• بين بني أمية والسعودية.. والشعوبيون وإيران وتركية


    بقلم : يوسف علاونه ‏مقالي هذا موجه للشباب العربي العزيز، المعجب بتركية والذي لا يعرف تاريخ الإسلام عندما يحكم المسلمين العرب.. ويكون غيرهم أشقاء مساهمين على قدم وساق ولكن ليس في مركز القيادة وإنما على أجنابها نظرا لأهمية القرآن العربي والموروث العربي الذي يمثله الصحابة الكرام الذين زكاهم الرسول العربي صلى الله عليه وسلم فحملوا الإسلام إلى حيث أمكنهم وأقاموا دولته الأصيلة ليستشهد في مهامها وواجباتها نحو 80% منهم ويكمل المهمة تابعوهم على خير وجه، جزاهم الله عن دينه كل خير.

    وسأركز الحديث على عرب عظماء وكراما يبغضهم (بهايم) إيران، لأبين فضلهم ودورهم الهائل في انتشار الإسلام، ألا وهم بنو أمية أعز الله سيرتهم، والذين نجح الروافض والشعوبيون في تشويه صورتهم وسيرتهم وركبوا الصراع العباسي - الأموي عبر أكذوبة حب أهل البيت للطعن بهم، وقصدهم الطعن بكل العرب.

    واستمر هذا الطعن في ظل الدولة العباسية إذ ما كان بنو العباس في وارد الدفاع عن غرمائهم، ومنافسيهم، حيث عزز ذلك وجود الدولة الأموية الزاهرة في الأندلس، والتي ظلت تمثل تهديدا لدولة بني العباس كونها تمتلك (شرعية) استعادة سلطتها على دولة هي من أسسها وتغلغل فيها عبر العباسيين الفرس والترك، واستمر هذا الحال طوال الحقب العباسية، فكانت النهاية مأساوية بتسليم رقاب الأمة للخونة المجوس (ابن العلقمي) فكان سقوط الخلافة على يد المغول.

    فلما حكم الأمة العثمانيون الأتراك آخذين الولاية من المماليك، وتجدد التنافس بينهم وبين المجوس الصفويين ازداد انطفاء العرب ورموزهم الأمويين، فلم يكن العثمانيين كطرف غير عربي في وارد إزالة الشبهات والأكاذيب التي استقرت في كتب التاريخ وفي الوجدان حول بني أمية.

    وكان السلطان التركي - خصوصا - في الحقب الأخيرة يتذرع بمواجهة كل تمرد بأنه الولي الشرعي للأمة مع استمرار سياسة قهر العرب ومحاربة لغتهم وثقافتهم وتحجيم دورهم.

    وهكذا حوربت لغة القرآن لصالح التركية وكان السلاطين الرشداء عند رغبتهم باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية يُواجهون بالقول: لن يبقى شيء للترك!.

    ومع الوقت تراكمت العنصرية التركية ضد العرب وتحول الحال إلى ما يشبه الاستعمار ومن سوء الحظ أن هذا فرض نفسه على كافة الحركات الانفصالية فاتخذت الشكل (القومي والوطني) ما كان يسهل مهمة الأستانة في التصدي لها وإخمادها باستثناء الحركة الوهابية التي مثلتها الدول السعودية الأولى،

    فآل سعود عبر الدولتين الأولى والثانية لم يكونوا ينطلقون من المسألة القومية والوطنية وإنما يتحدثون في صلب الدين الذي زاغ عنه بنو عثمان فأبطلوا لهؤلاء مزاعم (الدفاع عن حومة الإسلام) وعن (دار الخلافة) وعن (خليفة المسلمين) ما يفسر الحساسية التاريخية التركية تجاه السعودية، كدولة إسلامية عربية، والتي ترجمتها حرب شنتها الأستانة ضد آل سعود مباشرة، أو عبر ولاية محمد علي في مصر، وهذا يفسر استمرار حساسية تركية نراها حاليا ضد أي دور قائد للسعودية.

    ونحن - كمراقبين - لا نرغب بأي نوع من الصراع والتنافس بين العرب والترك أو بين السعودية وتركية تحديدا، بل نرجو موقفا موحدا ضد العدوان المجوسي على الأمة والذي واضح أنه يستهدف بلد الحرمين الشريفين كمحطة ختامية، ثم سيستهدف تركية دون أي شك بعد ذلك، أو عند هزيمة السعودية لا سمح الله، لكن الذي نراه رأي العين هو أن تركية (الإردوغانية) تراوغ وتمارس دورا انتهازيا لا يريد انتصار السعودية في مواجهة إيران ما يعني استمرار حالة ضعف وتمزق العرب، ليكون ذلك طريق تركية الممهد لاستعادة ولايتها وصدارتها للأمة، بأوهام الخلافة العثمانية وعبر النهضة التنموية الحالية.

    وقد ترجم هذا الموقف التركي الداعم لما يسمى (الربيع العربي) الذي دمر معظم بلادنا، وسياسة احتضان جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الجسر الذي ستعبر عليه تركية الإردوغانية لقيادة المنطقة وصدارتها ودونما اكتراث بالأحلام والتطلعات العربية فليس من أحد ضد القومية العربية كجماعة الإخوان المسلمين باعتبارها (القومية) لوثة عصبوية عنصرية، وبنفس الحدة التي ناهض فيها غريمها النظام الناصري (جمال عبدالناصر) الإسلام فوصمه بالرجعية والتخلف!..

    واليوم تجد الطموحات التركية بوجهها بلدا عربيا يعلي من شأن الإسلام ويعتز بأصله وانتمائه ويحتضن الحرمين الشريفين وتقوده زعامة تاريخية ثقيلة، فرأينا النزق السياسي التركي يكشف عن وجهه سافرا بعد مرحلة متلونة، فالزعيم التركي حرص على عدم حضور قمة الرياض الإسلامية الأميركية لأنها عَنَتْ وبكل بساطة وصراحة أن السعودية أثقل وأهم من تركية عالميا واستراتيجيا ومن الناحية (الجيوسياسية) والأهم من كل ذلك أنها عربية.

    وشهدنا هذا النزق التركي المتماهي مع محور طهران المجوسي من خلال التداخل التركي مع الأزمة الخليجية القطرية، فتركية تأخذ الجانب الآخر الذي لا أمل ولا فرصة أمامه بالنجاح والفوز وإنما هو سبيل (ممانعة) هدفه وجل إرادته تصعيب الطريق أمام القيادة والريادة السعودية العاملة على هزيمة المشروع الإيراني.

    هنا أعود لما بدأت من محاولة متواضعة لإنصاف بني أمية والذي نرى السعوديين اليوم يحاولون استعادة دورهم ضد الشعوبية المنحرفة بقيادة إيران، وهنا أقتبس من الإمام الكبير ابن كثير رحمه الله "كانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية، ليس لهم شغل الا ذلك، وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا، لا يتوجه المسلمون إلى قطرٌ من الأقطار إلا أخذوه"*
    * المصدر: البداية والنهاية

    وإذا حاولنا الإلمام ببعض مساهمات بني أمية التاريخية فسيكون ذلك عبر ترجمات سريعة لأهم شخوصهم فمن بني أمية عثمان بن عفان رضي الله عنه، صهر الرسول الذي تستحي منه الملائكة، ذو النورين وصاحب بئر رومة ومجهز جيش العسرة، وأمير المؤمنين وجامع القرآن الكريم والشهيد الكبير قضى مظلوما على يد أول خوارج بتاريخ الإسلام.

    ومن أمية أم المؤمنين أم حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنهما، ويكفيها ما نقلت لنا من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، المطهرة من الرجس مع أمهات المؤمنين كما يقول الله في سورة الأحزاب.

    ومن أمية أبو سفيان بن حرب الذي نال شرفا أهداه له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أعظم الفتوح بأن جعل داره سببا للأمان: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن).

    ومن أمية الصحابي الداهية معاوية بن أبي سفيان كاتب الوحي من صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقلا عن رسول السماء جبريل عليه السلام.

    ومن أمية يزيد ابن أبي سفيان الشهيد في فتوح الشام وواليها الأول كان من أشد وأشجع فرسان معركة اليرموك مع والده وأشقائه، ويزيد هو فاتح لبنان (اليوم) وما حولها ومن أمية أيضا عبد الله بن سعيد بن العاص أحد شهداء بدر الأربعة عشر فهو ليس بدريا فقط وإنما من شهداء بدر.

    ومن أمية أمير المؤمنين يزيد بن معاوية قائد أول جيش يغزو القسطنطينية (مدينة قيصر) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له).. ومنهم خالد بن يزيد مكتشف علم الكيمياء، وفاتح الشمال الإفريقي عقبة بن نافع رحمه الله.

    ومنهم الخليفة الزاهد العادل عمر بن عبد العزيز، فاض الخير خلال عام ونصف فقط من عهده القصير، ولم يجد بيت المال محتاجا للصدقة، حتى أنه أمر الناس بنثر القمح على رؤوس الجبال طعاما للطيور.

    ومن أمية باني قبة الصخرة عبد الملك بن مروان الشهير بالفقه والعلم والعبادة وأحد فقهاء المدينة الأربعة الكبار في زمانه.. ومنهم ابنه مهندس الدولة الوليد بن عبدالملك كان بناءً ماهرا ليغطي بذلك على أعجمية في لسانه لم ينفع معها المعلمون من أهل اللغة!.. ما يعني أن الحاكم ليس ضروريا أن يكون فصيحا للغاية حتى يكون صاحب منجزات لأمته.. فقد بنى الوليد ووسع معظم المساجد الإسلامي الكبرى

    وفوق نهمه بالبناء فتح بوابة الأندلس والهند وبلاد الترك وغزا الروم مرات في عهد أبيه ومما يروى رغم لحنه أنه ختم في رمضان سبع عشرة ختمة.

    فالأمويون فتحوا الأندلس وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا ومعظم القفقاس (القوقاز) وتركيا وأفغانستان وباكستان والهند وبلاد الأوزبك (أوزبكستان) وتركمانستان وبلاد القزق (كازخستان)، وتركمانستان وبلاد القزق (كازخستان) وغيرها.. والأمويون ما وضعوا حدودا للدولة وإنما حدودهم حيث حوافر خيولهم فلم يعتمدوا نظام الحصون والقلاع!.

    فأول من أدخل الإسلام إلى القارة الأوروبية كانوا الأمويين وسيطروا على جنوب فرنسة (الفرنجة) كما نشروا رسل الدعوة للإسلام كل أصقاع الأرض.

    وكان الناجي الوحيد من مقتلة بني أمية على يد العباسيين بعون من الفرس عبد الرحمن الداخل الأموي من أعظم ملوك الأرض، أعاد بناء الأندلس وأنقذها من حدود الانهيار، حتى صارت أحد أهم حواضر الدنيا عواصم ومدنا عامرة بالجامعات فكانت هي الملهم للنهضة الأوروبية.

    وقد وصلت رسل الأمويين الى الصينيين الذين اسموهم بـ (أصحاب الملابس البيضاء )، وفي عهدهم انتشر العلم وساد العدل أرجاء الخلافة، وبدأ جمع الحديث النبوي الشريف وازدهرت علوم الفقه واللغة وتفسير القرآن الكريم وتم تعريب الدواوين وصكت العملة العربية الإسلامية.

    والأمويون أول من بنى أسطولا إسلاميا في التاريخ، ووصلت الخلافة الإسلامية في عهد الوليد بن عبد الملك إلى أكبر إتساع لها في التاريخ الإسلامي، فكان الآذان في العهد الأموي يرفع في جبال الهملايا في الصين وفي أدغال افريقية وفي أحراش الهند وعند حصون القسطنطينية وعلى أبواب باريس وفي مرتفعات البرتغال وعلى شواطئ بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) وفي سهول جورجيا، وسواحل قبرص وترفرف على القلاع رايات بيضاء مكتوب عليها (لا اله الا الله محمدٌ رسول الله)، هي رايات بني أمية.

    لهذا فقط تطعن المجوسية عبر الدولة الإيرانية المعاصرة وعبر كل قوماتها الكئيبة ببني أمية، وكذا يفعل البهائم (بهايم) إيران.

    جزى الله بني أمية خيرا عن كل ما قدموه للإسلام.. وأعان الله آل سعود وسددهم ليكونوا على طريقهم محتذين بأفعالهم الحميدة.

    *يوسف علاونه*
    twitter: @yousef3alawna
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام