• المرأة والسيارة.. قضية وانتهت


    بقلم: يوسف علاونه لا يمكنني كمراقب التعامل مع القرار السعودي القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة إلى من جانبه السياسي، وتحديدا لجهة النظرة الدولية إلى السعودية، في ضوء ما أستشعره كمراقب أيضا من كون مسألة شيطنة وإدانة السعودية وتشويه صورتها الكلية هي عمل دؤوب لكل أعداء المملكة (الثابتين والمتقلبين) بوصفها تمثل الأمة في مرحلة مصيرية حاسمة وتاريخية.

    وإعلاميا لا يمكن الدفاع لدى المجتمع الدولي عن منع المرأة من قيادة السيارة واقتنائها والتنقل بها حيثما تشاء، فهذا موضوع لا ينطبق عليه واقع حال الجدال الدائر في السعودية حول الموضوع.
    في الشق الفقهي من المسألة فهذا شأن كبار العلماء، وقد رجح أغلبهم رأي الدولة مع التزامها بحماية الضوابط الشرعية التي هي قائمة عليها ومن واجبها.

    وحتى الفتوى بعدم قيادة المرأة للسيارة لم تنطلق أساسا من تحريم (القيادة) كقيادة فهذا لم يقله أي عالم وإنما خشية الشبهات وسدا للذرائع فإذا تقدمت الدولة بضمان عدم وقوع ما يخشاه من يفتي بالتحريم سدا للذرائع كان ذلك خيرا للأمة.

    ومعروف إلى أحد أئمة الفتوى وهو الإمام ابن قيم الجوزية أن الفتوى تتغير بتغير الأزمنة والعوائد والنيات والأحوال والأماكن والأشخاص، مما يمكن أن ينطبق على مسألة قيادة السيارة، لكن الأمر أيضا وفي النهاية قرار شخصي للمرأة نفسها أو لولي أمرها، فمن المتاح لأي شخص أن يلتزم بما يراه مناسبا وفي حدود القانون الذي ستطبقه الدولة على المسألة.

    الأمر الملكي ذاته لم يترك الأمر على عواهنه فهو لم يقرر قيادة المرأة للسيارة وكفى وإنما حرص على الضوابط الشرعية بما يطمئن الآراء المتحفظة فقد أشار في الاستهلال إلى "ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، والإيجابيات المتوخاة من السماح لها بذلك مع مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها".

    وحرص الأمر الملكي على رأي كبار العلماء حيث أن "الحكم الشرعي هو من حيث الأصل الإباحة" وأن "مرئيات مرئيات من تحفظ (المعارضون) تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن، وأنهم لا يرون مانعاً من السماح لها (المرأة) بقيادة المركبة في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة لتلافي تلك الذرائع ولو كانت في نطاق الاحتمال المشكوك فيه".

    وأكد الأمر أن الدولة (بعون الله) هي "حارسة القيم الشرعية فإنها تعتبر المحافظة عليها ورعايتها في قائمة أولوياتها سواء في هذا الأمر أو غيره، ولن تتوانى في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته".

    هكذا ستقود المرأة السعودية السيارة، وعوضا عن رؤيتها (في الغالب) في المقعد الخلفي خلف سائق آسيوي (في الغالب أيضا) فستراها خلال وقت قريب وراء المقود تفعل ما تفعله أي امرأة في العالم بل وتفعل ما تفعله سعوديات كثيرات في الخارج عند انتقالهن في زيارات أو مهمات أو للتعليم أو للسياحة ألخ.

    هذا القرار ستكون له آثار ضخمة على الاقتصاد المحلي فما سيحدث هو انتهاء ثقافة سيارة العائلة إلى السيارة الخاصة لكل موظفة أو محتاجة، وسيلحق القرار تخريبا كليا لسوق ضخم يطال ملايين السائقين الأجانب العاملين في السعودية ما سيوفر مليارات الدولارات سنويا.

    لكن المشهد الكلي هو أن المرأة ستقود السيارة، وأن هذه المسألة تم طيها وانتهت بسلام و.. هدوء.

    *يوسف علاونه*
    twitter: @yousefalalawna
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام