• أعلى مشفى في العالم في مرتفعات هملايا الخطرة والموحشة


    المصور: براكاش ماتيما

    A G - AFP وصل النبأ عبر اللاسلكي: لقد أصيب مرشد جبال بانهيار صخري، وسرعان ما حطّت مروحية نيبالية في المكان وانتشلته إلى غرفة العمليات حيث كان ثلاثة أطباء متأهبين لاستقباله وعلاجه في سباق مع الزمن..في أعلى مستشفى في العالم في مرتفعات إيفرست الخطرة.
    حلّ غروب الشمس على جبال هملايا، وبدأ القلق يتسلل إلى المتسلّقين من ألا تتمكن المروحية من الانطلاق نحو المستشفى قبل أن يهبط الليل.
    وكان المسعفون يحاولون تقديم ما أمكن من عناية للمرشد المصاب قبل نقله.
    ويروي الطبيب سوفاش داوادي لوكالة فرانس برس "كان ينزف، كان ينبغي وقف كل ذلك ونقله إلى المستشفى".
    على ارتفاع 5364 مترا عن سطح البحر، يقوم أعلى مستشفى في العالم، يبقى الأطباء فيه على أهبة الاستعداد لاستقبال المتسلّقين المصابين، في ظروف قاسية من البرد والعواصف الثلجية.
    منذ إنشاء هذا المشفى قبل 15 عاما، استقبل الكثير من المتسلّقين الأجانب الذين تعرّضوا لمتاعب في المرتفعات الموحشة والخطرة المودية إلى أعلى قمم العالم، وزاره أيضا المرشدون النيباليون الذين يشكّلون حجر الزاوية في قطاع التسلّق، أحد مصادر الدخل الأساسية للنيبال.
    - موسم لا غنى عنه -
    أطلق طبيب أميركي مشفى الطوارئ هذا الذي تديره الآن جمعية المنقذين في هملايا، وهو يتقاضى الأجور من المتسلّقين الأجانب، الأمر الذي يجعله قادرا على تطبيب المرشدين المحليين مجانا.
    في موسم التسلّق القصير الذي يبدأ في نيسان/ابريل وينتهي في أيار/مايو، يمكن أن يجني المرشد عشرة آلاف دولار، علما أن متوسط الراتب السنوي في النيبال لا يزيد عن 700 دولار.
    لذا، يعمد كثيرون منهم إلى تأجيل معالجة متاعبهم الصحية كي لا تفوتهم موارد موسم التسلّق.
    ويقول الطبيب داوادي "إن فقد أحدهم عمله أو اضطر لعدم إكمال الموسم، يكون ذلك أشبه بالكارثة عليه".

    المصور: براكاش ماتيما

    يعيش الفريق العامل في المستشفى عموما أياما هادئة، يعكّرها بين الحين والآخر وصول مصاب، مثل هذا المرشد الذي سقط من علو ستين مترا في صدع في ممر خومبو.
    عمل الأطباء أولا على التثبت من عدم وجود نزيف داخلي، ثم بدأوا في البحث عن أي كسر في العظم، ليتبيّن أن الإصابة طفيفة وأنه قادر على استئناف عمله في الأيام المقبلة.
    ويقول الأطباء إن العقلية في أوساط المرشدين المحليين آخذة بالتغيّر، فقد أصبح الواحد منهم أكثر التفاتا لصحّته، وكثيرا ما يجرون اختبارات طبية ما أن يشعروا بأي خلل قد يتطوّر ويحرمهم من موسم التسلّق.
    - شعور بالعجز -
    استقبل المشفى 400 شخص هذا الموسم، 60 % منهم نيباليون، وهو أصبح مرفقا مهما في قطاع التسلّق، لكن هذا لا يعني أنه يحصل على أي دعم من الحكومة النيبالية، بل يعتاش من نفقات العلاج التي يدفعها الأجانب، وأيضا من التبرعات.
    ومع أن السلطات النيبالية تفرض على كلّ متسلّق 11 ألف دولار مقابل منحه إجازة، فهي لم تقتنع حتى الآن بضرورة تخصيص جزء من هذا البدل لتمويل المشفى.
    في بعض الحالات ينتاب القيمين على المشفى شعور بالعجز، فماذا يفعلون حين يتبلّغون بأن متسلّقاً روسيا تاه على ارتفاع 7250 مترا؟
    كان عدد من المتسلّقين قد تجاوزوا هذه المتسلّق الروسي رستم أميروف، فأطلقوا نداء استغاثة لإنقاذه، لكنهم لم يكونوا مستعدين لوقف رحلتهم وتقديم العون له.
    حاول الأطباء في المستشفى إقناعهم بمساعدته، وتقديم بعض الماء والدواء له.
    ويقول طبيب الطوارئ الأسترالي برنتون سيستيرمانز "نشعر أحيانا بالعجز والإحباط، نحن هنا ننتظر، في حال تحرّكت فرق المتسلّقين يمكننا أن نقدّم المساعدة".
    بعد ذلك نُقل المتسلّق الروسي إلى خيمة مجاورة للمستشفى وتُرك هناك.
    ويقول الطبيب سوبارنا أديكاري "لو نقل حينها، كان يمكن أن يبقى حيا"، لكنه لم يتلق أي مساعدة وتوفي في السابع عشر من أيار/مايو.
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام