المصور: لويس خيني
A G - AFP في مبنى عصري كبير في ضاحية واشنطن، انتهت قبل ايام الجولة الاولى من معركة صامتة لكن محتدمة تتعلق بتقنية ثورية لتغيير المجين، غير أن هذه المبارزة قد تطول كثيرا نظرا الى الرهانات المالية الكبيرة.
ويتواجه في هذه المعركة ثنائي نسائي فرنسي - اميركي هما ايمانويل شاربنتييه وجنيفر دودنا مع الاميركي المتحدر من اصل صيني فينغ جانغ، وهم من نخبة الباحثين الدوليين المتخصصين في "جراحة الجينات".
وأصدر المكتب الاميركي لبراءات الاختراع (يو اس بي تي او) قرارا ايجابيا لمصلحة فريق فينغ جانغ وهو كبير الباحثين في هيئة "برود انستيتيوت" التي نشأت بفعل التعاون بين جامعتي هارفرد و"ماساتشوستس انستيتيوت اوف تكنولوجي" (ام اي تي).
وقد سجل سهم "ايديتاس ميديسين" ارتفاعا كبيرا في البورصة اخيرا. في المقابل، منيت اسهم الشركات التي راهنت على براءات الاختراع لشاربنتييه ودودنا بتراجع كبير.
هذه المواجهة العلمية - الاقتصادية ستكون لها تبعات على عقود تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
وأكد استاذ الحقوق خورخي كونتريراس الخبير في علم الوراثة والملكية الفكرية لوكالة فرانس برس ان "عدم الطعن بالقرار سيكون ضربا من الجنون (بالنسبة للباحثتين). النسبة بين الكلفة والارباح المحتملة تفرض ذلك".
وتتعاون شاربنتييه التي يرد اسمها باستمرار في قائمة العلماء الاوفر حظا لنيل جوائز نوبل، مع معهد "ماكس بلانك انستيتيوت" في برلين وجامعة اوميو السويدية. كذلك فإن دودنا باحثة في جامعة كاليفورنيا في بيركيلي.
وينسب للعالمتين الفضل في ابتكار اداة علمية تعرف بإسم "كريسبر- كاس 9" وهي تمثل بالنسبة لعلم الوراثة ما يشكله تحليل النصوص في فن طباعة الحروف.
- تطبيقات مختلفة -
وقد اثار اكتشافهما الثوري الذي اوردت تفاصيله مجلة "ساينس" العلمية العريقة في حزيران/يونيو 2012، دهشة لدى مجتمع العلماء.
ومع مقصاتهما الوراثية "كريسبر - كاس 9"، يمكن للخبيرة الفرنسية في علم الاحياء الدقيقة والاخصائية الاميركية في الكيمياء الحيوية التلاعب بالمجين بطريقة جراجية من خلال استهداف منطقة محددة في الحمض النووي وتقطيعها او ادخال سلسلة محددة اليها.
وهذا الامر يفتح الطريق امام مجالات لامتناهية للتطبيق في الميادين الصحية والزراعية.
وكانت العالمتان الفرنسية والاميركية قد تقدمتا في ايار/مايو 2012 بطلب استحصال على براءة اختراع من هيئة "يو اس بي تي او" من خلال توصيف استخدام اداة "كريسبر" بواسطة جسيمات بسيطة من نوع البكتيريا.
اما فينغ جانغ فقد طبق من ناحيته اداة "كريسبر" على خلايا من حقيقيات النوى. وقد فتح هذا الابتكار مجال توسيع مروحة التغييرات الوراثية للخلايا البشرية.
هذا الباحث في معهد "برود انستيتيوت" الذي انطلق في بحوثه بعد زميلتيه المذكورتين، تقدم بطلب الحصول على براءة اختراع وفق آلية معجلة اكثر كلفة، وقد حصل اولا في النهاية على هذه البراءة.
من هنا النزاع امام هيئة براءات الاختراع الاميركية بين جامعة كاليفورنيا في بيركيلي ومعهد "برود" على خلفية امال بتحقيق ارباح مالية طائلة مع مخاوف اخلاقية متصلة بعمليات التلاعب الوراثي.
وبعد جلسة استماع في كانون الاول/ديسمبر، اعتبر القضاة في هيئة "يو اس بي تي او" الاربعاء ان براءة الاختراع التي تقدم بها معهد "برود" لا تسبب اي "تداخل" مع الطلب الاكثر شمولا المقدم من جامعة بيركيلي والعالمتين شاربنتييه ودودنا.
غير أن الباحثتين لم تعلنا الهزيمة. فقد قالتا ان "طلبنا الحصول على براءة اختراع بات حرا من التدخل ويمكن تاليا مواصلة المسار الرامي للاستحصال عليها".
- "كرات التنس" -
وقد قللت دودنا من اهمية الفوز الذي حققه فينغ جانغ مع مقارنة مستقاة من عالم الرياضة اذ قالت "هم سيحصلون على براءة اختراع تتعلق بكرات التنس الخضراء. نحن سنحصل على براءة اختراع تشمل كل كرات التنس".
ويؤكد الخبراء ان احتمال تحقق هذه الفرضية وارد.
وأوضح كونتريراس أنه "من الممكن حصول بيركيلي على حقوق واسعة النطاق تشمل كل الاستخدامات لاداة +كريسبر+ في حين قد تحصر الحقوق الممنوحة لمعهد برود بحقيقيات النوى".
وشرح كونتريراس تفصيليا هذا الوضع قائلا "كل شخص يرغب تاليا في الاستعانة بأداة +كريسبر+، على سبيل المثال في الزراعة، سيحتاج لبراءة من بيركيلي. واذا ما كان الامر متعلقا بحقيقيات النوى، فإنه سيحتاج شهادة من بيركيلي وبرود في آن معا".
لكن بحسب الخبير في كلية نيويورك للحقوق جاكوب شيركو، نالت "برود" فعلا الاربعاء حقوقا مدرة لارباح مالية محتملة طائلة ما يسمح باستبعادها الجهات الاخرى من بعض ميادين تطبيق اداة "كريسبر".
هذه الأخطاء تعيق اتمام العملية