حركة السحر الجديد !
نشر في 07-07-2017 02:39 PM
عدد المشاهدات: 15946
بقلم : نوف الثنيان
مما يؤلمنا حقيقة ومنذ سنوات دخول كتب مترجمة تروّج لأفكار شركية والحادية تكتسح المكتبات الكبيرة المُعتد بها والتي يرتادها الأغلبية من طلاّب العلم والمعرفة وتسويقها بأسم ( تطوير الذات ),أدّت إلى اختلاط مفاهيم التداوي وتغيّر مفهوم الاستشفاء من القرآن والسنّة النبوية إلى الاستشفاء الذاتي ,وتحويل مسار الدعاء إلى الله بكشف الضرّ إلى تمارين مزعومة وتوكيدات إيجابية بصيغة الحاضر عن طريق الخلوة والتأمل بهدف ترويض العقل الباطن والقدرات الكامنة لتوظيفها في إدارة حياته وتحقيق أمنياته من خلال رفع الذبذبات التي تخاطب خلايا الجسم وتعالج ما قد يكون في تلك الخلايا من أمراض , وكل فكرة لها ذبذبات خاصة بها من منظور إن (طاقة وقوة الإنسان تكمن داخله!) وبحسب قناعتهم إن أحسنَ كيفية استخدامها والتزم بقوانين كونية سخّرها الله للإنسان بتوظيفها لخدمته ,ماعليه إلاّ أن ينوي ويلتزم بتركيز خياله على مايريد لا مالا يريد وترديد عبارات لحفر قناعات في العقل الباطن بأنه أصبح غنياً مثلا او متعافياً أو الخ .. ويكون مستعداً لاستقبال هذا الحدث بالعيش باستمتاع في اللحظة الآنية التي تعجّل من تحقيق تلك الرغبات ,فيحدث على حد قولهم مرحلة الاتحاد مع القوة العظمى والوصول للقدرة الذاتية على شفاء الذات بالتوحّد مع الخالق! وهي مرحلة عليا..قمة التنوير أو الوعي الإنساني التي تؤهله بأن يكون هو الشافي بترويض قدرة الجسم على التصحيح الذاتي من خلال قوة الاستخدام الواعي للنية وذلك بالاعداد الذهني وتوقع العافية فقط بتركيزالصورة الذهنية على لحظة تحقيق الهدف كأمر حتمي بزعِم إنه أمر كاف وكفيل بتحقيق التغير الفيزيائي للجسم ونقل المريض من حالة المرض إلى حالة الشفاء! وهذا مما خلق ارتباك لهم وأتباعهم في فهم معنى الآية الكريمة (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ )"(30)) الإنسان " وايضاً استغلال حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .. كما أن طاقة المكان في قوانينهم تلعب دوراً هاماً في الموائمة بين النية وحصول المراد بوضع أشياء شركية كنافورة ماء مثلاً أو احجار كريمة في اماكن معينة أو لبسها وجعلها سبباً لحدوث الطلب وجلب البركة ( الطاقة الإيجابية) .!! وهذا يعارض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلّق تميمة فلا أتم الله له " وفي رواية من تعلّق تميمة فقد أشرك " وهو اعتقاد النفع والضر فيها الذي يُضعف التوكل على الله , وكأننا عُدنا إلى زمن الجاهلية ! (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زلفى ) 3 الزمر " كانوا يؤمنون بوجود الله ولكن كانوا مشركين باتخاذهم وسائط بينهم وبينه .., وفي حديث عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن. قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف:138] لتركبن سنن من كان قبلكم) رواه الترمذي ..
والمحزن والمبكي إن كثيراً ممن انغمسوا بهذه الأفكار التي أسموها "حركة العصر الجديد" وتبنوها كا أسلوب حياة ,على قدر عالي من الثقافة والتعليم , ولم يقتصر ذلك على الإيمان بتلك النظرية بل قاموا بتعزيز انتشار تلك المفاهيم الخاطئة والخطيرة التي تمس العقيدة والدين الحنيف من خلال توفّر وتعدّد وسائل طرق التواصل الأجتماعي ونقلها والدعوة لها عن طريق اكاديميات ودورات تعلّم تلك الأفكار والقوانين والطقوس الوثنية وتمنح شهادات تدريب من خلالهما والتي تُقام تحت مسميات كثيرة لتطوير نظرة الإنسان لنفسه وأن له مكتسبات في الكون عليه مسئولية كيفية اقتناصها لنيل مطالبه, وهي في الحقيقة ( توريط الذات ) وعلى سبيل المثال لتلك الدورات اختيارها عنواين مضلله ! "الوضوح مع الذات" "قوة النية وبناء الإرادة " "الوصول إلى التصور" "التسليم والشعور بالوفرة" " قوة الوجود " "كيف تصبح غنياً " " حياتك الداخلية " ومايثير الحنق أن المروجين العرب لتلك الأباطيل يستخدمون بعض الأحاديث وتفسير الآيات القرانية بالقياس وربطها بأفكارهم ومعتقداتهم الجديدة بحجة إن ذلك من التقدم والوعي الإنساني وتهميش كتب الصحيحين لبخاري ومسلم , والتقليل من المفسرين المعروفين كأبن كثير والطبري وغيرهم على أنه موروث قديم , حتى أختلط على العامّة واقع الأمر والحقيقة الثابتة وذلك بإلباس الحق بالباطل والتبشير بما لم نسمع أن تحدث عنه نبي أو رسول من قبل في محكم القرآن الكريم أو الأحاديث الصحيحة . , الكارثة أن الترويج لتلك الأفكار مقتبسة حرفياً ومستنسخة من عقائد مُلحدة بينما معتقداتنا موصومة بالنسبة لهم بقلة الوعي لأننا نتبع أقوال السابقين! مع أنَ منهجهم الأليم يعتمد على أديان قديمة تقوم على ترسيخ الإيمان بقابلية الإنسان للتألّه وإنه كُلما أكثر من التأمل والسكون والسلام الداخلي كلما زاد اكتشاف الإنسان لأصله الإلهي الذي يصل من خلاله للكمال المطلق ويرفعه تدريجيا لدرجة الآلة وهي مرتبة التنوير وهي العقيدة التي تبناها كثير من فلاسفة اليونان والعقائد الوضعية البوذية والصينية ..
وقام بالاحتفاء بها وتبجيلها والتبشير بها والترويج لها من بعض المنتسبين إلى الإسلام الذين تأثروا بالفكر الباطني وتمجيده وهم ممن يحملون شهادات عليا وأساتذة أكاديميين وبعض من رجال ودعاة افتتحوا أكاديميات تعتمد على مناهج كتّاب ملحدين نشروها وأضفوا لها قسرا وعنوة وغَصْبًا صفة " العلم " اسموها (علم الطاقة !)
التخبّط والتداخل الذي أُستخدم لتضليل العامّة هو عندما تمت استعارة اصطلاحات طبية ونفسية وفيزيائية علمية صحيحة واقحموها مع آيات قرآنية في رسائلهم المنتشرة والبسوها ثياب الدين والتفسير بالهوى لتتماشى مع وهم الذبذبات( المشاعر ) والملاحظ وخطورة الأمر أن نصب أعينهم تحقيق كل رغبات الإنسان الدنيوية فقط بالأتصال مع الكون المخلوق !,حتى الكنائس المسيحية التي نختلف معها تستهجن حركة العصر الجديد لأنها غير متوافقة مع الدين , ومن باب التحايل في هذا المنهج المزعوم إنه في حال لم تحدث المعجزات التي يرغبها في حياته , يُحال السبب تلقائيا بعدم مشابهة تلك الذبذبات مع ذبذبات الشيء أو الحال المرغوب وإن هنالك خلل في طاقة الأرسال أو الأستقبال للكون وفي النية المراد تحقيقها ! وهذا الاعتقاد تحدّث عنه جيمس فيريزر عالم الأنثروبولوجي في القرن التاسع عشر , يشرح فيه قانونين عن السحر البدائي والذي أسماهما " السحر التعاطفي " بحيث يمكن انتقال تأثير الأشياء بعضها ببعض عن طريق التعاطف الخفي ويلخّص القانوين بأن الشبيه ينتج الشبيه وإن المعلول يشبه علّته وأسماه قانون التشابه والثاني مبدأ استمرار التأثير المتبادل بين الأشياء المتصله حتى بعد انفصال بعضها عن بعض وأسماه قانون الأتصال , وشرحه للفقرة في الكتاب عن أساليب السحر التي مارسها البدائيون قديماً وهو من أول من أسمى تلك الاعتقادات والممارسات ( قانوناً ) الذي يوضح فيه أنه سلوك يبيّن علاقة الإنسان البدائي بالكون , وكل ذلك مما سبق نستنتج أن حركة "السحر" الجديد .. بما فيها من الكفر والشرك من الأساليب العصرية التي ابتكرها الشيطان ليصرفه عن الدعاء حتى يحقق ماتوعّد به لبني آدم ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أخرتن الى يوم الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا )سورة الأسراء
وبعيداً عن تلك الهرطقات تحقيق العبودية والرغبات في الدنيا والآخرة يختصرها الله تعالى في الآية القرآنية الكريمة في سورة العلق ( و اسجد واقترب ) .
Twitter Account: @Noouf_M
هذه الأخطاء تعيق اتمام العملية