• رغم كل شيء.. كردستان الكبرى على الطريق


    بقلم: يوسف علاونه هناك حالة تاريخية تبدو شديدة الوضوح للمراقب البعيد عن الغرق بتفاصيل ما ينهمك في شأنه الأخوة الأكراد، أو أعداء ومناهضي مشروعهم الوطني.

    من بعيد كما في حالتي يتوفر صفاء كافٍ لرؤية المشهد في مساره الحتمي التاريخي.. وشخصيا أتابع عدة قنوات كردية تبث من العراق وتركية وسورية وإيران ومن الخارج، وأضحك متفهما الحساسية الكوردية من اللغة العربية (وهذا مؤقت جدا وأعرف أنه سينتهي) ولأن الكورد أشقاء وجيران فإني أتمنى لو هناك ترجمة ولو عبر شريط صغير للأمور المهمة.

    على كل حال هذا غير مهم فالسياق من روح الصورة مفهوم، وما نستشعره هو حال نهوض كردي لن يتوقف حتى يحقق وطنيته المستحقة.

    الأكراد ليسوا أقلية صغيرة نستبعد حقها بدولة مستقلة في نطاق هوجسات التقسيم و(فسيفسة) المنطقة مما هو حلم أو هدف استعماري وصهيوني، لأن الأكراد في نهاية المطاف أرض شاسعة محددة وأمة كبيرة العدد لا تقل عن مجموع الدول العربية المجاورة كثيرا ولا تقل عن تركيا وفارس، وبالتالي فحلمهم الوطني عندما تزول من طريقه العقبات حتمي التحقق مهما كانت المؤامرات والتحوطات والتحفظات.

    في الواقع أنه لا يوجد رفض دولي (مبدئي) للكيانية الكردية، وأي حل ينشد استقرار المنطقة وإطفاء بؤر نزاعاتها وحروبها المششتعلة لا بد وأن يأخذ المسألة الكردية في سياقها الطبيعي وهو أن هذه أمة لها ما لغيرها على أرضها مع احترام حقوق الأقليات التي ستقع في كنفها، سواء العرب أو الترك أو غيرهم.

    ما أراه من انفعال ضخم من جانب تركيا وإيران ومن بعض العرب ضد الكيان الكردي المستقل، يوازي ضخامة التحفز الكردي للوصول إلى مبتغاه، والصعب هنا أن نادي المستفيدين من التمزق الكوردي هو نفسه نادي المتآمرين على الكورد وحقوقهم المشروعة، مع عامل يبدو لصالح هذا النادي وهو التردد والخشبة من ثقل أثر الاستقلال الكوردي على ادمنطقة وعلى العالم.

    على أن الخلاصة إزاء زلزال انهيار الخرائط المتوقع هو أن الكورد إذا أنجزوا الخطوة الأولى فسوف تكر بقية السبحة وبما لا يمكن لأحد أن يعترض عليه أو يقف في وجهه.

    إن من العناصر المعينة على هذا هو أن العراق لا يمتلك قيادة جامعة قادرة على خلق حالة اتحادية فيدرالية تجسد العراق الذي قام بعد سايكس بيكو فالسائد حاليا هو ضيق أفق وانعدام رؤية وسياسة متقزمة تهاوت فيها الوطنية التقليدية الجامعة لصالح انتماء لمشروع طائفي خائب لا يمكن أن ينتصر أو ينجح، أما إيران فهي أكثر من غيرها عرضة للانقسام عند أول هزة يشهدها نظامها المركزي الديكتاتوري، وسيكون الأكراد أول الخارجين من أنقاض هذا النظام، مع ظرف مختلف في تركيا التي لن ينفعها على الدى البعيد ازدهار اقتصادي موهوم يراد له إطفاء مطامح الجذوة الكوردية.

    سيغرق كثيرون كما هي العادة بالتفاصيل لكن الذي نراه خلال سنوات قليلة من الآن هو كردستان الكبرى.


    *يوسف علاونه*
    twitter: @yousefalalawna
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام