• الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموما


    بقلم: يوسف علاونه من افتراءات الرافضة على أهل السنة اتهامهم بالتكفير، وقد روجوا لهذا كثيرا في كتبهم وعلى وسائل إعلامهم وألسنة معمميهم.

    ولسنا هنا بصدد مناظرة هؤلاء ومجادلتهم أو دفع افتراءاتهم وإفكهم فأوقاتنا أجل من ذلك فالذي يكذب على الله لا يحجبه شيء عن الكذب على خلق الله وإنما نحن هنا بصدد بيان منهج أهل السنة في التكفير، وأنهم وسط بين الغلاة والجفاة، وسط بين الخوارج والمرجئة، لا يكفرون إلا بالدليل والبرهان.

    ثم سنبين إن شاء الله أن الغلاة في التكفير ليسوا الخوارج فقط، بل أيضا الرافضة، فكتبهم طافحة بالتكفير منطبقا فيهم المثل: رمتني بدائها وانسلت، وهذا وغيره من المسائل سنبينها إن شاء الله في هذا المقال المهم مما لا ينبغي لأي مسلم أن يجهله وبخاصة في هذا الزمن الذي يعج في الفتن.

    استغل الرافضة أخزاهم الله ضلال بعض الفرق المنتسبة إلى أهل السنة في مسائل التكفير وغلوهم فيه فطعنوا بأهل السنة وافتروا عليهم، ومن جملة هؤلاء الضالين، حملة الفكر الخارجي في هذا الزمن وهم القاعدة وأفراخها وآخرهم داعش والنصرة.

    وداعش هذه من أقرب التنظيمات إلى فرقة الأزارقة القديمة والتي كفرت كل من لم يبايعها واستحلت دمه وماله وعرضه، فالرافضة أخزاهم الله ركبوا موجة التلبيس والتدليس وجعلوا لخبثهم وقذارتهم كل سني داعشيا، وجعلوا ذلك مبررا لقتله وسفك دمه.

    ولا شك أن أهل السنة والجماعة بريئون من فكر الخوارج براءة الذئب من دم يوسف ولذلك بينوا الحق فيهم وصنفوا الكتب في بيان ضلاهم وانحرافهم.

    ومن أجمل الكتب المختصرة التي بينت حال الخوارج وضلالهم كتاب حقيقة الخوارج في الشرع وعبر التاريخ لفيصل قزار الجاسم فاقتنه فإنه مفيد ونافع.

    وقبل البدء في بيان مسألة التكفير يلزم التنبيه على أمرين:

    الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر الأمة من فتنة الخوارج وبين سماتهم وأوصافهم وطريقة معاملتهم

    والثانية: أنه صلى الله عليه وسلم بين كيفية معاملة ولاة أمور المسلمين وأن لهم السمع والطاعة فيما أحب المسلم وكره ما لم يؤمروا بمعصية فإن أمروا بذلك فلا سمع ولا طاعة.
    وبيان هذين الأمرين وبسط الأدلة فيهما مشهور في كتب العقيدة والحديث ولولا خشية التطويل لنثرنا الدرر في ذلك وحسبنا الإشارة إن لم تتسع العبارة.

    أما التكفير بغير بينة فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه فقال: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما. البخاري ومسلم.

    وقال صلى الله عليه وسلم : لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك. رواه البخاري.

    فتقحُّم باب التكفير بغير بينة أمر خطير زلت فيه أقدام وسُفكت فيه دماء وجرَّت بسببه الويلات على أمة الإسلام.

    والكفر كما قال ابن حزم: صفة من جحد شيئا مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه أو بلسانه دون قلبه أو بهما معا أو عمل عملا جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان. المصدر: الإحكام من أصول الأحكام (49/1).

    وإذا أطلق الكفر في النصوص الشرعية فإنه يطلق على نوعين:

    1- كفر أكبر مخرج من الملة.
    2- وكفر أصغر: لا يخرج من الملة.

    ومثال الكفر الأكبر كجعل شريك مع الله تعالى.

    ومثال الكفر الأصغر كقوله صلى الله عليه وسلم : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه البخاري ومسلم.

    فكيف يكون اقتتال المسلمين كفرا مخرجا من الملة وقد قال الله: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فوصفهم بالإيمان ولم يصفهم بالكفر.

    فدل ذلك أن ليس كل وصف بالكفر في النصوص الشرعية هو واحد فمنه ما هو أكبر يخرج من الملة ومنه ما هو أصغر لا يخرج من الملة.

    وقد ذكر العلماء أن أنواع الكفر الأكبر هي ستة:
    - كفر الإنكار.
    - كفر الجحود.
    - كفر النفاق.
    - كفر الاستكبار.
    - كفر الإعراض.
    - كفر الشك.

    وبينوا لكل نوع من هذه الأنواع الستة أدلته من الكتاب والسنة ما يصعب تفصيله في هذه العجالة.. والله المستعان.

    فللاستزادة راجع كتاب التكفير وضوابطه للأستاذ الدكتور إبراهيم الرحيلي وكذا كتاب التحرير في بيان أحكام التكفير للدكتور عصام السناني.

    وقد وضع أهل السنة والجماعة لباب التكفير ضوابط وشروطا، فليس لكل من هب ودب أن يكفر بل هو راجع للعلماء وأهل الرسوخ في العلم.

    ولعلنا نبين هذه الضوابط والشروط وبقية فقرات هذه السلسلة وأول ذلك قول القرطبي رحمه الله: باب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا. المفهم111/1

    فقد بينا أن التكفير بلا بينة خطره عظيم، وكذلك بينا أنواع الكفر الأكبر، وبينا أن الكفر عند إطلاقه ينقسم إلى قسمين أكبر وأصغر.

    فليس كل كفر ورد في النصوص الشرعية كفر أكبر، فقد ورد في الشرع إطلاق الكفر ولا يُراد به أنه الكفر الذي يخرج من الملة.

    ومن ذلك الحكم بغير ما أنزل الله من غير استحلال، وهو وإن كان جريمة عظيمة إلا أنه ليس من الكفر الأكبر المخرج من الملة.

    وقد فسر الصحابة والتابعون آية المائدة (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) بأنه الكفر الذي لا ينقل عن الملة.

    ورد ذلك عن ابن عباس ومجاهد وطاوس وغيرهم من أكابر المفسرين، قال ابن عباس: ليس بالكفر الذي تذهبون إليه.راجع تفسير الطبري(596/4).

    وقد فصل العلماء في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله فقالوا: من حكم بغير ما أنزل وهو يعلم أنه يجب عليه الحكم بما أنزل الله، وأنه خالف الشرع

    ولكن استباح هذا الأمر ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك، وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهو كافر كفرا أكبر بالاتفاق.

    أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوى أو لحظ عاجل وهو يعلم أنه عاص لله ولرسوله، وأنه فعل منكرا عظيما، وأن الواجب عليه الحكم بشرع الله فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر لكنه قد أتى منكرا عظيما ومعصية كبيرة وكفرا أصغر كما ورد ذلك عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم.

    أما الضوابط: وضع العلماء ضوابط للتكفير بنوها على الكتاب والسنة، مغلقين على أهل الأهواء طرق ضلالهم، دافعين مجازفاتهم وخبالهم في الحكم على الناس.

    من هذه الضوابط: الأول: أن التكفير حق لله تعالى ولرسوله الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموماولا يجوز فيه الكلام بغير علم، فلا مجال فيه للنظر أو الاجتهاد.

    قال ابن تيمية رحمه الله: والكفر من الأحكام الشرعية، وليس كل من خالف شيئا بنظر العقل يكون كافرا ولو قُدر أنه جحد بعض صرائح العقول لم يُحكم بكفره حتى يكون قوله كفرا في الشريعة.
    الفتاوى (525/12).

    ويقول ابن الوزير: إن التكفير سمعي محض لا مدخل للعقل فيه.
    العواصم (178/4).

    الضابط الثاني: أن الأصل في المسلم الإسلام والسلامة، فلا يجوز أن يخرج عن هذا الأصل إلا ببينة، إذ اليقين لا يزول بالشك.

    الضابط الثاني: أن الأصل في المسلم الإسلام والسلامة، فلا يجوز أن يخرج عن هذا الأصل إلا ببينة، إذ اليقين لا يزول بالشك.

    قال صلى الله عليه وسلم : من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته. رواه البخاري.

    قال العز بن عبد السلام: الأصل براءة ذمته، (أي المسلم). قواعد الأحكام 32/2.

    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: والأصل في المسلم الظاهر العدالة
    ‏بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه. القواعد المثلى 87.

    الضابط الثالث: الأصل في تكفير المسلم الاحتياط، فقد ورد في النصوص الشرعية التحذير من رمي المسلم بالكفر ما لم تقم الشروط وتنتفي الموانع.

    ومثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن وصم مالك ابن الدخشن بالنفاق بحجة أن وجهه ونصيحته للمنافقين، قال الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموما: لا تقل ذلك، ألا تراه قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟. رواه البخاري ومسلم.

    وأيضا قصة حاطب ابن أبي بلتعة رضي الله عنه حينما أراد أن يفشي سر النبي الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموما وقال عمر رضي الله عنه للنبي الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموما: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموما: إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.رواه البخاري ومسلم.

    ‏فأهل السنة والجماعة يحتاطون في تكفير المسلمين ويتورعون في ذلك خلافا لسائر الفرق التي تجازف بإطلاق التكفير دون ورع ولا احتياط.

    الضابط الرابع: التكفير لا يكون في مختلف فيه أو مسائل دقيقة، فما ثبت إسلام المسلم بيقين لا يخرج منه إلا بيقين.

    قال الإمام أحمد: ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله جاحدا بها. طبقات الحنابلة (344/1).

    الضابط الخامس: ليس كل من وقع بالكفر أو قاله يكون كافرا، ولا يمنع من إطلاق الكفر على قوله أو فعله، لكن لا يلزم أن هذا المعين يكون كافرا.

    قال ابن تيمية: وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفرا فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال: من قال كذا فهو كافر لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. الفتاوى 345/23.
    ثم فصل في ذلك وبين أنه لا بد من توفر الشروط وانتفاء الموانع.

    فالعلماء يفرقون بين التكفير المطلق وهو الحكم على الاعتقاد أو القول أو الفعل بأنه كفر مخرج من الملة، وبين تكفير المعين الذي هو الحكم على الشخص الذي وقع منه ذلك الكفر، لأنه قد لا يلحقه حكم الكفر لانتفاء شروط التكفير أو وجود موانعه.

    ‏وستأتي معنا إن شاء الله الموانع التي تمنع إطلاق التكفير على الشخص المعين، ولعل هذا يكون بعد الانتهاء من الضوابط إن يسر الله تعالى.

    هذه بعض أهم الضوابط في مسألة التكفير، وللمراجعة والاستزادة راجع: التكفير وضوابطه للرحيلي، والتحرير في بيان أحكام التكفير للسناني.

    قال القرطبي رحمه الله: باب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا. المفهم 111/3.

    من شروط التكفير: الأول: أن يكون التكفير بأمر يقيني لا مدخل للظن فيه، وأصل هذا الشرط حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه وفيه: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان. رواه البخاري. ومعنى بواحا: أي ثابتا ظاهرا باديا لا يحتمل التأويل.

    الشرط الثاني:

    قصد الكفر في الأعمال المحتملة للكفر وعدمه فمن صدر منه عمل أو فعل محتمل لمعنى الكفر وعدمه دون قصد المعنى المكفر فلا يكفر بذلك ومثاله: قول المؤمنين قبل النهي للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا، أي أرعنا سمعك، خلافا لليهود الذين قصدوا بها الرعونة والشتم، فحكم قائل هذا اللفظ على حسب قصده.

    ‏‏‏الشرط الثالث: قيام الحجة على المعين

    قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، قال البغوي: فيه دليل على أن الله لا يعذب الخلق قبل بعثة الرسل، وقال ابن تيمية: من الناس من يكون جاهلا ببعض هذه الأحكام جهلا يُعذر به فلا يحكم بكفره أحد حتى تقوم عليه الحجة. الفتاوى (406/11)

    ‏‏‏أما موانع التكفير: الأول: الجهل الناشئ عن عجز لا تقصير، ومن أدلة هذا المانع ما رواه الشيخان من قصة الرجل الذي وصى أبناءه أنه إذا مات أن يحرقوه ويطحنوه وينثروا رفاته في الريح وقال: لئن قدر ربي علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد، فبعثه الله وسأله عن ذلك فقال: يارب خشيتك فغفر له.

    ‏قال العلماء: هذا رجل مؤمن بالله إلا أنه جهل صفة من صفاته فظن أنه إذا أحرق وذري في الريح أنه يفلت من الله تعالى فغفر له بمعرفة نيته وأنه جاهل بصفاته.

    المانع الثاني: الخطأ، قال تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما.

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وأحمد.

    وقال ابن تيمية: من اجتهد من أمة محمد الشيعة وتكفير الأمة.. والتكفير عموماوقصد الحق فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطؤه. الفتاوى 180/12

    المانع الثالث: الـتأويل: وهو يقع في فعل مكفر إما لشبهة تنشأ عن عدم فهم دلالة النص فهما صحيحا، أو لشبهة تنشأ من وجود نص آخر ظن معارضته له.

    قال ابن تيمية: المتأول الذي قصده متابعة الرسول لا يكفر، بل ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ. منهاج السنة 329/5

    وللتأويل شرطان: الأول: أن يكون التأويل صادرا عن اجتهاد صاحبه بعد بذل الوسع في طلب الحق وفهم الدليل.

    الشرط الثاني: أن يكون التأويل له وجه في اللغة يحتمله النص بخلاف التأويلات التي حقيقتها تكذيب الدين.

    المانع الرابع:

    الإكراه، قال تعالى: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليه غضب من الله"، ومثال هذا المانع فعل عمار بن ياسر رضي الله عنه لما أكرهه المشركون على قول الكفر فقاله، وكان قلبه مطمئن بالإيمان. والقصة مشهورة.

    ويكون مانع الإكراه معتبرا بأربعة شروط ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (311/12).

    وكل ما تقدم هو رؤوس أقلام وإشارات مختصرة.

    وما سبق مهم لبيان أن أهل السنة هم أرحم الخلق بالخلق، وليس كما يروجه هؤلاء الروافض والناعقين عنهم من أهل جلدتنا الجهلة بأن أهل السنة تكفيريون.

    فالرافضة وأمثالهم نبذوا أهل السنة بالتكفير، بل هم والخوارج من أكثر الناس تكفيرا للمسلمين وأشدهم هتكا لحرماتهم. وهذا ما سنبينه فيما يأتي.

    أما الخوارج فهم ولادون تكتوي بهم الأمة جيلا بعد جيل، ولا شيء أنجع من قهرهم إلا بمعرفة منهجهم وبيان ضلالهم للناس والتحذير من فكرهم ومسلكهم.

    وكما هو حال كل جماعة منحرفة لا بد لها من منظرين ودجاجلة يبررون لهم أفعالهم ويضفون عليه القداسة كي تروج على البسطاء والسذجوكان سيد قطب من تكفيريي هذا العصر، وإن كان محسوبا على التنظيم الإخواني إلا أن أغلب الخوارج استفادوا من أفكاره ونهلوا من تكفيره للمجتمعات، وقد تأثر سيد قطب بأبي الأعلى المودودي، وقد بين ذلك الشيخ القرضاوي بقوله:

    تأثر قطب بالمودودي كثيرا وأخذ عنه فكرة الحاكمية والجاهلية وقال الشيخ القرضاوي: لكن قطب خرج في النهاية بنتائج عن تكفير المجتمع وجاهليته.

    المصدر: موقع الشيخ القرضاوي على الشبكة.

    ومن أشهر أقوال سيد قطب في تكفير المجتمعات: "ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله". ظلال القرآن 1057/2

    وقال سيد قطب ايضا: "إنه ليس على وجه الارض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي".الظلال 2122/4.

    ومن أصول سيد قطب المنحرفة الدعوة إلى اعتزال الناس والمجتمعات الإسلامية وهجران المساجد، قال تفسير قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا" الآية, قال سيد قطب: يرشدنا الله إلى اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي!

    انتهى كلام قطب، ولعل من المفيد هنا أن نبين أن جماعة التكفير والهجرة اعتمدت على هذا. الظلال 1816/3

    ومن أسباب تأثر الخوارج بسيد قطب أنه كان أديبا، وصاحب قلم جذاب يصوغ عباراته بطابع أدبي وألفاظ ساحرة تأسر القلوب وتقتلع العقول.

    وكان لإعدامه بسبب مبادئه صدى في قلوب الأتباع ولذا يقول الظواهري: باستشهاد سيد قطب اكتسبت كلماته بعدا لم يكتسبه كثير من كلمات غيره، ويذهب كثيرون إلى أن المسلك القمعي للنظام الناصري مع الإخوان دون اكتراث بالأدلة الشرعية هو ما منح القاعدة الفكرية للجماعة رمزية تحتاجها وهكذا صار الموت في سبيل المبدأ ملحمة أسطورية ذات جاذبية لم يدرك كنهها ويتصور آثارها النظام الشمولي العسكري لانعدام أهليته العقيدية، وهكذا صارت كلمات (الشهيد) سيد قطب التي سطرت بدمائه في نظر الشباب المسلم معالم طريق مجيد طويل. فرسان تحت راية نبي ص 14.
    ومن كبار منظري الخوارج في هذا العصر أبي محمد المقدسي فجل مؤلفاته تحمل فكر التكفير والتي يتخذها الأتباع منهجا ومادة دراسية.

    ومن أهم الكتب المقدسي هذا: الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية، وكذا ملة إبراهيم وغيرها.

    ومن مجازفات المقدسي التكفيرية قوله: الدنيا كلها اليوم دار كفر ولا أستثني من ذلك حتى مكة والمدينة. ثمرات الجهاد ص 14.

    وأيضا تكفيره لحكام المسلمين بقوله: إن كفر هذه الحكومات سواء كان أصليا أم كفر ردة فهو شر من كفر اليهود والنصارى.

    رسالة: سيذكر من يخشى ص4.

    ولم يكتف المقدسي بتكفير الحكام بل كفر علماء المسلمين ومن أجلهم الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله.

    راجع مجلة العصر الإلكترونية ص 17

    ومن منظري الفكر التكفيري أيضا:
    أبو قتادة الفلسطيني وكذا أيمن الظواهري وأبو يحيى الليبي وهاني السباعي وغثاء كثير غيرهم.

    وأقوال هؤلاء المنظرين التكفيرية مبثوثة في كتبهم وتسجيلاتهم الصوتية والمرئية ولو أخذنا بسردها لاسود القلب ولطال الدرب، فحسبنا هذا القرف!..

    ومن أفضل من جمع أقوالهم وضلالهم وعراهم وفضحهم الشيخ إبراهيم صالح المحيميد في كتابه النفيس:

    القصة الكاملة لخوارج عصرنا‫.

    أما الرافضة أخزاهم الله فإنهم لم يتورعوا عن تكفير خير القرون وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فكيف سيتورعون عن تكفير من بعدهم من القرون؟!

    وهنا نذر يسير مما قالوه في تكفير عموم المسلمين ما يكفي لإلصاق تهمة التكفير بهم أكثر من غيرهم ولنعلم من التكفيري: أهل السنة أم الرافضة!؟

    يقول علامتهم المجلسي: إن من لم يقل بكفر المخالف، فهو كافر أو قريب من الكافر.

    المصدر: بحار الأنوار (281/65)

    فانظر إلى إطلاق حكم الكفر على كل مخالف لهم دون اعتبار حاله أو مقاله، والمقصود بالمخالف عندهم هو السني فقط دون غيره من المخالفين!

    ويقول يوسف البحراني:

    إن الأخبار المستفيضة بل المتواترة دالة على كفر المخالف غير المستضعف ونصبه ونجاسته.

    المصدر:الحدائق الناضرة (177/5)

    ويقول الخوئي:

    والأظهر أن الناصب في حكم الكافر، وإن كان مظهرًا للشهادتين والاعتقاد بالمعاد.
    المصدر:المسائل المنتخبة (ص 56).

    بل ولم يكتف (علماء) الرافضة في قذف أهل السنة بالكفر فقط بل نقلوا الروايات المكذوبة عن (أئمتهم) في تكفير المخالفين.

    فهذا علامتهم الكليني يروي بسنده عن إمامه (الباقر) قال: إن الله عز وجل نصب عليا عليه السلام علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالا. المصدر: الكافي (1/437).

    فالتكفير عند الرافضة عقيدة راسخة في المذهب ألصقوها بالأئمة الأطهار الذين حذروا أشد التحذير من الغلو والتنطع والتكفير.

    ومن أعظم الإفك الصراح والكذب البواح تكفير الرافضة للصحابة رضوان الله عليهم، والذين أثنى الله تعالى عليهم في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.

    ومن أقوالهم الشنيعة في ذلك ما رواه الكليني عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة! الروضة 245/8

    يقول المجلسي:

    لا مجال لعاقل أن يشك في كفر عمر، فلعنة الله ورسوله عليه، وعلى كل من اعتبره مسلما، وعلى كل من يكف عن لعنه. المصدر: جلاء العيون ص 45 .

    ولم يعد التكفير ذلك الحكم الشرعي ذي الضوابط والشروط والموانع، بل أصبح تهمة جاهزة في دين الشيعة تقذفه في وجه كل من يهدد كيانها.

    وقد كفر (علماء) الرافضة الأئمة الأربعة رحمهم الله ومن أقوالهم الفاجرة قول محمد الرضوي: ولو أن أدعياء الإسلام والسنة أحبوا أهل البيت عليهم السلام لاتبعوهم، ولما أخذوا أحكام دينهم عن المنحرفين عنهم، كأبي حنيفة والشافعي، ومالك وابن حنبل.

    المصدر: كذبوا على الشيعة ص279.

    ويقول محمد الكشي عن الإمام أحمد رحمه الله:

    جاهل شديد النصب، يستعمل الحياكة، لا يعد من الفقهاء نقله عنه البيضاني في الصراط المستقيم 3/223.

    وجاء في الكافي (46/1) قال أبو موسى: لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي وقلت، فانظر شدة حقدهم على أئمة الإسلام وأفاضل الأنام!

    فلا كافر عند الشيعة إلا من خالف نحلتهم الفاسدة ودينهم المحدث، أما من وافَقه منهم، وإن أتى الكفر أو قال به، فيُصنع له العذر تلو العذر.

    وهذا يسير من كثير وقل من وفير وإلا فمراحيض أفواههم طافحة بالتكفير، ومواخير صدورهم تعج بالازدراء والتنفير.

    ولو أردنا أن ننقل القيء الذي يخرج من كتبهم والروائح التي تنبعث من ألسنة علمائهم ومعمميهم لطال بنا الحال، ولاتسع علينا المقال فحسبنا هذا!

    ومن هنا تعلم أيها الحبيب الفرق بين أهل السنة والجماعة وبين مخالفيهم في مسألة التكفير.

    فأهل السنة إذا حكموا بالكفر حكموا بالعلم والحجة والدليل، وأهل الباطل على خلاف ذلك.. جهل وهوى وقلة دين وديانة.

    أهل السنة ضبطوا مسألة التكفير بضوابط رصينة ووضعوا لها شروطا وقواعد متينة، أما أهل الباطل فباعثهم على التكفير الهوى والحقد والتقليد الأعمى.. أهل السنة يتورعون ويحتاطون في التكفير، فلا يحكمون على معين حتى يقيموا عليه الحجة ويزيلوا عنه المانع.. أما أهل الباطل فالحكم عندهم أهون من شرب الماء وأسرع من لفظ حروف الهجاء لا يتورعون ولا يحتاطون، فباعثهم البغض القائم على الكذب المحض.


    *يوسف علاونه*
    twitter: @yousefalalawna
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام