• مِنَ الواقع العربي


    بقلم : الطيب لعزب إنَّ علاقة الشعوب بالأوطان ، تَرْسُمُهَا وتُرَسِّمُها أوجه كثيرة من التفاعلات اليومية مع بعضها، وكذلك مسارات الحركة الطبيعية ، و متطلبات الضرورة وما توفره مصالح الخدمات لتلبية ذلك ، و أيضا مجموع الإتصالات المختلفة مع الإدارات والهيئات و غيرها.

    وإن الشعور بالإنتماء إلى وطن من الأوطان ، هو فضاء نفسي دافع ، يدعو إلى الإهتمام والذود عن الأرض والأمة والشعب .

    ولعل محبة الوطن دوما تُعد من أسمى العواطف، التي تُعبر عن الرجاء الكبير ، لعلو صرح البلد ، و التمني له كل الخير وسط ما يملكه من ثروات ومكتسبات تستوجب من المواطن الغيور على وطنه والمحب له الحفاظ عليها وتنميتها والسعي بما تحقق له من أجل نفع المجموعة الوطنية قاطبة .

    فالمواطنة هي في أعلى مراتب الإنتماء الفعلي ، والحقيقي ، لأنها تمتزج مع المشاعر وكذا تظهر وتتجلى مع العمل ، لتعطي أُكُلَها للبلاد وللمواطنين والمواطنات .

    وإن الواقع الخاص أو الواقع العام للأوطان والشعوب ، له أثر كبير على الوجدان قبل أن يكون له أثر على الأعمال والنشاطات البشرية المختلفة .

    فالنمو والإستثمار يحتاج إلى أرضية مستقرة وهادئة ، لكي يرسم كل واحد منهما طريقه أو يعمل على تحسينها ، أو يقوم بتطويرها من أجل إنتاجية أهم و قوية نافعة، ومثمرة أكثر بكثير .

    واليوم والعالم يعيش مع كل لحظة وثانية ودقيقة جديدا مختلفا – على الأقل عن سابقه - ، نرى عالمنا العربي غير بعيد عن هذا التأثير المباشر أو غير مباشر ، و غير بعيد كذلك عن التحولات التي تمر بها البلدان هنا وهناك .

    إن الحركة دائما تُشَكِّل جديدا ، كما أن البقاء على نفس الحال في كل الأحوال يدعو إلى التأخر ، أو بالأحرى يقف عائقا في تجاه التطور المطلوب أو المرغوب ، والتنمية المستمرة والمتواصلة تخلق – إن صح التعبير – عالما جديدا من الفُرص التي لم تكن ممكنة من قبل ، والشراكة والتعاون يحققان المنفعة المتبادلة وخاصة ماكان منها على أساس عادل ومنصف .

    وإن العالم اليوم يتجه إلى التكتل والتحالف ليكون على شكل بناء مرصوص، فنرى دولا تتقوى بالترابط أكثر من العمل وحدها ، وصفوفا من الشعوب تجتمع جهودها من أجل مجدها ومجد أبئائها .

    " إن الإختلاف في الرأي لا يُفسدُ للوِّدِ قضية" كما يقال ، ولذلك المطلوب نحن العرب أن نفهم هذا الدرس التاريخي الذي يتكرر عبر الزمان والأجيال .

    فواقعنا يحتاج إلى نظر عميق في وضعنا وأوضاعنا المختلفة ، مع الإحترام والعناية للجهود المبذولة ،التي مررنا بها جميعا في أصعب الأوقات منذ الحركات التحررية، ودحرنا للإستعمار، خارج المنطقة العربية .

    فلا نريد بأي حال من الأحوال أن يعود المستعمر من النافذة أو الفجوة التي قد نغفل عنها ، عند الإهتمام والبقاء عند الخلافات التي قد تكون بين الأشقاء ، الذين تجمعهم الهوية اللغوية والدينية والأصول المشتركة و التاريخ والمصير المشترك كذلك .

    إن العمل على التقارب بالحوار سيُخفف من غيوم الإختلاف ، وقد يُبددها ، وإن التعاون الصادق سيريح القلوب ، وروح المبادرة بمد يد الأخ لأخية ، ستغير المشاعر إلى الأفضل ، و تملأ العيون بشرى، و تشرح الصدور ، في زمن نحتاج إلى الصف الواحد ، من أجل الخروج من الأزمات ، وضمن مجالات الوحدة و العمل العربي المشترك ، الذي يتحقق – بإذنه تعالى- بتفهم طبيعة المشكلات ومصدرها وما يحيط بها من أعين - حين الغفلة - تريد الظفر بمكتسباتنا العربية ، و كذا تقويض نضالات شعوبنا بالأمس واليوم التي سعت وكافحت من أجل العيش في أمان و إطمئنان يُكسب أوطانها مزيدا من الثقة بغد مزدهر وزاهر.

    لذا يجب علينا جميعا الوعي كل الوعي بأن " صلح خير" ،و المصالحة العربية حل حقيقي مريح للأطراف الأشقاء ، والجلوس معا ، يقرب المسافات ، ويرافق ويوافق النية الحسنة "التي تريد اصلاحا"، وهذا بتغليب لغة الحكمة، وفتح أبواب المصالحة العربية - العربية في أولى الدرجات ، دون نكران المساعي الطيبة من الأصدقاء و المجموعة الإنسانية الساعية إلى لَـمِّ الشمل ، دون مزايدات غير مقبولة أو تدخلات في الشؤون الداخلية للبلاد ، وإن هذا التقارب سيُهون من ثُقل الأزمة، ويعمل على إنهائها، بإيجاد طريقٍ ومخرجٍ قريبا لها يُرضي الجميع ومن أجل خير الجميع .

    *بقلم: الطيب لعزب*
    fb.com/mail.tayeb
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام