• دولة مافيا "الزبّالين"


    بقلم: فهد السديري بداية وقبل كل شيء، أنا لا أمثل حكومة ولا شعب بل أمثل نفسي، ولست سياسياً ولا اعمل في السياسة وإن كنت قارئ ومتابع لها، لذا لا أجد أي حرج من ذكر تاريخ قد يعتبره السياسي او المؤرخ المسيّس من الجرأة أو الكلام في غير المباح.

    ما سأستعرضه هنا هو تاريخ حقيقي لما يسمى بحزب الله اللبناني منذ نشأته وتاريخ ليس ببعيد للطائفة الشيعية الموالية له في لبنان ليعلم ابناؤنا من الجيل الحديث مع من يتعاملون وما هو التاريخ المسكوت عنه ولنسمي لهم الأشياء بأسمائها، وليعلموا من هم الذين يعملون ضد بلادهم سراً وعلانية رغم أيادي المملكة البيضاء على كبيرهم وصغيرهم وماذا يريدون.

    ينقسم تاريخ هؤلاء الى ثلاث مراحل رئيسية وهي مرحلة ما قبل 1982 ومرحلة ما بعد 1982 حتى 2012 ومرحلة ما بعد 2012 حتى اليوم.

    ففي المرحلة الأولى وهي بين السنوات 1975 و1982 نزح الآلاف من اللبنانيين من الطائفة الشيعية من الجنوب اللبناني ومناطق أخرى من بلداتهم وقراهم باتجاه بيروت بسبب الحرب الأهلية اللبنانية، وازداد هذا النزوح الكبير باتجاه بيروت عام 1982 هرباً من الاجتياح الإسرائيلي للبنان واستوطنوا تحديداً بمنطقة الضاحية وهي منطقة جنوب بيروت ويبلغ سكانها حالياً ما يقارب المليون نسمة ويقع ضمن حدودها مطار بيروت الدولي.

    كان أبناء الطائفة الشيعية في العام 1975 وما قبله من الطبقة المهمشة مجتمعياً في لبنان وكان من يقيم منهم في بيروت او المناطق القريبة منها آنذاك يعملون في مهنة جمع القمامة "الزبالة" ومن لا يصدق قولي هذا فليسأل أي بيروتي "يثق به" عاش فترة الخمسينات والستينات والسبعينات ليسمع منه ويتأكد بنفسه.

    وقبيل اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 بعام واحد أسس موسى الصدر من احدى بلدات الضاحية "الشياح" وحسين الحسيني حركة "المحرومين" والتي سميت فيما بعد بحركة "أمل" والمختصر اسمها من "أفواج المقاومة اللبنانية" بهدف مقاومة العدوان الإسرائيلي الذي لم يكن قد اجتاح لبنان أصلاً وكان سبب التأسيس عام 1974 هو انفجار لغم.

    وبالمناسبة، فقد كان أول مسؤول تنظيمي لحركة "أمل" هو الإيراني مصطفى تشمران " أول وزير دفاع لإيران بعد الثورة"!!

    على أي حال، شاركت حركة "أمل" في الحرب الأهلية اللبنانية حتى العام 1982 عندما اجتاحت إسرائيل لبنان وحاصرت بيروت لطرد منظمة التحرير منها، عندها انقسمت حركة أمل الى تيارين أحدهما يتبع نبيه بري رئيس مجلس النواب الحالي وكان يطالب بالانضمام لجبهة الإنقاذ الوطني.. بينما التيار الآخر عارض هذه المطالبات وكان بزعامة عباس الموسوي وحسن نصر الله وآخرين بحجة أن جبهة الإنقاذ الوطني تضم بشير الجميل وقد يصل للرئاسة عن طريق الجبهة.

    وكان هذا هو العذر للانقسام، وأعلن حزب الله خروجه من عباءة حركة أمل في وقت كانت الثورة الإيرانية في بداياتها وإيران في حالة حرب مع العراق لذلك لم يتسنى لإيران دعم هذه المليشيا أو الحزب الجديد كما يدعمه اليوم.

    وبما أن الشيء بالشيء يذكر.. فمسمى حزب الله مأخوذ من اسم لحزب او حركة إيرانية ظهرت اثناء ثورة المقبور الخميني وقبل ظهور حزب الله اللبناني عام 1982 , بل وحتى حركة "أنصار الله" الحوثية مستمد اسمها الجديد من اسم حركة إيرانية نشأت عام 1995 باسم (أنصار حزب الله) فيما كان اسمهم قبل هذا "حركة الشباب المؤمن".

    وبالعودة لحزب الله.. فقد مر منذ العام 1982 وحتى اليوم بعدد من المراحل من ناحية التمويل.
    فبخلاف الارتباط العقدي القديم بالمذهب المجوسي "الإيراني" خلال الحرب اللبنانية التي اشتعلت عام 1975 وانتهت عام 1990، كان الارتباط المادي مع إيران جانب لم يغفله القائمون على هذه الميليشيا أو الحزب رغم تعدد مواردهم الأخرى كالإتاوات على بعض المتنفذين تجارياً، والفتونه لحماية مصالح انصارهم "الزبالين" والمهمشين في بيروت تحديداً، وتوفير حياة شبه كريمة لهم من خلال توفير بعض الخدمات الاجتماعية والصحية المدعومة من إيران هنا وهناك.

    وفيما لم تعد تكفي هذه الموارد لتمدد الحزب بالشكل الذي يتطلع اليه قادته ومن يوجههم ويدعمهم في طهران آنذاك، اتجه الحزب الى رعاية مزارعي ومزارع المخدرات من حشيش وافيون والاستحواذ على بعضها وكذلك صناعة حبوب الكبتاجون المخدرة، تلى ذلك مد سيطرته على الموانئ اللبنانية البحرية منها والجوية وكذلك البرية من والى سوريا لتسهيل حركة تصدير المخدرات وتسهيل عمليات دخول الأسلحة للحزب من جهة أخرى، رافعين الشعارات الخمينية وشعارات المقاومة الزائفة والكاذبة كالموت لأمريكا والشيطان الأكبر والموت لإسرائيل لإسكات الخصوم.

    مع العلم بأن اندلاع حرب 2006 أو "حرب الحشيش" كما يسميها البعض كانت بسبب فاتورة لم تدفع للحزب فأختطف الحزب جنديين إسرائيليين من الطائفة الدرزية من الحدود انتقاماً من جهات إسرائيلية تتعامل مع هذا الحزب في مجال ترويج المخدرات اللبنانية في أوروبا من خلال شبكات يديرها جهاز الموساد الإسرائيلي بهدف تمويل نشاطاته كما جاء في اعتراف العميل الإسرائيلي السابق في الموساد " فيكتور أوستروفسكي" في كتابه "عن طريق الخداع".

    وجهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" كما هو معلوم لا يوظف رسمياً الا عدد محدود من الموظفين لا يتعدى الالف وخمسمائة موظف تصرف رواتبهم من ميزانية الدولة العبرية، أما باقي عملاؤهم المنتشرون في العالم فيتم صرف مكافآتهم من إيرادات الموساد الخارجية مثل ترويج المخدرات اللبنانية المشتراة من حزب الله وتوزيعها في أوروبا، وكذلك تهريب وتوزيع المخدرات الكولومبية في أمريكا وكندا وفقاً لما اعترف به " أوستروفسكي" والعديد من العملاء السابقين في العديد من الكتب ووسائل الاعلام الغربية.

    أما ما بين عامي 2006 و2012 فكانت نقلة نوعية للحزب حيث أسس شبكاته الخاصة لترويج المخدرات انطلاقاً من الأراضي اللبنانية والسورية بغرض تمويل تمدد الحزب داخل الدولة وتسليحه وتجنيد المزيد من الاتباع الغير موالين له عقدياً من طوائف أخرى يوالونه مادياً، وهذا غير حصول الحزب على مساعدات مالية كبرى من إيران في تلك الفترة بخلاف الأسلحة التي كانت ترسلها اليه تحت غطاء شعارات المقاومة التي نفذ بإسمها العديد من الاعمال الإرهابية والاغتيالات لسياسيين واعلاميين معارضين لهم لتهيئة الساحة السياسية اللبنانية لما هو قادم.

    كان هذا قبل عام 2012 اما ما بعد 2012 فكان خروج مليشيات الحزب عن طاعة الدولة واستيلائها على أسلحة ومدرعات الجيش النظامي وقتالها خارج حدود لبنان مع نظام بشار الأسد المجرم بشكل صريح ومباشر، ليعلن هذا الحزب نفسه كدولة داخل الدولة بقوة السلاح يرأسها حسن نصر الله، فيما تحولت الدولة اللبنانية الحقيقية والممثلة في الأمم المتحدة الى خيال مآته يرأسها شخص متقلب الهوى متعطش للكرسي يدعى "ميشال عون" اتى به حزب الله للرئاسة ولا يزال يدين لهم بهذا الفضل والشرف الذي لم يحظى به عندما كان معارضاً للنظام السوري في السابق.

    كتبت هذا المقال لأبنائي ومن في جيلهم ليعرفوا شيء من التاريخ الحقيقي لمافيا "الزبّالين" التي تحولوا في ثلاثة عقود فقط من "زبّالين" في شوارع بيروت الى مافيا إرهابية ثم الى دولة ابتلعت الدولة الحقيقية التي فقدت قيمتها وهيبتها داخلياً وخارجياً وأصبحت مهيأة للانهيار في أي لحظه.

    لذا، عندما يشتموكم وبلادكم في صفحات جرائدهم الصفراء، تذكروا وذكروهم وبالدلائل أنهم في الأساس مجرد "زبّالين" يوالون المجوس ويتاجرون مع اليهود في المخدرات، وقد ختموا بهذا الخزي كله.

    وذكروهم بأن تاريخهم الحقيقي محفور في صدورنا ولن يمحى وسنطاردهم به ما حيينا.

    وأنا هنا لا اسخر من مهنة "الزبالين" كمهنة شريفة، ولكني ذكرتها لانها تسبب لهم "عقدة نفسية" يخجلون منها ويحاولون دفنها فيما لا يخجلون من أفعالهم الاخرى المخزية وباقي تاريخهم المخزي والحقائق المؤلمة وسيستميتون لإلصاق شيء من خزيهم بكم.

    وأقول لأبنائي.. إذا قرأتم اساءات هؤلاء فارفعوا رؤوسكم وافتخروا بوطنكم الذي امتد فضله حتى الى هؤلاء "الزبّالين" فأشعل فضل بلادكم عليهم صدورهم غلاً وأماتهم كمداً.

    حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من رجس المجوس واتباعهم والحمد لله الذي اعزنا وأذلهم.


    * بقلم: فهد السديري *
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام