذا تم استخدامه أو استخدام شبيه له في تلك الفترة أي منذ عصر الجاهلية إلى سنة مئة وخمسين من الهجرة فذلك شهادة إجازة لتلك الكلمة أو العبارة، فيكون استخدامها صحيحا من حيث اللغة، ولأن اللغة العربية هي وعاء الدين الإسلامي، فإن الدقة في استخدامها والتوافق مع أصولها وقواعدها أوجب من غيره من العلوم والآداب وإن كان واجبا لغويا في كلٍّ.

    لقد شاع استخدام كلمة (آل) وكلمة (أهل) في الكلام الديني مع ظهور التشيع، وشاعت عبارة (صلى الله عليه وآله وسلم) الخاطئة لغويا بدلا من عبارة (صلى الله عليه وسلم) الصائبة لغويا، ويمكن تفصيل ذلك وتسهيل فهمه بالبحث عن التعبير الصائب وأسباب شيوع التعبير الخاطئ. أما الصواب فهو أن نقول عند ذكر النبي: صلى الله عليه وسلم، ولا نقول: صلى الله عليه وآله وسلم.

    وهناك دليلان على ذلك:

    أولا الدليل اللغوي: كلمة (آل) لا تضاف إلى ضمير أبدا إلا في حال الشذوذ، والشاذ لا يؤخذ به، وفي تفسير القرطبي تفصيل جميل.

    ثانيا الدليل الديني: قال تعالى في الصلاة على النبي (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ولم يقل صلوا عليه و(آله).

    أما من حيث السنة فقد تواترت كتب الصحاح والسنن على لفظ (صلى الله عليه وسلم) في أقوال الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد قول واحدٍ منهم أو من التابعين ذكر (الآل).

    أما كلمة (آل) فقد دخلت من التشيع على الصلاة المفردة، وأصبحت خطأ متداولا حتى عند السنة مجاراة للشيعة، لكي لا يتهموا بالنصب أو اختصاراً للصلاة الإبراهيمية وهذا لا يجوز، فالصلاة الإبراهيمية نصٌ شرعي بأحاديث صحيحة، يلتزم بها المسلم في التشهد فالصلاة أو عند محبته تكرارها في أذكار الصباح والمساء.

    وقد اخترع الشيعة الكذابون حديث الصلاة المبتورة (لاتصلوا عليَّ الصلاة المبتورة) لكي يعمموا صلاتهم وتكون مدخلا لبدايات التحريف واستمراء تكرارها بين المسلمين ليمرروا غيرها من البدع والخزعبلات، وقد حدث، وكذلك ليسهل عليهم رمي تهمة النصب على كل مسلم غير شيعي ويكون مدخلهم طريقة الصلاة، مع أنهم لن يقفوا عنده لتكفير المسلمين.

    لقد جاء الإسلام لعبادة الله وليس لتقديس فئة من البشر، فالرسول صلى الله عليه وسلم قدَّم في الصلاة أبا بكر وهو من بني (تيم) وقدم بعده عمر وهو من بني (عُد) وأثنى على عثمان وأوصاه بالثبات وهو من بني (أمية) بوجود علي الهاشمي فرضي الله عنهم أجمعين.

    وعن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان. رواه البخاري.

    ثم من المعلوم أن بني أمية أقرب لبني هاشم يجتمعون في جد واحد هو (عبدمناف) ويسمون (بنو عبد مناف) ومصطلح هاشمي وأموي لم تظهر إلا بعد الفتنة فقط ولم تظهر حتى في الجاهلية.

    خرج الأخنس بن شريق ليسأل كبراء قريش عما سمعوه من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. المصدر السيرة النبوية لابن هشام:
    (فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته، فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها، ولا ما يراد بها، قال الأخنس: وأنا الذي حلفت به.
    حتى أتى أبا جهل، فدخل عليه بيته، فقال: يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: ماذا سمعت، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه، والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه، قال: فقام عنه الأخنس وتركه).

    وهذا يدل على أن بني هاشم وبني أمية في طرف وبقية قريش في طرف آخر، وما شق أسرتهم إلا كفر بعضهم كأبي لهب وأبي طالب وعقبة بن ربيعة، أما أبو سفيان والبقية فقد أسلموا فيما بعد كحال العباس وبعض أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أراد صناع التشيع إظهار الاختلاف بين البيتين التي كانت تجتمع في (بني عبد مناف) وكانت عصبة بني هاشم وبني أمية تجتمع تحت مسمى (عبدمناف) ففخرهم واحد وشرفهم واحد.

    الغريب أن صناع التشيع ينسبون مقولة أبي جهل المخزومي لبني أمية ليخادعوا بها السذج، لكي يصدقوهم على هذا الشرخ وليستخدموه في الإسلام بينما لم يستخدم حتى في الجاهلية.

    والغريب أن أبا سفيان رضي الله عنه كان حريصاً على أن تَؤول الخلافة لعلي بن أبي طالب، وقد ألح على العباس أن يقنع عليا بأن يطلبها، لأن نظرة أبي سفيان أن عليا من بني (عبد مناف) ولا يريد أن تذهب الزعامة لغيرهم في الإسلام كما كانت في الجاهلية، هذا ولاء أبي سفيان لا كما يكذب مدلسو التاريخ ومحرفوه، بل إنهم يخفون هذه الحقيقة.


    *يوسف علاونه*
    twitter: @alawnay
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام