• فضل بلاد الحرمين الشريفين ولو كره الضالون المشركون وسواهم


    بقلم : يوسف علاونه *حديث مرفوع*

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الإيمان لَيَأْرِزُ إلى المدينة كما تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إلى جحرها". صحيح لبخاري 7650، وحديث (مرفوع) أي من الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    ‏وعن عمرو بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي" رواه الترمذي.

    ‏وعن عمرو بن عوف هو مزني كان قديم الإسلام، وهو ممن نزل فيه: تولوا وأعينهم تفيض من الدمع سكن المدينة ومات بها في آخر أيام معاوية روى عنه ابنه عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الدين ليأرز) والمقصود أن الدين ينضم عند ظهور الفتن واستيلاء الكفرة إلى الحجاز وهو اسم ‏مكة - أم القرى، والقرى في القرآن دلالة على المجتمعات والأم هي التي تلد من رحمها، وإن مكة هي أم المجتمعات لأن أول مجتمع بشري بدأ بها لقوله تعالى "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ" آل عمران 96.

    ومع مكة المدينة، يثرب التي جمعتها الرسالة مع مكة بقوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" الإسراء1، فالحديث في الآية عن حيزات جغرافية (وما حولها)، وصيغة الأقصى هي مبالغة ل (القصي) فطالما هناك أقصى فيتوجب وجود القصي الأقل بعدا، ومع أن السورة أو الآية نزلت قبل الهجرة وبناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن الاستدلال الجغرافي للآية هو أن الله سبحانه عالم الغيب وما كان وما سيكون، أسرى بنبيه الكريم من المسجد الحرام في أم القرى ألى المسجد الأقصى المبارك ما حوله في القدس والذي هو أقصى من المسجد النبوي الذي سيبنى لاحقا، وهكذا تكون صفة المسجد المديني كصفة مسجد مكة (الحرام) باعتبار أن الآية لم تعط وصفا للمسجد المجهول (القصي).

    ويشمل الحيز الجغرافي للمدينتين الحرمين ما حواليهما من البلاد التي سميت حجازا، لأنها حجزت أي منعت وفصلت بين بلاد نجد والغور.

    وقد قيل إن التوفيق بينه وبين ما سبق إن سلم أن الدين والإيمان مترادفان فهو يأرز أولا إلى الحجاز أجمع، ثم إلى المدينة لأنها مستقره أولا فعاد إليها لتكون مستقره آخرا أيضا.
    ‏وإذا لخصنا االحديث فإن الدين إذا ضعف يعود وينكفئ إلى مكان نشأته مثل الحية تخرج من جحرها ثم إذا اعتدي عليها وهوجمت تراجعت إلى جحرها حتى يخف الخطر، ثم تعود للخروج، وهكذا.

    والإسلام لما انتشر كان قويا في مركزه وأطرافه، ومع مرور القرون وانتشار الخرافات عبر التصوف والتشيع في قرون الانحطاط، ‏وبعد اختطاف الخلافة من العرب مادة الإسلام من قبل العثمانيين في غير حق ولا أهلية واستحقاق مع ما جرى من طمس دور العرب وإلغاء دورهم وتهميش لغتهم وعلو شأن الفرس الصفويين المتشيعين وبنفس منطق تهميش العرب والانتقام التاريخي منهم، انتشرت الخرافات، وانتشرت القبور التي تدفن فيها الحمير (أحيانا) ثم يدعي أصحابها أن فيها أولياء صالحين فيتم التبرك بها، والدعاء عندها!.

    ثم انتشر بناء القباب على القبور وهو مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم نهيا مطلقا لا مراء فيه ولا جدال فيه.

    وقد دل القرآن الكريم على مثلما دل عليه الحديث الشريف، وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: "قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا"، الكهف21، فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك مستنده وأساسه القهر والغلبة واتباع الهوى، لا فعل وحي أو علم أو اتباع ما أنزل الله على رسله من الهدى ودين الحق!.

    وهكذا صار هؤلاء أتباع (هوى العبادة على القبور)، في حضرة وواقع (مؤسسات) تنشأ عليها مصالح وأعمال (Business) تغذي الضلال وتصبح جزء من اقتصاد (الدين المستحدث) عبر نظام محكم من أعلى لأسفل باستغلال الناس وفق أكاذيب روايات بعيدة عن النصوص الأصلية وفي نطاق خرافات: (ععععالممم، وسيد اقعد حتى أسولف لك)، ومن إسفل لأعلى عبر مجاميع انخلع عقلها وأصابتها حالة هيستيرية بأن هذا هو ما يريده الله كي يرضى عن عباده!.

    ‏والأمر هنا يقوم على غباء مطبق لا علاقة له بصلب الدين وفق نصوص القرآن الكريم الذي يجيب على كل شيء فيفصل العبادات - فالصلاة متكرر الحديث غنها والمساجد والزكاة والصوم والحج وكل شعائر التعبد والذكر والتسبيح الخ - وما يرضي الله فيدعو إليه ويفصل فيم يغضبه فينهى عنه ويوضح كل ما هو رحمة من الله لعباده من عدم الشقاء، فهنا العالم المزعوم يمارس ضلالا غبيا على الأتباع باعتبارهم أغبى منه فقط لا غير!.

    والإسلام دين يرفض الشقاء، (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) وهؤلاء يمارسون الشقاء باستمناء حزن تمثيلي لم يرد له أي ذكر في القرآن إطلاقا فيما جرى التفصيل الكافي في القرآن في شأن كل العبادات وتكرارا في مواضع كثيرة ليس من بينها طبعا (مؤسسات اللطم) واجترار الحزن المفتعل عند المقابر!..‏ فلا يوجد أي نص قرآني على (زيارة) أو (حج) حتى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو لإقامة أماكن عبادة عند القبور، وعودة إلى حالة -مسجد - (أهل الكهف) فإنه جرى اتخاذ مسجد فوق (المكان) الذي هو (الكهف) بعد طمس أهله (الأموات) دون أن تكون قبورهم متوسطة المسجد فيطوف الناس حولها ساجدين راكعين لاطمين!.

    ‏ومثل هذا الاستنتاج ينجم عن تصور مباشر للكهف!

    فهو فجوة في جبل على شكل غرفة غير مستوية الأضلاع طولا وعرضا فلا يمكن هدمها للبناء فيها وإنما البناء فوقها بعد طمسها فلا يكون لها صلة غير أنها تقع في أدنى المكان الذي تتم فيه عبادة الله وليس النواح حول قبور (أهل الكهف) وكلبهم.

    ‏والأصل أن المكان المحدد ل (مظاهرة) عامة احتشادية للمسلمين هو الحج والعمرة فلا وجود لنص (تفصيلي) غير هذا مما يوضح النسك ويحدد أماكنها بينما في الحالة القبورية منافسة حمقاء لمكان الحج (مكة) و(البيت العتيق) و (مقام إبراهيم) و (عرفة) و (الصفا والمروة) الخ ومما هو متواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما تستحدث الحالة القبورية أماكن (حج) و (عبادة) و (زيارة) ونسكا غريبة شاذة، بل جرى إقامة (حرم) عند كل قبر، بل أكثر من هذا فهناك نظم سدنة ل (حرم) القبر يجري تعيينهم من (ولي الأمر)، تماما كما هو الأمر عند بيت الاه الحرام ومسجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى وهي المساجد الثلاثة المنصوص فقط عليها كمساجد تشد إليها الرحال للحج والزيارة، كما أن لكل قبر عند هؤلاء القبوريين موسمه ومناسباته وأدعيته التي يفترضها ال (ععععالمممم) ويطلبها من (العوام) اللاطمين النائحين الممارسين لطقوس ونسك مختلفة كليا عن نسك الحج والعمرة!.

    ‏في أعقاب هذه الاستجداثات (البدع) في الدين، وصلت الأمة إلى الحضيض، وهنا خرجت الدعوة التجديدية من جزيرة العرب، ومن نجد تحديدا وهي تابعة ك (اجتماع سكاني) لما بين المسجدين، باعتبارهما الأقرب لها جغرافيا وديموغرافيا فتنظفت الجزيرة من المزارات وتم تطهير مكة والمدينة من قبور مجصصة، ‏بنيت عليها القباب، لتعود أرض الحجاز كما كانت أيام الإسلام الحقيقي، الصرف، الخالص، الصافي كما كان (على الأقل شكلا) في عهوده الأؤلى، وبما يستحيل معه أن يكون الدين كما هو مبتدع دون أي أصل في (قم) أو (النجف) أو (كربلاء) كما أن الإسلام الخالص جاء لينهى الناس عن دعاء البشر والحجر ، ولهذا فإن كل الفرق التي لديها خلل في العقيدة تبغض أهل التوحيد، ومهما اختلفت تلك الفرق مع بعضها إلا أنها تجتمع على كره الموحدين وكره الأقرب منها للتوحيد، وهو ما نراه اليوم من تحالف كل الذين يكفرون بعضهم ضد بلاد الحرمين الشريفين!.

    ‏وهكذا نلاحظ أن أي فريق لديه خلل في التوحيد، ولديه تعصب لمذهبه وفرقته يميل لمن لديه بدعة أكبر من بدعته أكثر من ميله للموحدين وإليكم بعض الشواهد:

    * الصوفية مثلا لديهم اعتقاد في الأولياء، وعلى أقل تقدير يرون أن التقرب لهم يقرب من الله، لكن كثيرا منهم لا يشركون عيانا بيانا كالرافضة‏ بدعاء غير الله واللطم وتكفير الصحابة وإنكار كثير من القرآن، ومع ذلك تجد الصوفية يميلون للرافضة ويكرهون السلفيين الحقيقيين لأن السلفية تدعو للتوحيد الصافي على ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته!.

    * ‏الإباضية وهؤلاء فيهم توحيد ولا يدعون غير الله وأقرب للسنة ولكن لديهم خزعبلات التعصب لمذهبهم فلديهم تكفير علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، ولديهم تقديس كتاب الربيع وهو كتاب الحديث عندهم، ومع أنهم في الأصل موحدون رغم البدع البسيطة لديهم إلا أنهم يفقدون حقيقة توحيدهم ودينهم عندما يوالون الرافضة‏المشركين ويفضلونهم على الموحدين!.

    * الزيدية موحدون في العبادة ولا يدعون مع الله أحدا كالرافضة لكنهم تقبلوا بدعا كرضاهم بالأذان المخترع وعند مواجهتهم لأهل التوحيد فإنهم يجنحون للرافضة وأهل البدع!.

    ملحوظة: هناك فرق أخرى معروفة لا داعي لذكرها يجمع أغلب أهل العلم على خروجها من الإسلام، لكنها أيضا تمتلك نفس الجنوح وبغض النظر عن معتقداتها ناحية مناهضة أهل السنة ورمزهم الأول بلاد الحرمين الشريفين.

    لكن القبورية تحديدا.. فهي التي أدت وعبر التاريخ إلى ما لا يتقبله الله سبحانه جراء شرك الرافضة الذي أسفر عن سفك دماء المسلمين فقط دون غيرهم، ‏حيث لا يتورع الرافضي كما نرى ونلمس عيانا بيانا عن سفك دماء المسلمين حتى في حرم الله الذي كان يخشى مشركو قريش قتل أعدائهم داخله، بل إن المشركين لما أسروا بعض المسلمين (خبيب بن عدي ورفقته) خرجوا بهم إلى التنعيم ليقتلوهم بينما هؤلاء يفجرون القنابل بين الحجيج!.

    ‏هذا هو قدر بلاد الحرمين الشريفين كما تخبرنا الوقائع المعاشة والتي أخبرت عنها الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة الصادقة، لنعود مرة أخرى (إن شاء الله) لنعالج أيضا المعنى والمضمون الجغرافي لحديث (عدتم من حيث بدأتم) والذي يقدم ذات الدلالات على عظم مكانة هذه البلاد العظيمة وما حولها.

    حمى الله أرض الكعبة ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليخسأ المشركون والضالون والخاسؤون، وكل عام وأهل الإسلام في خير ومبارك عليكم الشهر الكريم!.


    *يوسف علاونه*
    twitter: @alawnay
لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام