• بين الكليجة والكلاج وحايل والقصيم!


    بقلم : يوسف علاونه أحد أهم عناصر القوة التي يتمتع بها الوطن السعودي المبارك في مواجهته مع دولة الشرك واللطم والتطبير والولي السفيه، أنه وطن متجانس ومن دون فسيفساء صالحة للتقسيم والانشطار، حتى لتصبح الدهشة ‏واجبة من السلوك الإيراني العامل على تشظية وخلخلة استقرار وتقسيم البلاد العربية وعلى رأسها السعودية بينما إيران ذاتها قائمة على مرجل يغلي من عوامل التجزئ كونها بلد محتل من أقلية فارسية متمجسة بالأحلام الكسروية البائدة، والتي مزقها العرب بالدين الإسلامي العظيم، ذلك أن إيران بلد غالبيته العددية تركية أذرية (نحو 40%) لهم لغتهم الخاصة، وموروثهم الخاص ومعهم الكرد (نحو 10%) ومثلهم العرب وأقل قليلا البلوش واللور وغيرهم من القوميات والطوائف والإثنيات، حيث يثير نظام الملالي المسألة الطائفية باستمرار ويجعلها جوهر سياساته لأنها الأمر الوحيد الذي يلم أشتات هذا البلد المفبرك استعماريا في حقبة سايكس بيكو.

    هذا الوضع تمثلناه ونحن نتداول على مدى عدة أعوام طرفة لذيذة عن حلواء سعودية لها اسم قريب (أشقائي) الهيأة لحلوى أردسطينية تسمى (الكلاج) لكن الفارق بين الصنفين كبير!
    فالكلاج هو حلوى محشية على طريقة البقلاوة يتكون من أرغفة كبيرة من رقائق الخبز التي تُخبز على (الصاج) في جو وطقس احتفالي للنساء في مواسم الصيف حيث تجتمع العوائل بينما انتهى موسم حصاد القمح وقطف اللوز وتكسيره فصار أهم ما يلزم الكلاج متوافرا في بيوت الفلاحين.

    وبما أنه موسم زواج حيث الحصاد وخير الأرض، فإن من طقوس الكلاج الفولكلورية وربما الأسطورية أن يجتمع من النساء ثلاث حول نار الحطب التي يعلوها اللوح الحديدي اللازم للخبز، فتقوم واحدة بـ (طبع) العجين الرخو على الصاجة فتنضج خلال وقت قصير، فتقوم المرأتان الأخريان على الجانبين بـ (قلع) الرغيف الرقيق ووضعه جانبا بينما المرأة الأولى تبدأ عملية (طبع) جديدة وهكذا حتى تنتهي الكمية المطلوبة، أما المسألة الفولكلورية التراثية فهي أن أحد بنات العائلة في سن الزواج تجلس حول السيدات العاملات على عملية الخبز ولكن من دون أن تفعل ما هو أكثر من المساعدة، فإذا (بطت) عملية الخبز كان ذلك دليل (حظها) الطيب وأنها مقبلة على الزواج.. وأن عريسا سيقف على الباب خلال وقت قصير!

    بعد ذلك تدهن الصواني بالسمن البلدي ويخلط اللوز المطحون بالقرفة وماء الورد وتفرش الأرغفة ثم يرش اللوز في طبقة ويغطى بمزيد من الخبز ثم يشوى المكون (الكلاج) على الحطب، ويقلب حتى يصبح محمرا وناضجا من الجانبين ثم يسكب عليه القطر وهو سكر للفقراء وعسل للأغنياء ويقدم ساخنا وباردا.

    الكليجة لها طريقة مختلفة فهي طحين قمح وسمن وخميرة وبهارات حلو ويفضل أن تعجن بماء التمر وتحشى بالتمر فهي تشبه المعمول المنتشر في كافة البلاد العربية.

    لكن أجمل وأطيب الكليجة يأتي من بلاد نجد السعودية وهي منتشرة حاليا وجرى تصعيدها كموروث سعودي يحتل مكانه في المهرجانات والاحتفالات التراثية وصار كثير من الحجاج يحرصون على إحضارها من الديار المقدسة.

    والعرب عموما تفخر بنجد ولها فيها هوى يتصل بالشعر والشعراء وقصص الحب الأسطورية العظيمة التي لها محلها بالموروث الأدبي العربي.

    والعمران والخضرة في هذه البلاد من موجبات ودواعي التفاؤل، ونحن كعرب لنا حبل سري مع نجد ففيها قصص الشهامة والحب العذري وطهارة القلوب ولهذا يهز وجداننا تمجيدها والفخر بها.. على أن نجدا ليست بلدا واحدا مما يحتمل معها وجود خصوصيات وأحيانا حساسيات لها صلة بالتاريخ وطبائع الناس وهو أمر عادي جدا في كل بيئة مجتمعية.

    ومنذ أيام بعد عودتي من الحج ذهبنا إلى عزاء في والدة عزيز، وفي خيمة العزاء كانت مساجلات ومماحكات طريفة بين المعارف في بلدان ربما لم يسمع بها أحدكم!

    ‏تمازح القوم من العاصمة أهي (جبع) أم (ميثلون) أم (عنزة) أم (برقة) أم (السيلة) وقرى أخرى كثيرة تقع كلها في مساحة أقل من 10 كم في 10 كم مربع!

    أما أصل القصة التي تثير عاصفة من التغريد فهي أن الإعلامي المعروف ماضي الخميس اتصل بي منذ سنتين أو ثلاث من الرياض وكان بيني وبينه قصة عن (الكلاج) ووصفته وقال: "بو علي هنا بالسعودية كليجة فهل ترغب بها!؟" فقلت هات!.. فإذا به يحضر كمية لا تكفي دار وأهل يوسف علاونة فقط وإنما تكفي الحي بحاله .. فإذا بها لا علاقة لها بـ (الكلاج)!

    وقد أكل الناس جميعا من كليجة السعودية, ثم دار نقاش وسجال من أين نبتت هذه الحلوى الجميلة، التي لا تحدث أثرا على اليد وتؤكل وقوفا وجلوسا ومشيا أو سكونا!؟.. فقال قوم إنها من القصيم وقال قوم إنها من حايل!.. فرأيت في ذلك انقساما عميقا في الدولة والمجتمع السعودي يستدعي الثورة!.. وقررت أن أبشر إيران وبهايم إيران بهذا التطور الخطير.

    فالسعودية تتشظى!.. الكليجة قصيمية أو حايلية!

    يا للهول!

    والمعلوم أنه ليس في السعودية كما دولة اللطم المجوسي عرب وفرس وأذريون وأكراد وبلوش ولور ووو الخ.. لكن فيها قوميات كليجية!

    وفي كل مناسبة كان ينشب في حلقي من المتابعين خصوصا المكيودات من الحريم: يا أبو علي الكليجة من القصيم!.. يا أبو علي الكليجة من حايل!

    أما أنا فكنت أشتغل على لغم تاريخي لا يفهمه الأعاجم وخصوصا المجوس، ففي التاريخ فإن كلا من القصيم وحايل واليمامة والرياض واحد.. إنها نجد العري!

    ثم جاء ذكر الخميعة!.. فتصدى أبناء قبيلة عنزة وتبين أن لقبيلة شمر حصة في الخميعة!.. فسرنا هذا الحال وشجعنا المجوس على تعزيز الانقسامات السعودية!

    أخيرا وفي يوم الملحمة الكبرى حيث #حراك_15_تلحس_بعضك الذي بنى عليه قمامات حلف أعداء السعودية الآمال وقعت مني الغلطة الكبرى الإثنية الطائفية!.. فصورت هدية وردتني من سيدة سعودية فاضلة من جدة (لاحظ أنها لا من القصيم ولا من حايل) وكتبت جاهلا ومعلقا يا أيها القصمان الكليجة طلعت من عنيزة!

    وفاتني لجهلي أو استعمى علي أن عنيزة من القصيم وكذا مدن وقرى وبلدات أخرى ليتحول الأمر إلى هذا النقاش الجميل!

    البهايم يحلمون بخلخلة السعودية
    والسعوديون غارقون في خيالات نجد وحلاوات الكليجة!

    اللهم لك الحمد والشكر.. واللهم عافنا من بلاءات المجوس وبهايمهم!


    *يوسف علاونه*
    twitter: @yousefalalawna
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام