• النَّشَاطُ السَّمعِي البَصَرِي و رَفْعُ تَحَدِيَّاتِ الإِبدَاعِ الوَطَني


    بقلم : الطيب لعزب إنَّ المتأمل اليوم في المكتسبات التي حققها العالم العربي في ميدان الإعلام الوطني، من بدايات الأمس التحررية وإيمانه بقضاياه العادلة ،يؤكد بما لاشك فيه صورا وأصوات لأفكار،وعزائم،وجهود،وتضحيات كبرى من أجل بناء الدولة الوطنية .

    هذه الدولة الوطنية التي رأت غداة الإستقلال أن "الإعلام قطاع استراتيجي يمثل السيادة"، بعد محاولات المحتل بالأمس كتم حقوق الشعوب ،وإشاعة الباطل عنها،و تقويض وحدتها ، بسعيه لفصل عدالة هذه القضايا العادلة من الضمائر الإنسانية الحية،وظن هيمنته الإعلامية الاستعمارية الواهمة التي استعملت وسائل الدعاية والترويج المغرض،لإشاعة أن المطالبين بحقوقهم والمدافعين عنها "خارجون عن القانون".

    وهذا بلا أدنى شك ظلم حاول المستعمر ترسيخه في الأذهان والقلوب مع التذكير هنا أن:" أجهزة الإعلام الثقيلة المتمثلة في التلفزة والإذاعة هي كذلك الصوت المسموع في العالم" الذي يلزمها اليوم وغدا"الإسهام في ترسيخ الهوية والوحدة الوطنية،وفي الآن ذاته تعميم الثقافة والترفيه"، وهذا ما عملت عليه أغلب الدول العربية من خلالها إعلامها، و"لكنها مطالبة فوق ذلك بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي في كنف احترام القواعد الأخلاقية التي تحكم أي نقاش كان".

    وإن سهر الدولة دوما على أن يكون تنفيذ أحكام القوانين المتعلقة بالمجال "السمعي البصري" مشفوعا بدعمها " الإبداع الوطني في الميادين الفنية والأكاديمية والثقافية والتلفزية في ظل احترام التقاليد والقيم الراسخة" في"المجتمع" العربي ،يضيف هو الآخر مكاسبا جديدة لهذا النشاط رفقة مدونة أخلاقية وعلى الخصوص برفع التجريم عن الجنح الصحفية،التي تستوجب -إنصافا- تثمين هذه المكتسبات وتعزيز ترقيتها واستثمارها كتنمية حقيقية للوطن والمواطن.

    ولما كان التعبير عن الرأي "حقا أصيلا من حقوق الإنسان"،وحقا أكيدا فطريا يرتبط" تمام الارتباط بحرية الإنسان في تفكيره،والتفكير في طبيعته نشاط عقلي"،وأن هذا النشاط يولد إبداعا يحدث بتفاعل فكرة أو أفكار،تشترك مع: "حرية الابتكار الفكري والفني والعلمي المضمونة للمواطن".

    فإن الإبداع الوطني يرتبط ارتباطا أوثق بالتنمية الوطنية والمستدامة كذلك،فلا تنمية حقيقية بدون: "إزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان،وتحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية،والاقتصادية،والاجتماعية،والثقافية"،وأنه لا تنمية فعالة "مطمئنة" بدون تفعيل الوعي بتأمين"الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن المضمونة".

    ومن خلال هذا المنحى فإنه من واجب:" الأشخاص المعنويين الذين يستغلون خدمات الاتصال السمعي البصري التابعة للقطاع العمومي،" وكذا القطاع الخاص "وفي إطار احترام المبادئ الديمقراطية المكرسة دستوريا- لدى أغلب الدول العربية-: تشجيع الحوار الديمقراطي وتنمية المبادلات الثقافية بين مختلف مناطق الوطن - والعالم العربي - ،وترقية قيم السلوك الحضاري والتسامح والمواطنة،والمساهمة في تنمية الإبداع الفكري والفني وكذا إثراء المعارف الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقنية،واتخاذ تدابير ملائمة لتسهيل استفادة الأشخاص ذوي العاهات البصرية والعاهات السمعية من البرامج المسموعة والتلفزيونية".

    وكما أن فتح مجال المشاركة الواسعة في مسار البناء الوطني بدفع ورفع تحديات الإبداع الوطني،يُعدُّ ركيزةً حقيقةً للإعتماد على الذات ، وربط اللُّحْمَة كافة، بإنشاء إعلام عربي مشترك، وسوق إعلامية عربية مشتركة ، تشكل بذلك فسيفساء إبداع عربي متعاون، ومتضامن،ومنتج بالدرجة الأولى.

    ولعل العامل البشري التنموي الداخلي ضمن المؤسسات الإعلامية العربية له دور أساسي هام،في كل بصمة إبداع وطني ترسم الصورة المستحقة لأمتنا بين الأمم، باستثمار الخبرات الإعلامية،وتحفيز طاقاتها،وتشجيع السليمة منها،وتنويع تكافؤ الفرص بينها وبين المؤسسات السمعية البصرية المنتمية إليها،والمُشَارَكة عبرها من خلال المهرجانات والمسابقات والجوائز المحلية والوطنية والعربية والدولية،بعرض أعمال المشاركين كأعمال جادة تخدم "صورة أوطاننا العربية "وتؤكد مبادئها السيادية ،وتقوي مكانتها على كافة الأصعد.

    ولما كانت خدمة الوطن واجبا وطنيا أصيلا،وأنها من الرسائل المشرفة كان لابد من مساهمة الحكومات العربية " في تحسيس الهيئات والمواطنين باحترام الحريات الأساسية وحريتي الصحافة والتعبير"، وعند ملاحظة هذه المساهمة الهامة المتعلقة:" بتحسيس الهيئات والمواطنين"، فإنه يتضح أنها تمتد واسعة في هذا المجال،لتصل حتى إلى ذلك المواطن البسيط قبل أن يكون له أي صفة إعلامية،فيُحَسَّسُ باحترام الحريات الأساسية،سواء بالاتصال المباشر أو غير المباشر ،وفتح مجال الحوار معه تحقيقا لأهداف الاتصال العليا التي تحافظ على مصالح البلاد والمواطن وتعمل على ترقيتها،وكذا العلاقات مع الهيئات.

    وعبر هذه "التَّشاركية" بات لزاما علينا اليوم - جميعا- من منطلق المهمة الوطنية النبيلة، تشجيع ورفع تحديات الإبداع الوطني ضمن النشاط السمعي البصري،ومختلف النشاطات الأخرى المصاحبة أو الداعمة للتنمية الوطنية والمستدامة،بفتح المجال الأوسع لتفتق الأفكار والمهارات والخبرات من أبناء وبنات الوطن الواحد والوطن الكبير، رفعا بذلك لمجد بلداننا العربية اليوم وغدا بين محافل وفضاءات العالم ،وبهذا كله ومع تضامننا يدوم بالفعل عز أوطاننا المصحوب بثقتنا ،وإيماننا بقدراتنا ،ومقدراتنا ثم باستمرارية عملنا في إطار وحدتنا، واستشراف تطلعاتنا لصورة عالمنا العربي الذي يستحق بجهدنا الجدارة بين الأمم.
    تعليقات كتابة تعليق

    يرجى كتابة مايظهر في الصورة بشكل دقيق للمتابعة

لمراسلتنا والتواصل معنا
للتسجيل و دخول حسابك
صحيفة سعودية مرخصة من وزارة الثقافة و الإعلام